< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشيرازي

32/10/21

بسم الله الرحمن الرحیم

عنوان البحث: تروك الإحرام الإستمناء

  في معرض الحديث عن تروك الإحرام بحثنا حرمة الإستمناء و قد أثبتنا حرمته بالأدلة الأربعة.

  عند الإستدلال بحكم العقل على الحرمة الذي كان يرتكز على الإضرار بالنفس قلنا قد يكون الضرر جزئيا و لكن بما أنه يؤدي إلى الإدمان غالبا فتترتب عليه أضرارا فتّاكة, يجعل الشارع حكما عاما و لم يأخذ بعين الإعتبار الحالات الخاصة في كافة تشريعاته لا في هذا المورد فحسب.

الأضرار الفادحة الناشئة من ذلك

  قد تحدثنا بالتفصيل في كتابنا "ما يهم الشباب" عن هذه الإضرار بناء على شهادات الشباب أنفسهم و الرسائل التي بعثوها لنا و بناء على ما أفاده الأطباء, و ما يلي هو جانب منها:

أولا: من جملة الأمراض التي يمكن أن تسفر من هذه الممارسة المنبوذة هي:

  ضعف الحافظة, الإخلال في الجهاز الهضمي, ضيق التنفس, الإنفعال و سوء الخلق و سرعة التأثر, و أحيانا ينتهي بالماليخولياء و هو ضرب من الجنون, فقر الدم, ترهّل القوى البدنية و الروحية, الإصابة بدوار الرأس و إنبثاق أصوات مزعجة في الأذان, الهزالة و وجع الظهر, إختلال الحواس الخمسة, و ظهور طوق أسود حول العين, تراجع مناعة الجسم أمام الأمراض, و حتى عند الإصابة بالمرض لا يقوى على ترك ما إعتاده أحيانا و هو يؤدي إلى مضاعفات وخيمة قد تنتهي به إلى الشلل.

ثانيا: أن هذه الممارسة تدفع الشخص إلى التقوقع, لأنه يقوم بهذه الممارسة سرا فيتعود على العزلة و هي تؤدي به إلى الإصابة بالكآبة!

ثالثا: أنه يلاقي صعوبات في زواجه لأنه يصاب ببرود في مزاجه و بسرعة الإنزال فلا يرغب في النساء.

رابعا: الفشل في الدراسة و هبوط المستوي الدراسي و إستيلاء حالة القنوط حيال المستقبل.

  يلزم التنبيه على أنه كل ما قلناه هو حكمة الحكم و ليس بعلة, فلو لم يكن أثر من هذه العوارض التي ذكرناها أنفا تحرم أيضا ممارسة هذه الفعل الشنيع.

 المقام الثاني: بم يتحقق الإستمناء

 حسب المتعارف يطلق الإستمناء على إخراج السائل المنوي باليد و لعل ظانّ يظن أن لليد مدخلية في تحقق مفهوم الإستمناء, أي أن الروايات التي قرأناها تدل على أن الإستمناء لا ينحصر بما كان باليد بل هو أعم من ذلك, كما في رواية عمار حيث تقول:

 "... كُلُّ مَا أَنْزَلَ بِهِ الرَّجُلُ مَاءَهُ مِنْ هَذَا وَ شِبْهِهِ فَهُوَ زِنًا"[1]

 والعرف يلغي الخصوصية لأنه يرى أن الغاية هو حصول العادة السرية من أي طريق يؤدي إلى الإنزال!

 زد على ذلك أن الروايات التي كانت تشير إلى تضييع النطفة و إنقطاع النسل و ما شابه, تؤكد أن الأسباب مهما كانت فهي تحقق معنى الإستنماء فلا ينحصر الأمر بسبب دون سبب! و لذلك قد يحصل بحس اللامسة مثل الدلك باليد, و بحس الباصرة كمشاهدة الأفلام الخلاعية, و حس السامعة كالإنصات إلى صوة مغنية أو ممثلة لو كان متعمدا و أنزل, و المحادثات المثيرة جنسيا, و إستشمام بعض الورود المهيجة للشهوة أو التخيل الذي يؤدي إلى الإنزال, أو بإنضمام بعض هذه الموارد إلى البعض, فإن الإنزال باي واحد من هذه الموارد حصل فهو حرام و له عقوبة التعزير لو كان إختياريا.

 بقي هنا أمور:

 الأول: قد أستثنيت من حكم الحرمة ملاعبة الزوجة و ذلك لإطلاق الروايات -باب 67, ابواب مقدمات النكاح, ج 14- التي تحدثت عن ملاعبة الزوجة و تفخيذها و لم يقيد الحكم بعدم الإنزال مع أنه قد يؤدي إليه أحيانا, و هذا السلوك بما أنه لم تتوفر أسبابه دائما لا يتحول إلى سلوك سيّء يجر الإضرار على صاحبه.

 الثاني: لو فرضنا أن المصاب بهذا المرض, تَرك ما كان عليه؛ فهل تزول أثار المرض أم لا؟ فإنّ قَلقا يساور المصابين جرّاء ذلك!

 نقول لهؤلاء: لا تيأسوا فإنه بمحض ما تتركوا هذا السلوك ستزول الأثار جميعا! فعلينا أن نزرع الأمل في قلوب هولاء لكي لا تتفاقمْ أوضاعهم الصحية.

 الثالث: هل أن العادة السرية تختص بالنساء أو تعم الرجال و النساء؟ منشأ هذا التساؤل هو أن المرأة تحتلم كما هو شأن الرجال أم لا؟ و هل يجب عليها الغسل أم لا يجب؟

 قد تعرض الفقهاء لهذه المسألة في أول غسل الجنابة و قد ورد في مستمسك العروة أن الأصحاب إدعوا الإجماع على أن المرأة تحتلم كما يحتلم الرجال بل أن البعض إدعى إجماع علماء الإسلام و أن الروايات متواترة في ذلك.

 و بناء على ذلك يمكن قبول أن العادة السرية تحدث للمرأة أيضا, و إن كان هناك فرق حيث أنّ الماء الذي يخرج من المرأة لم يكن دافقا خلافا للرجل لأن المرأة عندما تبلغ ذروة هيجانها الجنسي يترشح منها ماء يشبه ماء الرجل عند الإنزال و في الغالب يقترن بفتور في الجسم, فإن حصلت هذه الحالة للمرأة فتترتب عليها ما يترتب على الرجل من أحكام و أثار و مفاسد, فتدخل في دائرة البحث الذي نحن بصدده.

[1] الوسائل/ ج 20 (ط الحديثة). أبواب تحريم نكاح البهيمة. باب 26. ح 1

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo