< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

32/12/11

بسم الله الرحمن الرحیم

  عنوان البحث: حرمة لبس المخيط للرجال
  كان البحث في السادس من التروك و هو لبس المخيط للرجال، و قد نقلنا إجماع المسلمين على حرمة ذلك، ثم أشرنا إلى ما أفاده صاحب الجواهر و أخرون من أنه لم ترد كلمة لبس المخيط

لا في روايات الكتب الأربعة و لا غيرها، و قد أوردنا الروايات التي جائت فيها كلمة لبس المخيط. و هناك رواية أخرى أوردها الكشي في رجاله في معرض حديثه عن ريان بن صلت- كما وردت في جامع الرواة أيضا- حيث يقول:
  "علي بن محمد القتيبي، قال: حدثني أبو عبد الله الشاذاني، قال‌: سألت الريان بن الصلت فقلت له: أنا محرم و ربما احتلمت، فأغتسل و ليس معي من الثياب ما أستدفئ به إلا الثياب المخاطة، فقال لي: سألتَ هذه المشيخة الذين معنا في القافلة عن هذه المسألة- يعني أبا عبد الله الجرجاني و يحيى بن حماد و غيرهما- فقلتُ: بلى قد سألت، قال: فما وجدت عندهم؟ قلت: لا شي‌ء، قال الريان لابنه محمد: لو شغلوا بطلب العلم لكان خيرا لهم، و اشتغالهم بما لا يعينهم- يعني من طريق الغلو-، ثم قال لابنه: قد حدث بهذا ما حدث و هم ينتمونه إلى القيل، و ليس عندهم ما يرشدون به إلى الحق، يا بني إذا أصابك ما ذكرت فالبس ثياب إحرامك، فإن لم تستدفئ به فغير ثيابك المخيطة و تدثر، فقلت: كيف أغير؟ قال: ألق ثيابك على نفسك فاجعل جلبابه من ناحية ذيلك و ذيله من ناحية وجهك" [1]
  في ذيل الرواية بين أنه كيف يصنع إذا أراد لبس المخيط إضطرارا! إن بن صلت لم يذكر الإمام عليه السّلام و لكن نظرا لما قيل عنه من أنه "ثقة، صدوق، جمع أحاديث الرضا عليه السّلام" لابد أن تكون إجابته على السؤال من قبل الإمام عليه السّلام و لم تكن من عند نفسه خصوصا و أنه قد ذم أهل الخلاف فيما أبداه!
  و أما من ناحية الدلالة فيظهر من كلام السائل أن حرمة لبس المخيط كان واضحا له، و من خلال الإجابة أيضا ينكشف عدم جواز لبس المخيط!
  إذن إلى هنا عرضنا أربع روايات قد ورت الإشارة إلى إثنين منها في عبارات بعض المعاصرين و لكن روايتي ريان و الشبلي لم يشر إليها أحد قبلنا على ما يبدو!
  و المحصلة:
  إن فتوى المجمعين لا تعدو واحدة من إثنين:
  إما أنهم لاحظوا هذه الروايات فأفتوا وفقها، فيكون عمل الأصحاب جابرا لضعفها سندا، و إما أنهم لم يلحظوها، فإن لم تلحظ من قبلهم- كما يبدو هو ذلك- فإن الإجماع حينئذ لم يكن مدركيا فيكون حجة يكشف عن رأي المعصوم عليه السّلام و قد إستدل صاحب الجواهر و غيره من الأعلام به، و مما يدل على أنهم لم يستندو إليها هو عدم ورود هذه الروايات في كتبهم، إن موضع البحث من الموارد التي للإجماع فيها دور هام!
  إن قلت: في الروايات التي جئت بها وردت كلمة ثوب المخيط و لم ترد كلمة لبس المخيط فهي أقل شمولا مما لو عبر بلبس المخيط حيث أنها تشمل الهميان و التكة و العرقجين فهي أوسع دائرة! فإنها لا يطلق عليها كلمة الثياب!
  قلنا: إن لكلمة الثياب معنا واسعا يشمل القفاز و البرقع فمثلا في الرواية التالية:
  "... عَنْ أَبِي عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام قَالَ سَأَلْتُهُ مَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ وَ هِيَ مُحْرِمَةٌ فَقَالَ الثِّيَابُ كُلُّهَا مَا خَلَا الْقُفَّازَيْنِ وَ الْبُرْقُعَ ..." [2]
  يبدو أن الإستثناء في الرواية متصل فعد القفاز و البرقع من الثياب!
  و كذلك في الرواية التالية:
  "... عَنْ عِيصِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ تَلْبَسُ مَا شَاءَتْ مِنَ الثِّيَابِ غَيْرَ الْحَرِيرِ وَ الْقُفَّازَيْنِ ..." [3]
  فللثياب معنى واسع و لكن في شمولها للهميان و التكة تأمل!
  و تلخص من جميع ما ذكرنا:
  أن المسألة إجماعية فالإجماع إما أن يجبر ضعف السند في الروايات و إما أن يكون دليلا مستقلا يصح الإستناد إليه!
  عناوين في روايات أخرى:
  قد ذكرت عناوين مختلفة في الروايات مثل: السروايل و القميص و الدرع و الطيلسان، نذكر منها روايتين، و قد ذكرت فيهما ثلاثة عناوين و يبدو أن الروايتين رواية واحدة و لاسيما أن الراوي فيهما واحد.
  "... عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام قَالَ لَا تَلْبَسْ ثَوْباً لَهُ أَزْرَارٌ وَ أَنْتَ مُحْرِمٌ إِلَّا أَنْ تَنْكُسَهُ وَ لَا ثَوْباً تَدَرَّعُهُ وَ لَا سَرَاوِيلَ إِلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَكَ إِزَارٌ وَ لَا خُفَّيْنِ إِلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَكَ نَعْلٌ" [4]
  و في الرواية الثانية:
  "... عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام قَالَ لَا تَلْبَسْ وَ أَنْتَ تُرِيدُ الْإِحْرَامَ ثَوْباً تَزُرُّهُ وَ لَا تَدَرَّعُهُ وَ لَا تَلْبَسْ سَرَاوِيلَ إِلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَكَ إِزَارٌ وَ لَا خُفَّيْنِ إِلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَكَ نَعْلَانِ" [5]


[1] رجال الكشي/ ص 548
[2] الوسائل/ ج 12 (ط الحديثة). أبواب الإحرام. باب 33. ح 3
[3] المصدر/ ح 9
[4] المصدر/ أبواب تروك الإحرام. باب 35. ح 1
[5] المصدر/ ح 2

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo