< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیت الله مکارم الشیرازي

32/06/05

بسم الله الرحمن الرحیم

عنوان البحث: ثمرة النزاع بين كون الفريضة هو الأول أو الثاني، و حكم التقبيل

  كان البحث في المسألة الثانية و قد بقي أمور، قد بحثنا الأمرين الأول و الثاني، و بقي الثالث و هو ثمرة النزاع في الأمر الثاني أعني كون الفريضة هل هي الحج الأول أم الحج الثاني؟

  و قد بحثنا فيما سبق الثمرة الأولى و هي إذا مات الرجل بعد الحج الذي واقع فيه، فإذا قلنا أن الفريضة هي الحج الأول فلا يجب على الورثة إختيار نائب عن الميت لإتيان الحج لأن الثاني كفارة و الكفارة لا تحسب من الميراث. و إذا قلنا أن الفريضة هي الثاني فيجب حينئذ.

و قد ذُكرت ثمرات أخرى منها الصحيح و منها دون ذلك و لنبحثها:

 فقيل أن ثمرة النزاع تظهر في النية لأنه عندما يأتي بالحج من قابل فماذا ينوي؟ هل ينوي حجة الإسلام أم ينوي حج العقوبة؟ فإذا كانت حجة الإسلام يلزم أن ينوي ذلك و إلا فلا.

 و لكن نقول أن هذه الثمرة لا تصح لأن عنوان حجة الإسلام كما أشرنا سابقا- لم يكن عنوانا خاصا مثل عنوان الصوم و الصلاة فلم يكن عنوانا قصديا حتى يُنوى، كل ما في الأمر هو أن المكلف إذا أصبح مستطيعا يطلق على حجه الأول: حجة الإسلام، و ما في الكتاب العزيز هو: "لله على الناس حج البيت" [1] فأتى بكلمة الحج و كفى! و الروايات أيضا لا تفيد شيئا أكثر من ذلك، و من هنا يتضح أن ما يقوله المرشدون في الحج من أنه يلزم نية الوقوف بعرفات بقصد حجة الإسلام قربة إلى الله، غير لازم و لم يتعدى كونه إحتياطا إستحبابيا، لذلك لا يجب على المكلف في السنة الآتية أكثر من نية الحج بقصد القربة.

  و الثمرة الأخرى هي ما لو كان الحاج نائبا للسنة الأولى فواقع فعليه أن يحج في السنة المقبلة فإذا كان الحج الأول هو حجة الإسلام فيستحق الأجرة لأنه أتى بما عليه فتبرأ ذمة المنوب عنه بذلك، و أما الكفارة فهي في ذمة النائب و إذا كانت حجة الإسلام هو الحج الثاني فلا يستحق النائب شيئا من الأجرة لأن المفروض أوجر ليأتي بالحج في السنة الأولى و لم يأت بها لأن حجه بحسب الفرض كان فاسدا و أما السنة الآتية لم يكن نائبا لإتيان الحج فيها.

  و تظهر الثمرة أيضا فيما شابه ذلك كما في العهد و القسم و النذر، فلو نذر أحد أن يأتي بالحج في السنة الأولى و أثناء الحج قبل المشعر واقع فلو كان الحج الأول صحيحا فليس عليه شيء و قد وفى بنذره و إذا كان الثاني فقد أحنث و عليه كفارة الحنث لأنه أتى بما يبطل نذره و هو المواقعة.

  و أما على مختارنا حيث نقول بصحة حجه الأول على الأقوى فلا شيء عليه و قد أدى نذره و عليه أن يأتي بحج من قابل.

المسألة 3:

  "لو قبّل امرأة بشهوة فكفارته بدنة، و إن كان بغير شهوة فشاة و إن كان الأحوط بدنة، و لو نظر الى أهله بشهوة فأمنى فكفارته بدنة على المشهور، و إن لم يكن بشهوة فلا شي‌ء عليه و لو نظر الى غير أهله فأمنى فالأحوط أن يكفّر ببدنة مع الإمكان، و إلا فببقرة، و إلا فبشاة و لو لامسها بشهوة فأمنى فعليه الكفارة، و الأحوط بدنة و كفاية الشاة‌ لا تخلو من قوة، و إن لم يمن فكفارته شاة".

في المسألة ثلاث فروع:

الأول: لو قبّل أمرأة بشهوة فكفارته بدنة، و إن كان بغير شهوة فشاة و إن كان الأحوط بدنة.

الثاني: و لو نظر إلى أهله بشهوة فأمنى فكفارته بدنة على المشهور، و إن لم يكن بشهوة كما لو قبّلها تحننا عليها و تسلية لها- فلا شيء عليه، و لو نظر إلى غير أهله فأمنى فالأحوط أن يكفّر بدنة مع الإمكان، و إلا فبقرة و إلا فشاة.

  و قد فصل السيد الماتن في هذا الفرع بين الأهل و غير الأهل.

الثالث: و لو لامسها بشهوة فأمنى فعليه كفارة، و الأحوط بدنة و كفاية الشاة لا تخلو من قوة، و إن لم يمن فكفارته شاة.

  ليس البحث في هذه الفروع عن الحرمة لأن حرمتها و اضحة على المحرم و إنما الكلام في هذه المسألة عن كفارة هذه الأفعال.

  و ما ينبغي الإنتباه إليه هو أن السيد الماتن قد أتى بهذه الموارد في الأمر الثاني من التروك و لم يفردها بأرقام مستقلة و مع ذلك أفرد العقد برقم مستقل، مع أنه من فروع الإستمتاع لأنه مقدمة له، مهما يكن من شيء فيبقى الإشكال فنّيّاً أكثر من كونه موضوعيّا.

و لندرس هذه الفروع كلا على حدة:

الأول: و هو حرمة التقبيل

  لا بحث في حرمة التقبيل للمحرم و قد وافقنا الجمهور في ذلك على ما يبدو، قال صاحب الحدائق:

  "لا خلاف أيضا في تحريم النظر بشهوة، و التقبيل، و المس كذلك" [2] إذن لا خلاف في حرمة التقبيل و إنما الكلام في حد الكفارة.

الأقوال:

  قد ذكر العلامة في المختلف سبعة أقوال في مقدار الكفارة و نحن نشير هنا إلى بعضها، قال في المختلف: " قال الشيخ- رحمه اللّه-: من قبّل امرأته و هو محرم من غير شهوة‌ كان عليه دم شاة، و ان قبّلها بشهوة كان عليه جزور، -قد إختار السيد الماتن ذلك و هكذا المحقق في الشرائع كما يبدو من متن الجواهر- و قال المفيد و من قبّل امرأته و هو محرم فعليه بدنة، أنزل أو لم ينزل فإن هويت المرأة ذلك كان عليها مثل ما عليه، و قال إبن الجنيد: إن قبّلها بغير شهوة كان عليه دم شاة و إن قبلها بشهوة فأمنى فعليه جزور". [3]

إن السبب في تضارب الأقوال و هي سبعة- إختلاف الروايات و قد وردت في الباب 18 من أبواب كفارات الإستمتاع و سيأتي البحث فيها إن شاء الله.

[1] آل عمران (3). 97.

[2] الحدائق الناضرة/ ج 15. ص 344.

[3] المختلف/ ج 4. ص 162.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo