< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیت الله مکارم الشیرازي

32/05/16

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: المحاضرة الاخلاقیة

  جرت عادة شیخنا الاستاذ آیة الله ناصر مکارم الشیرازي دامت برکاته- علی أن یعالج في کل یوم أربعاء و قبل البدء بالبحوث الفقهي قضیة أخلاقیة علی ضوء الأحادیث التي وردت من طریق آل البیت علیهم السلام في الباب.

  و نحن آثرنا أن ننقل نص محاضرته الأخلاقیة للقاریء الکریم تعمیما للفائدة لنکون علی موعد مع قرائنا في ذلک عند کل یوم أربعاء إن شاء الله!

الافتقار الی الناس و الاستغناء عنهم

ح 9: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام يَقُولُ لِيَجْتَمِعْ فِي قَلْبِكَ الِافْتِقَارُ إِلَى النَّاسِ وَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُمْ يَكُونُ افْتِقَارُكَ إِلَيْهِمْ فِي لِينِ كَلَامِكَ وَ حُسْنِ سِيرَتِكَ وَ يَكُونُ اسْتِغْنَاؤُكَ عَنْهُمْ فِي نَزَاهَةِ عِرْضِكَ وَ بَقَاءِ عِزِّكَ. (1)

  إن الامام أمیر المؤمنین علیه السلام في هذه الروایة یقول: علی کل أحد أن یجمع خصلتین في نفسه: احتیاجه الی الناس، و استغناؤه عنهم. ثم فسر ما افاده قائلا: أما أن تکون محتاجا الیهم هو أن تکلمهم بلطف و لین و وداد، و أما أن تکون مستغنیا عنهم هو أن تحافظ علی ماء وجهک و أن لا تهدر عزتک امامهم.

  یقول الامام أمیر المؤمنین علیه السلام في الحکمة 346 من نهج البلاغة: مَاءُ وَجْهِكَ جَامِدٌ يُقْطِرُهُ السُّؤَالُ فَانْظُرْ عِنْدَ مَنْ تُقْطِرُهُ. (2)

  إن کلمة ماء الوجه مرکبة من مفردتین کما هو واضح: الماء ، الوجه. قال بعض المفسرین لنهج البلاغة: حینما یسأل انسان من أحد شیئا یتمالکه الخجل و یحمر وجهه و تتزحلق قطرات العرق علی وجهه، هذا هو ماء الوجه کنایة، و لذلک یقول الامام امیر المؤمنین علیه السلام أن ماء وجهک جامد فلا یراق و لکن عند ما تسأل احدا یراق قطرة قطرة!

  و عن سبب تسمیة إبراهیم علیه السلام بالخلیل ورد في الحدیث: عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ أَحَداً. وَ لَمْ يَسْأَلْ أَحَداً قَطُّ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى. (3)

  و علی کل تقدیر یلزم علی المؤمنین أن یعملوا علی مداراة الناس لأنهم یقاسون مشاکل الحیاة فتثور ثائرتهم أحیانا فیخاطبوننا بلغة عنیفة احیانا فعلینا أن لا نغضب من صنیعهم، و یلزم علینا ایضا أن لا نسأل الناس، و لو اضطررنا الی السؤال فیجب أن لا نسأل الا من کان جدیرا بذلک.

  ینقل عن السید عبد الهادي الشیرازي بأنّ احد المعوزین کان منزعجا جدا مما هو علیه لأنه کان لا یملک دارا فوجّه خطابا للسید ملیئا بالکلمات النابیة و غیر اللائقة طالبا منه أن یمنحه نصف ثمن دار یشتریه! فبعد ما اطلع السید علی ما في الخطاب قال: لو اعطیناه نصف الثمن فمن أین له أن یسدد النصف الآخر؟!

المحاظرة الفقهیة:

عنوان البحث: الاحتیاط في عمرة التمتع عند المواقعة

  وصل بنا البحث في ترک استمتاع النساء في الحج و العمرة الی أنّه للمواقعة في العمرة المفردة ثلاثة آثار: فساد العمرة، استئنافها و وجوب الکفارة، ثم دار الحدیث عن أنّ هذه الآثار تترتب علی المواقعة في عمرة التمتع ایضا ام لا؟ و قد قلنا أنه لا یترتب شیء من ذلک إلا الکفارة!

بقي هنا امور:

الأول: قال السید الماتن: و لکن الأحوط إتمام العمل و استئنافه لو وقع ذلک قبل السعي، و لو ضاق الوقت حج إفرادا.

  و هذا یعني أنه بعد المواقعة علیه أن یتم العمرة ما لم یکن قبل السعي و لو کان قبله علیه الاستئناف، و إن ضاق الوقت فلم یسع لتجدید العمرة من المواقیت علیه أن یبدل نیته من حج التمتع الی حج الإفراد ثم یأتي بعمرة مفردة.

  و هناک احتیاط آخر یقرره السید الماتن و هو أن یأتي بالحج و العمرة من قابل لانه یُحتمل أن یکون الفساد قد تسرب الی الحج ایضا.

ولکن یلاحظ علیه أن الاحتیاط یقتضي أن یصح العمل علی کل تقدیر کما في الجمع بین القصر و الاتمام عند الشک في السفر، او الاتیان بثلاث سلامات في الصلاة عند ما یشک أن الواجب هل هو سلام واحد أم ثلاث.

  و علیه لا یصح الاحتیاط الذي أقرّه السید الماتن لأن وظیفة المکلف في مفروض المسألة هو حج التمتع لا حج الإفراد فیصبح العدول حسب ذلک مخالفا للاحتیاط.

  و بعبارة: لا یصح الاحتیاط هنا لأنه لو کانت العمرة باطلة و الوقت ضیق یلزم العدول إلی حج الافراد کما قال و لکن هناک فرض آخر و هو أن تکون عمرته صحیحة و لا یجب علیه الا الکفارة فلا یلزم علیه حسب هذا الاحتمال أن یعدل إلی الإفراد.

و هنا طریق آخر یمکن تصحیح الاحتیاط به و هو أن ینوي ما في الذمة فیذبح الهدي ثم یأتي بعمرة مفردة، و علی هذا یصح عمله علی کل تقدیر و هو الاحتیاط الصحیح في المقام.

وسائل الشیعة، مجلد 8، آداب العشرة، باب 1 نهج البلاغة، حکمة 346 وسائل الشیعه، کتاب الزکاة، باب الصدقة، باب کراهة المسألة مع الاحتیاج، الحدیث 9

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo