< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/01/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 المحاضرة الاخلاقیة
 إن ثقة الاسلام الکلیني في باب المکارم من الکافي جاء بروایات تصف نخبة من الخصال الاخلاقیة:
 "عن بکر بن صالح عن جعفربن محمد الهاشمی عن اسماعیل بن عباد قال بکر و اظننی قد سمعته من اسماعیل عن عبدالله بن بکیر عن أبي عبد الله علیه السلام قال... إن الله عز و جل خص الانبیاء بمکارم الاخلاق فمن کانت فیه فلیحمد الله علی ذلک و من لم تکن فیه فلیتضرع الی الله عز و جل و لیسأله ایاها قال قلت جعلت فداک و ماهن قال هن الورع و القناعة و الصبر و الشکر و الحلم و الحیاء و السخاء و الشجاعة و الغیرة و البر و صدق الحدیث و أداء الامانة" [1]
 
 من الآلات التی تحلّی بها الانبیاء في مواجهة الواقع الفاسد هو الاخلاق الکریمة.
 إن الامام الصادق علیه السلام قبل أن یصف هذه الخصال یقول من کانت عنده هذه الخصال فالیشکر ربه و من لم تکن عنده او کانت بعضها عنده فالیسأل الله أن یمنحه إیاه و یتمها له! و هذا یعني أن تلک الخصال اکتسابیة فعلی الانسان أن یسأل الباري جل و علا- أن یوفقه لتحصیلها. ثم أن الامام علیه السلام یعد هذه الخصال واحدة واحدة و هي بدرجة من الأهمیة بحیث یمکن القول بأنها تتلخص فیها جمیع الکتب الاخلاقیة! فالنوضح کل واحدة منها علی انفراد:
 الورع:أن الورع مرتبة عالیة من التقوی بمعنی أن الانسان الورع أنه لا یکتفي بالتحرز من المحرمات بل یجتنب الشبهات ایضا کما لو ظن انه لو ذهب الی مجلس معین قد یتلوث بالموبقات فانه یعرض عن ذلک مخافة الوقوع فیها!
 القناعة: القناعة هي أن یسعی الانسان الی تحصل ما یسد حاجته، و أن لا یستحوذ علیه الجشع، فإن استحواذ الجشع یدفع بالانسان الی السلب و السرقه و الاختلاس. اذا سادت القناعة في المجتمع فکل الافراد یستمتعون بالثروات المتوفرة، و لکن اذا غابت القناعة فتصبح الثروات دولة بین عدد قلیل من الافراد کما هو الحال في الدول الغربیة حیث أن واحدا بالمائة یتمتعون بستعة و تسعین بالمائة من الثروات؟
 الصبر: أن الصبر هو الاحتمال امام الکربات و المشاکل التی تعترض طریق الانسان اثناء طاعة الرب الجلیل فعندما یصارع النفس و تمنیاتها الباطلة فعندئذ یتصف الانسان بهذه الصفة الکریمة فینعت بانه صبور!
 الشکر: هو أن تصرف ما انعم الله علیک في الطریق الذي اراد سبحانه و تعالی به فمما انعم الله علی عباده العین و الاذن و اللسان فعندما تستعمل هذه النعم في المجالات التي عینها یصبح الانسان شکورا!
 الحلم: قد یوجه الانسان في مسرح الحیاة شخصیات هابطة، سیئة التعامل، بذیئة الکلام! علی الانسان أن لا یفرط بشخصیته عند مواجهة هؤلاء لأنه یعد مثلهم، فعلیه أن یتعامل معهم برزانة و وقار حتی کانه لم یحدث شيء!و هذا هو الحلم به یقول الشاعر:
 و لقد امر علی اللنیم یسبني
 فمضیت ثم قلت لا یعنیني
 إن الحلم بالنسبة للمتصدین للقضایا الاداریة صغیرة کانت او کبیرة امر فی غایة الأهمیة، المدیر لا یستطبع أن یقوم بأعباء المسؤلیة ما لم یکن حلیما، لانه في کل دائرة تحصل مخالفات فعلی المدیر الکفوء أن یعالج المشکلة بهدوء و عقلانیة و اصطبار ! فعلی سبیل المثال لو لم یسد الحلم في الاسرة فإنها تکون عرضة للتفکک و الا نهیار!
 الحیاء: وهو عند علماء الاخلاق: انقباض النفس امام الموبقات و یعنون بذلک: عندما یلاقي الانسان مشاهد من معصیة الله سبحانه و التمرد علیه تعتریة حالة من الرفض و الانکماش، فالمرأة التی تواجه واقعا فاسدا یدعوها الی المعصیة و انتهاک الشرف تخذر منه، و ترفضه. إن الحیاء یعد سدا منیعاً فإذا ما انتهک فلا یتورع الانسان من الذنب من اي نوع کان! فالحیاه قوة تصان بها شخصیة الانسان و لیس هو بالضعف کما یحلو للبعض أن یصفه!
 السخاء: السخاء هو أن تسمح للآخرین أن ینتفعوا بما و هبک الله من قوة و موقع و علم و مال، فلا یلیق بالانسان أن یخص الاشیاء بنفسه و یؤثر نفسه علی الآخرین!
 الشجاعة:الشجاعة هي أن لا تهاب خصمک و هذا لا یعني المجازفة و التهور، و لولا الشجاعة لما انتصرت الثورة! أن الشجاعة من خصال الامام القائد - قدس سره - فانه قاد الثورة بقوة و شجاعة حتی النصر، و قد کان - قدس سره - مثلا یضرب في الشجاعة و الاقدام!
 الغیرة:الغیره المحافظة علی المحرم من التهمة فالحمیة و الغیرة هنا سواء، فإنَّ العرض یجب أن لا یناله الأذی فعند ما یتوجه الیه الخطر یذب الانسان عنه بقوة و منعة فهو غیور! و کذلک في الدفاع عن حیاض الوطن!
 البر: هو طلب الخیر للآخرین و منشأ البرهو السخاء فالبر و السخاء متلازمان!
 الصدق: هو ضد الکذب فصدق الحدیث من ابرز خصال الانبیاء التی یجب علی الانسان أن یتصف بها.
 أداء الامانه: أداء الامانه تعني أن ترد الامانة الی صاحبها کما استلمتها منه مهما کانت الظروف و الملابسات.
 هذه هي الخصال التي کانت یتصف بها الانبیاء و اراد الامام الصادق أن یتصف بها کل من آمن بآل البیت علیهم السلام ائمة وقادة!
 عنوان البحوث الفقهي:قاعدة الاضطرار
 البحث عن قاعدة الاضطرار وصل بنا البحث الی الدلیل الثاني لهده الاقاعده و هي الروایات.
 الروایات في هذا الباب کثیرة و هي علی طائفتین:
 طائفة عامة تتحدث عن الاضطرار في نفسه
 و طائفة خاصة تتحدث عن موارد خاصة في الاضطرار
 فلو جمعنا هذه الروایات و ضممنا بعضها الی بعض نستطیع نستخلص منها العموم
 اما الروایات العامه:
 اولها حدیث الرافع (الوسائل جلد 11، ابواب جهاد النفس، باب 56، حدیث 1 و 3)
 دار البحث عن هذه الروایة بالتفصیل في الکتب الاصولیة فمن ذلک هو أن حدیث الرفع یرفع الحکم التکلیفي فقط ام یرفع الحکم الوضعي ایضا؟ نحن نری انه رافعاً للحکم سواء کان تکلیفیا او وضعیا إلا أن یقوم دلیلا خاصا علی الخلاف! و قال البعض دون ذلک.
 والحدیث الآخر:
 "عن سماعة عن ابی جعفر علیه السلام: سألته عن الرجل یکون في عینیه الماء فینتزع الماء منها فیستلقي علی ظهره الایام الکثیرة ارعین یوما أو أقل أو اکثر فیمتنع من الصلاة الأیام و هو علی حاله فقال لا بأس بذلک و لیس شيء مما حرم الله إلا و قد أحله لمن اضطر إلیه" [2]
 الروایة صحیحة سندا و اما دلالة فذیلها یفید العموم في قاعدة الاضطرار!
 والحدیث الثالث:
 "عن الحسین بن سعید عن فضالة عن حسین عن سماعة عن أبي بصیر قال سألت أبا عبدالله علیه السلام عن المریض هل تمسک له المرأة شیئا فیسجد علیه فقال لا إلا أن یکون مضطرا لیس عنده غیرها و لیس شيء مما حرم الله إلا و قد أحله لمن اضطر إلیه" [3]
 والحدیث الرابع:
 "سماعة عن أبی عبدالله علیه السلام قال إذا خلف الرجل تقیة لم یضره إذا هو أکره و اضطر إلیه و قال لیس شيء مما حرم الله إلا و قد أحله لمن اضطر إلیه" [4]
 والحدیث الخامس:
 "زید النرسی في اصله، عن أبي بصیر عن أبي جعفر علیه السلام أنه قال في حدیث و ما حرم الله حراما فاحله ألا للمضطر..." [5]
 والحدیث السادس:
 "کتاب سلیم بن قیص الهلالي عن أمیر المؤمنین علیه السلام أنه قال في حدیث و لو لا عهد إلی خلیلي وتقدم إلی فیه لفعلت و لکن قال لي یا أخي کلما اضطر إلیه العبد فقد أباحه الله له و احله الخبر" [6]
 


[1] . حدیث 3، باب المکارم، ج 2
[2] .الوسائل، ج 4، باب 1،ح 5، ابواب القیام
[3] . الوسائل، ج 4، ح6.
[4] الوسائل، ج16، باب جواز الحلف بالیمین الکاذبة، ح18
[5] المستدرک، ج12،ص259.
[6] .المستدرک، ج16،ص166.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo