< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیت الله مکارم الشیرازي

32/05/27

بسم الله الرحمن الرحیم

عنوان البحث: إتيان النساء قبل إكمال الطواف

  قد أشرنا في البحث السابق إلى أبي الحسن النخعي في سند الرواية 3، باب 3 من أبواب كفارات الإستمتاع، الصحيح في كنيته -كما في كتب الرجال- هو أبو الحسين النخعي و إسمه أيوب بن نوح، و كان رجلا شريفا، من أصحاب الرضا و الجواد عليهما السلام، و وفقا لبعض الروايات كان من وكلاء الأئمة، و كان قاضيا في الكوفة و لكنّه صحيح الإعتقاد، و قد وردت عنه روايات كثيرة، و قيل أنّ له كبتا و روايات و مسائل، و على أيّ تقدير كان ثقة و كانت علاقته بالأئمة راسخة.

  بعد هذه الملاحظة نقول: كان البحث في الفرع الثالث من فروع المسألة الثانيه من مسائل مواقعة النساء- عن أنّه لو أتى المحرم النساء بعد المشعر و عند طواف النساء عالما عامدا فليس عليه إلّا الكفارة و هي بدنة و بحسب بعض الروايات جزور و الجزور كل ما يصلح لأن يذبح من الإبل.

و الدليل زائدا على الإجماع الذي أدّعي- كانت ثلاثة طوائف من الروايات، دلت الأولى و الثانية منها بالمنطوق و المفهوم على المدّعى، و دلالة الثالثة بالإطلاق المقامي.

توضيح ذلك:

الإطلاق على نحوين:

  فإمّا اطلاق لفظي كما في إطلاق الرقبة حيث لم تقيد بالمؤمنة أو الكافر.

  و إمّا إطلاق مقامي، بمعنى أنّ المولى كان في مقام البيان و كان المقام يقتضي أن يذكر قيدا و لكنّه لم يذكره فيتبين أنّ ذلك القيد لم يكن مرادا و إلّا لذكره و من هنا نكتشف الإطلاق و إن لم يكن لفظ يدلّ عليه. و الإطلاق المقامي أمر عرفي فمثلا عندما يكون الطبيب في مقام كتابة و صفة الدواء للمعالجة و لم يدرج دواءً معينا في الوصفة فالإطلاق المقامي هنا يقتضي أنّ هذا الدواء لم يكن لازما لأنّه لو كان لازما لأدرجه ضرورة أنه في مقام كتابة كل ما له دخل في العلاج فعدم الكتابة يدل على أنّه غير مراد.

  بعد هذه الإنارة نأتي بروايات هذه الطائفة التي تدل على المدعى بالإطلاق المقامي:

  وَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيصِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ وَاقَعَ أَهْلَهُ حِينَ ضَحَّى قَبْلَ أَنْ يَزُورَ الْبَيْتَ قَالَ يُهَرِيقُ دَماً. [1]

  مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَرَّازِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مُحْرِزٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ النِّسَاءِ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ فَخَرَجْتُ إِلَى أَصْحَابِنَا فَأَخْبَرْتُهُمْ فَقَالُوا اتَّقَاكَ هَذَا مُيَسِّرٌ قَدْ سَأَلَهُ عَنْ مِثْلِ مَا سَأَلْتَ فَقَالَ لَهُ عَلَيْكَ بَدَنَةٌ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أَخْبَرْتُ أَصْحَابَنَا بِمَا أَجَبْتَنِي فَقَالُوا اتَّقَاكَ هَذَا مُيَسِّرٌ قَدْ سَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتَ فَقَالَ لَهُ عَلَيْكَ بَدَنَةٌ فَقَالَ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ بَلَغَهُ فَهَلْ بَلَغَكَ قُلْتُ لَا قَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْ‌ءٌ.[2]

  سلمة بن محرز في السند مجهول و باقي رجاله فهم ثقاة.

و أمّا دلالة:

  فيعني بقوله "بلغه"، أنه كان يعرف الحكم فخالف عالما عامدا.

  و بقوله "فهل بلغك"، أنّه هل كنت تعرف الحكم؟

  و الإطلاق المقامي هو أنّ الإمام علیه السلام أجاب على كل واحد بحسبه و لم يتحدّث عن فساد الحج و إتيانه من قابل و إكتفى بذكر الكفارة و هذا هو الإطلاق المقامي أعني سكوته عما سواه.

  و الروايات الأخرى من هذا الباب و هي: 3، 4، 5، 6 و 7 تدلّ على المقصود بهذه الطريقة أي بالإطلاق المقامي.

و أمّا الفرع الرابع: و هو ما إذا واقع المحرم أثناء طواف النساء فمثلاً طاف أشواطاً ثم عرض له عارض فقطع الطواف فواقع ثمّ أكمل الأشواط، فما الحكم حينئذ؟ قال السيد الماتن: "إن كان بعد تجاوزه عن النصف صح و لا كفارة على الأصح".

  يبدو أنّ في المسألة شيء من التعقيد و قد تداخلت المطالب بعضها في بعض فيلزم معالجة ذلك.

الأقوال:

  المحقق في الشرائع: "إن جامع بعد الوقوف بالمشعر و لو قبل أن يطوف طواف النساء أو طاف منه ثلاثة أشواط فما دونه أي دون سبعة أشواط خلافا لما أفاده السيد الماتن- أو جامع في غير الفرج قبل الوقوف، كان حجه صحيحا و عليه بدنة لا غير". [3]

  إنّ قول: "فما دونه" و إن كان المتبادر منه أوّلاً هو دون الثلاثة أشواط و لكن بحكم القرائن و الشواهد فإنّ المراد منه دون سبعة أشواط كما تنبّه إليه صاحب الجواهر فهو يقول:

  "و كذا لا خلاف أجده كما اعترف غير واحد في الثاني أي ثلاثة أشواط فما دون- أيضاّ الذي هو مندرج في ما سمعته من الحسن يعني رواية معاوية بن عمار- إذا المركب و هو سبعة أشواط- لا يتمّ إلّا بجميع أجزائه". [4]

إذن تمسّك صاحب الجواهر بدليلين لإثبات أنّ "ما دونه" في عبارة الشرائع هو ما دون السبعة:

رواية معاوية بن عمار و ستأتي قريبا. المركب و هو طواف النساء الكامل- سبعة أشواط، فالمراد من "ما دونه" هو ما دون السبعة.

و أمّا رواية معاوية بن عمار:

  مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ‌ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ مُتَمَتِّعٍ وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ وَ لَمْ يَزُرْ قَالَ يَنْحَرُ جَزُوراً وَ قَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ ثَلَمَ حَجَّهُ إِنْ كَانَ عَالِماً وَ إِنْ كَانَ جَاهِلًا فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ النِّسَاءِ قَالَ عَلَيْهِ جَزُورٌ سَمِينَةٌ وَ إِنْ كَانَ جَاهِلًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ الْحَدِيثَ.[5]

  فيسأل السائل عن المواقعة "قبل أن يطوف طواف النساء" و هي مطلقة تشمل ما دون السبعة، و بعبارة: المراد من قبل طواف النساء يصدق على ما لو لم تكتمل الأشواط حتى إذا كانت ستة مثلا فالكفارة تثبت حينئذ.

  و أمّا وصف الرواية بالحسنة فهو لورود "علي بن إبراهيم" في سند الراوية حيث لم يرد توثيق فيه في كتب القوم و إن كان ممدوحا، إلّا أنّ الصحيح أنّه لا شك و لا شبهة في وثاقته و إن لم يعبّر عنه بكلمة "ثقة" لأن هناك تعبيرات عنه تفيد أكثر مما تفيده كلمة: "ثقة".

  أعده و كتبه: أكرم النعماني آ. مرداني پور-.

[1] الوسائل/ مجلد 9 (ط الحديثة 13). باب كفارات الإستمتاع. باب 9. ح 2.

[2] المصدر/ باب 10. ح 2.

[3] الشرائع/ ج 1. ص 269.

[4] الجواهر/ ج 20. ص 364.

[5] الوسائل/ مجلد 9 (ط الحديثة 13). باب كفارات الإستمتاع. باب 9. ح 1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo