< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشيرازي

32/11/12

بسم الله الرحمن الرحیم

  عنوان البحث: تروك الإحرامالطيب
  كان البحث عن إستعمالات الطيب في مختلف موارده، قد بيّنا حكم المسألة ثم تطرقنا إلى أمور. بحثنا ثلاثة منها فلنبحث الرابع:
  ما هو الحكم في المسألة لو إختلفت البلدان في مصداق من مصاديق الطيب، فمثلا بعض الأعراف يعدون شيئا ما طيبا و البعض الأخر لم يعدوه، فهل في هذه الحال- نحكم بحرمته أم لا؟ فعلى سبيل المثال إن الزعفران كان يعد في عصر الأئمة عليهم السّلام من الطيب و لكن في عرفنا الراهن لا يعد طيبا بل يستعمل كمادة لتعطير الطعام و تلوينه.
  و مثل ذلك ما في البيع حيث يشترط في صحة البيع أن يكون معلوما إما بالكيل كما في اللبن أو بالوزن كما في القمح أو معدودا كما في البيض، فبناء على ذلك أثير التسائل التالي:
  لو تعدد العرف في المدن المختلفة فمثلا في بعضها تعد بعض الأشياء من المكيل و في بعضها من المعدود و في بعضها الأخر من الموزون فبأي عرف نأخذ حينئذ؟ و قد أجيب بانه كل عرف بحسبه ففي المكان الذي يكون معدودا فيعلم بالعد و في المكان الذي يكون موزونا فبالوزن و هلم جرا!
  و كذلك الأمر في الربا، فإن الربا على نوعين: معاملي و قرضي فإن الربا القرضي هو أن نقرض بضاعة لأحد و عند إستردادها نأخذ أكثر مما أعطينا، فإن الزيادة في هذه الحال محرمة و إن كانت بقدر إشتراط قرائة سورة الحمد للموتى.
  و أما الربا المعاملي فهو في المكيل و الموزون دون المعدود، فإن أخذ الزيادة في المعدود لا يعد ربا و إن كان أضعاف ما أخذه، فلو أعطيت بيضة من نوعية جيدّة على سبيل المثال ثم أخذت عشرة بيضات بدلا عنها من نوعية رديئة لا يعد ذلك ربا في مقاييس الشرع المقدس.
  كذلك في زكاة الفطرة حيث يلزم أن يكون من القوة الغالب للبلد فقد يكون القوة الغالب التمر كما هو الحال في المناطق الجنوبية و قد لا يكون كما هو الحال في أوساطنا.
  بعد هذه الإيضاحات نقول إذا عُدّ شيء مثل الزعفران من الطيب في بلد ما و في بلد أخر من الطعام فإن المقياس هو البلد الذي تُقام فيه المراسم و هي مكة و المدينة فإذا لا يعد هناك من الطيب يتبدل الحكم و هو الحرمة تبعا لتبدل الموضوع، و إذا عد من الطيب فهو حرام و على المحرم إجتنابه!
  مسألة10:
  "يجب الاجتناب عن الرياحين أي كل نبات فيه رائحة طيبة إلا بعض أقسامها البرية كالخزامى، و هو نبت زهره من أطيب الأزهار على ما قيل، و القيصوم و الشيح و الإذخر، و يستثنى من الطيب خلوق الكعبة، و هو مجهول عندنا، فالأحوط الاجتناب من الطيب المستعمل فيها".
  يقول السيد الماتن خلوق الكعبة مجهول عندنا فلم نعلم ما هي مكوناته و لكن كان من الطيب يلصق على الكعبة، فهل كان يعد من الطيب فأستثني منه أم لا فيجوز إستعمال كل طيب لتعطير الكعبة، و سيأتي البحث في أن إستثناء الخلوق لعله كان للعسر و الحرج لإن إلزام الحجاج بمسك أنوفهم يوقعهم في العسر و الحرج فلذلك إستثنى المشرع خلوق الكعبة و إذا كان هذه هو السبب فلا يبقى مبرر للإحتياط الذي ذهب إليه السيد الماتن، يبدو أن السيد تصور أن للخلوق موضوعية في الإستثاء في حين يبدو أنه لا موضوعية لذلك في الإستثناء فهو يشبه ما ورد في الروايات عن سوق العطارين حيث كانت حوانيتهم على طرفي المسعى فقال الشارع أنه لا يلزم على المحرم حينذاك الأخذ بالأنف لمنع وصول الرائحة إلى حاسة الشم، و مهما يكن من شيء سيأتي البحث عن ذلك بالتفصيل.
  و لكن هنا سؤال: في أي موضع من أبواب الحج تطرق الفقهاء لهذه المسألة؟ قد بحثوها في باب مكروهات الإحرام فقالوا: منها إستشمام الرياحين. و منهم صاحب الجواهر حيث عالجها في مجلد 20 ص 433 و صاحب الرياض في مجلد 6 ص 322.
  تحديد موضوع الحكم:
  قبل كل شيء يلزم أن نحدد موضوع البحث ثم نعرّج إلى معالجة الحكم.
  إن العلامة في التذكرة يقول إن الرياحين على ثلاثة أقسام و لكننا قسمناها إلى خمسة:
  1. الرياحين التي تستعمل في الغذاء مثل النعناع و كذلك الريحان الذي يعد من الخضروات.
  2. الخضروات الطيبة الرائح التي تؤكل و يعطر بها الطعام مثل الزعفران.
  3. الخضروات التي تطيب رائحتها و لكنها لا تؤكل مثل الخزامي و المفروض أن لا يستحصل منها الطيب.
  4. الخضروات التي يستحصل منها الطيب مثل الورد الأحمر.
  5. و الخضروات التي يستحصل منها المستقطرات و هي التي ليست ذات رائحة طيبة و ليست بمأكولة.
  يلزم أن ندرس هذه الأقسام الخمسة لكي نعرف أي منها يحرم إستعماله على المحرم و أي منها لا يحرم.
  الإستدلال بالروايات:
  إن الروايات في هذا المقام على طائفتين:
  طائفة تفيد العموم و هي التي ورد فيها كلمة الطيب فهي لا تشمل شيئا من الأقسام الخمسة، و في إحدى الروايات سُئل الإمام عليه السّلام عن الأترج فقال ليس هو بطيب، بل حتى الورد الأحمر لا يعد من الطيب و إن كان الطيب يستحصل منه. إذن هذه طافة من الروايات لا تعنينا في شيء من البحث.
  و الطائفة الثانية و هي التي ورد فيها النهي و جائت فيها العبارة: "أَنْ يَتَلَذَّذَ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ". إذا كان المقياس هو التلذذ قد يقال أن في إستعمال الأصناف الخمسة من الرياحين إشكال، و من هنا يتطلب الأمر أن ندرس الروايات بدقة واحدة تلو الأخرى لكي نحدد الحكم الشرعي منها في أنه هل أنها محرمة أو لا؟

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo