< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

32/12/01

بسم الله الرحمن الرحیم

  عنوان البحث: التروك- كفارة إستعمال الطيب
  قلنا بأن هنا أربعة فروع:
  1. في إستعمال الطيب كفارة
  2. كفارة إستعمال الطيب شاة
  3. هل أن طرق إستعمال الطيب تختلف من ناحية تعلق الكفارة؟
  4. و هل تتكرر الكفارة بتكرر الإستعمال أم لا؟
  قلنا أن في الفرع الثالث سبعة أقوال و أحدها هو أن الكفارة عامة لكل أنواع الإستعمال و قد قال به البعض و هو مختار السيد الماتن تبعا للشرائع و الجواهر فهو يقول: "كفارة إستعمال الطيب شاة على الأحوط".
  فلم يقيدها بشيء.
  الأدلة:
  عندما ندرس الروايات نجد أنها محدودة- إلا واحدة منها- فإنها لا تعم جميع الإستعمالات:
  "مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي‌ جَعْفَرٍ عليه السّلام قَالَ مَنْ أَكَلَ زَعْفَرَاناً مُتَعَمِّداً أَوْ طَعَاماً فِيهِ طِيبٌ فَعَلَيْهِ دَمٌ فَإِنْ كَانَ نَاسِياً فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ وَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ يَتُوبُ إِلَيْهِ" [1]
  الرواية تتحدث عن الزعفران أو طعام فيه الطيب فلا يعم كافة الإستعمالات.
  "مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ فِي مُحْرِمٍ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ فَدَاوَاهَا بِدُهْنِ بَنَفْسَجٍ قَالَ إِنْ كَانَ فَعَلَهُ بِجَهَالَةٍ فَعَلَيْهِ طَعَامُ مِسْكِينٍ وَ إِنْ كَانَ تَعَمَّدَ فَعَلَيْهِ دَمُ شَاةٍ يُهَرِيقُه‌" [2]
  الرواية صحيحة و تختص بإستعمال الطيب البنفسج لأجل العلاج فهذه أيضا لا تعم!
  "مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السّلام يَقُولُ مَنْ نَتَفَ إِبْطَهُ أَوْ قَلَّمَ ظُفُرَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ أَوْ لَبِسَ ثَوْباً لَا يَنْبَغِي لَهُ لُبْسُهُ أَوْ أَكَلَ طَعَاماً لَا يَنْبَغِي لَهُ أَكْلُهُ وَ هُوَ مُحْرِمٌ فَفَعَلَ ذَلِكَ نَاسِياً أَوْ جَاهِلًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ وَ مَنْ فَعَلَهُ مُتَعَمِّداً فَعَلَيْهِ دَمُ شَاة" [3]
  إن قوله: "أَكَلَ طَعَاماً لَا يَنْبَغِي لَهُ أَكْلُهُ" و إن قلنا أنه يدل على أكل لحم الصيد و لكن يمكن القول بأنه عام يشمل أكل الطعام المعطر للمضطر إليه أيضا!
  "مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السّلام قَالَ مَنْ لَبِسَ ثَوْباً لَا يَنْبَغِي لَهُ لُبْسُهُ وَ هُوَ مُحْرِمٌ فَفَعَلَ ذَلِكَ نَاسِياً أَوْ جَاهِلًا فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ وَ مَنْ فَعَلَهُ مُتَعَمِّداً فَعَلَيْهِ دَم‌" [4]
  قلنا أن هذا التعبير يتناسب مع المخيط فلنقل أنه يشمل الثوب المعطر أيضا و لكن هذا لا يعدو الملبس من بين المحظورات!
  "عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عليه السّلام قَالَ لِكُلِّ شَيْ‌ءٍ خَرَجْتَ مِنْ حَجِّكَ فَعَلَيْهِ فِيهِ دَمٌ تُهَرِيقُهُ حَيْثُ شِئْت‌" [5]
  إن الرواية من قرب الإسناد ففي سندها إشكال و أما الدلالة فهي مخدوشة لأنها و إن كانت عامة و تشمل جميع الإستعمالات إلا أن في دلالتها غموض لأنها تقول: "لِكُلِّ شَيْ‌ءٍ خَرَجْتَ مِنْ حَجِّكَ فَعَلَيْهِ فِيهِ دَمٌ تُهَرِيقُهُ ..." مع أن إستعمال الطيب لا يخرج المحرم من حجه، و إن أراد الإمام عليه السّلام أن لكل مناف لضوابط الحج دم شاة فإن ذلك مقيد بكثير من المخصصات و لعله من قبيل تخصيص الأكثر! لأن الكثير من المخالفات في الحج لا تتطلب دم شاة!
  فلا يصح الإستدلال بهذه الرواية ولكن هناك طريق أخر و هو أن تلك الروايات التي كانت تشير إلى موارد خاصة من الطيب لو جعلناها بين يدي العرف لألغى الخصوصية فلا خصوصية للزعفران أو الطعام المعطر او الملبوس المعطر فكل إستعمال للطيب فهو حرام، و بعيد أن تكون الحرمة في هذه الموارد من باب التعبد لأن المهم عند الشارع هو أن لا يتلذذ المحرم بالطيب و من فعل ذلك فعليه كفارة.
  و هناك طريق ثالث لإثبات أن لكل إستعمال طيب- مهما كان نوع الطيب- دم شاة، و ذلك من خلال الروايات التي كانت تثبت الصدقة لإستعمال الطيب فإنها كانت عامة فكانت تقول "فَمَنِ ابْتُلِيَ بِشَيْ‌ءٍ مِنْ ذَلِكَ" [6] فهي تشمل كل أنواع الطيب و كل الإستعمالات فبقرينة عموم هذه الروايات نقول أن الروايات التي أثبتت دم الشاة و كانت مواردها مختلفة فهي أيضا عامة بقرنية عموم روايات الصدقة؛ فلو لم نقل أن هذا هو دليل برأسه فهو يصلح لأن يكون مؤيدا!
  الفرع الرابع: في تكرار الكفارة بتكرر إستعمال الطيب و عدمه
  قال السيد الماتن:
  "... و لو تكرر منه الإستعمال فإن تخلل بين الإستعمالين الكفارة تكررت، و إلا فإن تكرر في أوقات مختلفة فالأحوط الكفارة، و إن تكرر في وقت واحد لا يبعد كفاية الكفارة الواحدة"
  هذه المسألة عامة تجري في جميع أقسام الكفارات من حج و غيره كما في الصوم و الإعتكاف و القسم و العهد و النذر و قتل الخطأ و العمد- لأن في قتل العمد كفارة الجمع و في الخطأ كفارة التخيير- و ذلك زائدا على عقوبة الدية و القصاص لو لم ينزّل العقاب على القاتل رأسا! فيأتي السؤال في جميع هذه الموارد بأنه لو تكرر الفعل هل تتكرر الكفارة أم لا؟
  الأقوال:
  إختلفت كلمات الفقهاء في تحديد ذلك فإن صاحب الجواهر ذكر الأقوال [7] ، إلا أن صاحب الحدائق عرض الأقوال بصورة أفضل فهو يقول:
  "ذهب الفاضلان الى ان مناط التعدد اختلاف المجلس، و المنقول عن الشيخ و جمع من الأصحاب (رضوان الله عليهم) انهم اعتبروا في التكرر اختلاف الوقت. و ذهب بعضهم الى التكرر مع اختلاف صنف الملبوس كالقميص و السراويل، و في موضع من المنتهى تكرر الكفارة بتكرر اللبس مطلقا" [8]
  ثم أضاف قائلا: "و الأظهر التكرر مع اختلاف صنف الملبوس" و هو يرجع إلى نوع الإستعمال. و هناك تفصيل للسيد الماتن و سيأتي!


[1] الوسائل/ ج 13 (ط الحديثة). أبواب بقية كفارات الإحرام. باب 4. ح 1
[2] المصدر/ ح 5
[3] المصدر/ باب 8. ح 1
[4] المصدر/ ح 4
[5] المصدر/ ح 5
[6] المصدر/ باب 3. ح 6
[7] الجواهر/ ج 20. ص 435
[8] الحدائق/ ج 15. ص 551. بتصرف

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo