< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشيرازي

32/10/18

بسم الله الرحمن الرحیم

عنوان البحث: تروك الإحرام الإستمناء

  وصل بنا البحث في تروك الإحرام إلى الإستمناء و لكن مررنا على البحث عابرا فإستدعى الأمر أن نعيد الكرّة ثانية لنبحث الأمر بالتفصيل و ذلك لمبررات موضوعية.

  قلنا في المحاضرة السابقة أن حرمة الإستمناء تثبت بالأدلة الأربعة و كان الحديث في الدليل الثالث و هي الروايات فإنها متظافرة و متعددة و على الأقل أنها سبع روايات وردت في البابين 28 من أبواب النكاح المحرم ج 14 و الباب 3 من أبواب حرمة وطي البهائم و الميت و الإستمناء ج 16.

  في سند أكثر الروايات إشكال إلا أن روايتين منها معتبرتان, غير أن ضعف السند هنا لا يضر لأنها متظافرة و قد وردت في الكتب المعتبرة المعروفة و هذا يؤدي إلى الوثوق بصدورها و لاسيما أن الأصحاب قد عملوا بها و قد قام الإجماع على وفقها.

  و قد قلنا في مبحث حجية خبر الواحد أن ما يؤدي إلى الوثوق بالرواية أمور:

  منها وثاقة الرواي

  و منها تضافر الروايات

  و منها عمل المشهور

  و منها قوة المتن كما في نهج البلاغة و الصحيفة السجادية فإنه من المستبعد أن يصدر من غير الإمام متن بهذه القوة و الحبكة و الإنسجام!

و أما باقي الروايات:

  أولها "وَ قَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي الرَّجُلِ يَنْكِحُ بَهِيمَةً أَوْ يَدْلُكُ فَقَالَ كُلُّ مَا أَنْزَلَ بِهِ الرَّجُلُ مَاءَهُ مِنْ هَذَا وَ شِبْهِهِ فَهُوَ زِنًا"[1]

  مراده من "تقدم" ما ورد في الباب 26, حديث 1.

  إن الرواية واضحة في الدلالة على المقصود.

  بعض رجال السند فطحية إلا أنهم ثقاة فالسند من حيث المجموع لا بأس به.

  و الرواية الثانية:

  "مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أُتِيَ بِرَجُلٍ عَبِثَ بِذَكَرِهِ فَضَرَبَ يَدَهُ حَتَّى احْمَرَّتْ ثُمَّ زَوَّجَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ"[2]

  في الرواية ضعف من ناحية محمد بن سنان فإنه موضع خلاف و لم نطمئن لوثاقته مع أن بقية رجال السند ثقاة.

و أما دلالة فإن الإمام عليه السلام أنزل العقاب في حق هذا الشخص و لكنه حاول إن يقلع جذورا الإنحراف و لذلك زوجه من بيت المال, مهما يكن من شيء فإن الإمام عليه السلام عزّره و التعزير يدل على الحرمة.

  "مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي الْخِصَالِ (عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ) وَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ النَّوْفَلِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و آله و سلّم مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ كُمُّهُ أَعْمَى عَنْ وَلَايَةِ أَهْلِ بَيْتِي مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ عَبَدَ الدِّينَارَ وَ الدِّرْهَمَ مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ نَكَحَ بَهِيمَةً"[3]

  هذه الرواية مرفوعة لأن حسين بن المختار كان في عصر الأئمة في حين أنه نسب الرواية إلى الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم فالرواية مرفوعة, هذا من ناحية السند.

و أما من ناحية الدلالة فإن الرواية لم تبين حكم الإستمناء مباشرة و إنما تحدثت عن حكم نكاح البهيمة و لكن بما أن هناك رواية ستأتي تفيد أن الإمام عليه السلام حرم نكاح البهيمة لأن به تضييع النطفة, على ضوء تلك الرواية نلغي الخصوصية لأن تضييع النطفة مشترك بين الفعلين فنعمّم الحكم.

  "وَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْخَضْخَضَةِ فَقَالَ هِيَ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَ نِكَاحُ الْأَمَةِ خَيْرٌ مِنْهُ"[4]

الرواية سندا: إن صاحب الجواهر على ما يبدو لي- وصف الرواية بالصحيحة مع أن في السند "عن رجل", و لعل تصحيحه للرواية كان بسبب أن علاء بن رزين من أصحاب الإجماع, و نحن لا نذهب إلى ذلك.

و أما دلالة:

  أن الخضخضة بمعنى التحريك و هنا بمعنى الإستمناء فقال الإمام عليه السلام أنها من الفواحش و الفاحشة صفة للفعل لا للشخص كما هو الحال في اللغة الفارسية. و قوله عليه السلام : نكاح الأمة خير منه, لأن الحرّ لا يجوز أن يتزوج أمة إلا أن يخشى العنت و هو المعاناة الجنسية, و تفضيل النكاح من الأمة قرينة على أن المراد من الخضخضة هو الإستمناء.

  "مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي الْخِصَالِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ أَبِي نَجْرَانَ التَّمِيمِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَقُولُ ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَ لَا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ النَّاتِفُ شَيْبَهُ وَ النَّاكِحُ نَفْسَهُ وَ الْمَنْكُوحُ فِي دُبُرِهِ"[5]

الرواية سندا: في سند الرواية أبو نجران و قد ضُعّف في مصادرنا الرجالية و قد حكي عنه في روايةٍ أنّ أبا نجران إلتقى الإمام جعفر الصادق عليه السلام فقال له: أحد مواليكم يتعاطى النبيذ, فسأله الإمام: كم يشرب؟ قال: أحيانا تفوته صلاة الليل فيسأل جاريته صباحا هل أتيتُ بالصلاة؟ فتجيبه لا؟ و يسألها في بعض الليالي: هل أديتُ الصلاة؟ فتقول: نعم, أديتها ثلاث مرات! عند ذلك وضع الإمام عليه السلام يده على جبهته و إغتمّ! فقال الإمام عليه السلام: هل أنه يدّعي موالاتنا و يفعل ذلك؟! فقال له الإمام عليه السلام: قل له أن يترك هذا العمل لينجوا بمحبتنا!

  يقول الرواي أن هذا الشخص كان أبا نجران نفسه و لكن لم يكشف عن ذلك حتى لا يعرف.

  و على أيّة حال أنه لم يوثق.

و أما دلالة: فالرواية من ناحية الدلالة تامة لا شية فيها.

  و سيأتي الحديث غدا عن باقي الروايات.

[1] الوسائل/ ج 12 (ط الحديثة). باب 28. ح 2. أبواب النكاح المحرم

[2] المصدر/ ح 3

[3] المصدر/ باب 26. ح 4

[4] المصدر/ باب 28. ح 5

[5] المصدر/ ح 7

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo