< قائمة الدروس

الأستاذ السيد منير الخباز

القواعد الفقیهة

36/12/15

بسم الله الرحمن الرحیم

كان الكلام في تقريب المسألة وهي: مخالفة الاحتياط اللزومي حول تحديد مفهوم العدالة،
وقلنا: ان المستفاد من صحيحة ابن ابي يعفور: هل هو تحديد العدالة بالاستقامة العملية؟ ام تحديد العدالة بالاستقامة النفسانية؟. وقد سبق الكلام بناء على تحديد العدالة بالاستقامة العملية.
وأما اذا قلنا ان المستفاد من صحيحة ابن ابي يعفور: «ان تعرفوه بالستر والعفاف» هو الاستقامة النفسانية. إما بقرينة الروايات الأخرى التي عبّرت بالصفة المشبَّهة، حيث عبّرت: «ان يكون مامونا، ان يكون عفيفاً، ان يكون مرضياً خيّراً» بدعوى: ان ظاهر الصفة لا ينطبق على مجرد الاستقامة العملية وان لم تكن تلك الاستقامة كالخوف من الله عزّ وجلّ.
او بدعوى: ان نفس عنوان الستر وعنوان العفاف عرفا لا يصدق على من اجتنب عما لا يحل لمجرد عزوفه عنه او مجرد عدم لياقته به، وانما يصدق على خصوص من اجتنب عن باعث نفساني. فلأجل ذلك: يقع البحث: في ان العدالة بناء على تحديدها بالاستقامة النفسانية وهي: اجتناب ما لا يحل عن باعث. هل يراد بالباعث الباعث المستمر الذي لا يتخلف؟ او المراد بالباعث الباعث الغالب؟ بمعنى: ان يكون في غالب احواله مجتنبا عمّا لا يحل عن باعث مستمر؟.
الظاهر: هو الثاني، فان من كان في غالب احواله مجتنبا عما لا يحل عن باعث كالخوف من الله فهو خيّر مأمون عفيف معروف بالستر والعفاف، فلا يتوقف صدق العدالة على ان يكون الاجتناب عن باعث مستمر. ولأجل ذلك نقول: ان ارتكاب المعصية آنا ما لا يقدح في العدالة فضلا عن مخالفة الاحتياط اللزومي، فاذا افترضنا انه ارتكب معصية ونسيها، ولم يتعقبها بالتوبة لنسيان او غفلة، لكن المعصية لم تتكرر منه لوجود هذا الباعث النفساني، فان هذا مصداق عرفا للخير والمأمون والمعروف بالستر والعفاف.
ودعوى سيدنا «قده» «ج1، التنقيح، بحث العدالة»: انه لا ريب ومن دون نكير ان من ارتكب المعصية ولو مرة واحدة فهو فاسق وقد خرج عن العدالة، غير واضحة، لا من فتاوى الاصحاب ولا من الروايات حتى يقال بالجزم بفسوقه والخروج عن العدالة من غير نكير.
فالنتيجة: أنّ العدالة ليست لها حقيقة شرعية او متشرعية. وإنما العنوان الوارد في النصوص هو عنوان «العفيف» او «ذا ستر وعفاف»، والمدار في تحديد هذا العنوان على النظر العرفي. والنظر العرفي يرى: ان حد هذا العنوان باستقامة عن باعث غالب، وبناء على ذلك لو فرضنا ان المعصية آناً ما كما افاد: ضائرةٌ بالعدالة فمخالفة بالاحتياط الوجوبي ليست ضائرة بها، فإن مجرد مخالفة الاحتياط الوجوبي في نفسها ليست هادمة لِ «اجتناب ما لا يحل عن باعث نفساني». نعم، الاصرار على مخالفة الاحتياط اللزومي مانع من احراز العدالة وان لم يكن هادما لها، لاننا لا ندري انه اجتنب ما لا يحل ام لا؟
لكن، حيث إنه مستمر في مخالفة الوظيفة العقلية فيكون استمراره مانعا من احراز وجود الباعث النفاسي له، وبالتالي: فهي مانع من احراز العدالة لا انها هادم للعدالة.
والنتيجة في هذا الفرض: عدم ترتيب آثار الفسق لعدم احراز فسقه، وعدم ترتيب آثار العدالة لعدم احراز عدالته.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo