< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیت الله مکارم الشیرازي

32/06/07

بسم الله الرحمن الرحیم

المحاضرة الأخلاقية:

  "الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ فِي الْمَجَالِسِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بِلَالٍ الْمُهَلَّبِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زَيْدٍ الْجُهَنِيِّ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فَقَالَ لِي مَنْ صَحِبَكَ فَقُلْتُ لَهُ رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِي قَالَ فَمَا فَعَلَ قُلْتُ مُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ أَعْرِفْ مَكَانَهُ فَقَالَ لِي أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ مَنْ صَحِبَ مُؤْمِناً أَرْبَعِينَ خُطْوَةً سَأَلَهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". [1]

  القرائن تدل على أن مفضل قد قدم من سفر فحضر إلى الإمام عليه السلام و الإمام في هذه الرواية يقول إن المرافقة إلى أربعين خطوة أيضا توجب حق الرفقة و المصاحبة للغير و الله سبحانه يوم القيامة يسأل عن أداء هذا الحق.

  إن الإسلام دين إجتماعي و حتى العبادة فيه إجتماعية فإن الأصل في الصلاة أن تقام جماعة فمثلا الضمائر في سورة الحمد أتت بصيغة الجمع كقوله تعالى: "إياك نعبد و إياك نستعين" و "إهدنا الصراط المستقيم"، كما أن صلاة الجمعة أوسع رقعة و الحج أوسع نطاقا منها.

  و هذا الحديث نموذج من إهتمام الإسلام بالقضايا الإجتماعية و منها مراتب الصحبة و الصداقة إن الإسلام لم يكن دينا إنطوائيا يحث على العزلة، و الإتجاهات العرفانية الزائفة التي تدعوا إلى العزلة و الإنطواء فهي تيارات منحرفة، والعبادة في زوايا الكهوف و الرهبانية ليسا من الإسلام في شيء.

  إن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كان في رأس السلطة الإسلامية و مع ذلك حافظ على زهده و عباداته الليلية فلا تعد فضيلة للإنسان أن يعتزل الناس و يعبد الله و من خلال ذلك يهذب نفسه! و مع ذلك كله ينبغي الإنتباه إلى نكتة هامّة هنا و هي أن الإسلام يعير إهتماما بليغا لإختيار الصديق فيقول أن للصديق أحيانا دورا هامّا في صياغة شخصية الإنسان.

هناك عوامل مؤثرة في تشكيل الشخصية:

الأول: عامل الوراثة.

الثاني: حضن الوالدين.

الثالث: الأستاذ و المؤسسات التعليمية.

الرابع: المجتمع و البيئة الإجتماعية.

الخامس: الصديق.

  و قد ورد في المأثور: "إذا إشتبه عليكم حال الرجل إسئلوا عن رفيقه و جليسه"....

  و من هنا يلزم توصية الشباب بالدقة و التشدد في إختيار الصديق.

  إن الكتاب الكريم تحدث عن صنفين في يوم القيامة صنف في جهنم فيقولون أن رفيقنا فلان أدخلنا النار و صنف آخر في الجنة يقول ما أحسن ذلك أننا لم نصادق فلانا لكي نضل الطريق!

البحوث الفقهي:

عنوان البحث: النظر إلى المرأة حال الإحرام

قبل معالجة البحث لهذا اليوم يلزم أن نجيب على إستفتاء و هو:

  بعد تسقيف الحرم الحسيني ما هو حكم التخيير في الصلاة و ما هو حكم الحائض في الدخول إليه؟

الجواب:

  إن القدر المتيقن من التخيير في الصلاة هو ما كان تحت القبة و الأروقة المتصلة بها و عليه أن الحكم لا يشمل الصحن الجديد، و أما الحائض فلا تتمكن من الدخول في ذلك و إن تمكنت من الدخول في الأقسام الأخرى من الحرم.

  بعد الإجابة على الإستفتاء نقول:

  قد أسلفنا في البحث السابق أنه لو قبّلت المرأة زوجها حال الإحرام فهل عليها كفارة التقبيل كما على الرجل أم لا؟ قد قلنا في البحث السابق أنه ليس عليها ذلك، و لكن الآن نقول حسب بعض القرائن عليها ما على الرجل من كفارة، و ذلك لأن بعض الروايات كانت تقول لو أنها رضيت بتقبيل الزوج فعليها كفارة أيضا، فلو كان الرضا بالتقبيل يكفي لثبوت الكفارة عليها فكيف بها إذا هي أقدمت على ذلك؟! فمن باب أولى يعمها الحكم فعليها أن تدفع الكفارة فإنها في الحال السابقة كانت قابلة و في هذه الحال فاعلة فتثبت الأولوية.

  و أما لو تكرر التقبيل فهل تتكرر الكفارة؟ القدر المتيقن منه هو لو كان التقبيل في مجلسين فعند ذاك تتكرر الكفارة و أما لو تكرر في مجلس واحد قد تقول: إن المسببات تتكرر بتعدد الأسباب فلابد أن تتكرر الكفارة بتكرر التقبيل و إن كان في مجلس واحد.

فنقول: هذا صحيح و لكن الكلام في سعة شمول الإطلاقات فمن البعيد أن تشمل الإطلاقات تكرر السبب في مجلس واحد، بل أن الشك في الشمول يكفي في عدم جريان حكم الكفارة في ذلك.

  و الحكم هو الحكم في اللمس و النظر من دون فرق.

و أما الفرع الثاني من المسألة الثالثة و هو حكم النظر إلى المرأة:

  يقول السيد الماتن: "و لو نظر الى أهله بشهوة فأمنى فكفارته بدنة على المشهور، و إن لم يكن بشهوة فلا شي‌ء عليه و لو نظر الى غير أهله فأمنى فالأحوط أن يكفّر ببدنة مع الإمكان، و إلا فببقرة، و إلا فبشاة."

  و لم يصرح بالحكم ما لو كان بشهوة و من دون إمناء! الظاهر من كلامه قدس سره هو أنه ليس عليه شيء و البعض قد صرح بذلك.

و ملخص القول:

  إذا نظر إلى أهله من دون شهوة فأمنى فليس عليه شيء، و إذا نظر إلى إجنبية بشهوة أو غير شهوة فأمنى فعليه كفارة و على كلا الوجهين لو لم يمن لا كفارة عليه على المشهور.

الأقوال:

  ما ذهب إليه السید الماتن هو ما قال به المشهور تقريبا.

  قال كاشف اللثام في كلام جامع:

  "و لو نظر إلى غير أهله بشهوة أو لا بها فأمنى، فبدنة إن كان موسرا، و بقرة إن كان متوسطا، و شاة إن كان معسرا كما في النهاية و المبسوط السرائر و المهذب و الجامع و الشرائع و النافع و غيرها .... و لو كان النظر إلى أهله فلا شي‌ء و إن أمنى، إلّا أن يكون بشهوة فيمني فبدنة وفاقا للأكثر". [2]

  و قد تعرض صاحب الجواهر للمسألة فتطرق أولا إلى النظر إلى غير الأهل فقال: "هو خيرة الأكثر بل هو المشهور".

  و أما في الثاني إعني النظر إلى الأهل فقال: "بلا خلاف أجده فيه بل نسبه غير واحد إلى قطع الإصحاب". [3]

و عليه إن ما قاله السيد الماتن في غير الأهل يوافق المشهور.

[1] الوسائل/ ج 12(ط الحديثة). أبواب آداب العشرة. باب 3. ح 8.

[2] كشف اللثام/ ج 6. ص 452-453.

[3] الجواهر/ ج 20. ص 387.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo