< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/02/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث:کفارة لبس المخیط
 نعود الی المسألة 16 من تروک الاحرام بعد الانتهاء من بحث قاعدة الاضطرار حیث یقول السید الماتن:
 لو احتاج الی شد فتقه بالمخیط جاز، لکن الأحوط الکفارة، و لو اضطر الی لبس المخیط کالقباء و نحوه جاز و علیه الکفارة
 في المسألة فرعان:
 الاول: لو احتاج المحرم أن یشد فتقه بمخیط ما هو الحکم؟
 یقول السید الماتن: علیه کفارة دم شاة علی الاحوط وجوبا، وقد قلنا لا تجب و إن کانت مستحبة احتیاطا!
 الثاني: لو اضطر الی لبس المخیط لمرض او برد یجوز له ذلک و لکن علیه کفارة.
 و لا یقتصر الاضطرار علی حالتي البرد و المرض بل قد یکون له سبب آخر کما في المواقیت فإن بعض مواقیتنا متقدمة علی مواقیت اهل السنة: مثل میقات ذات عرق لمن یأتي مکة من العراق.
 فلو رافق احد قافلة من اهل السنة فإن احرم من میقاته قد یواجه خطرا فلذا علیه أن یحرم من میقاته فیلبي سرا ولکن للتشبّه بهم یعبر المیقات مرتدیا المخیط تقیة فهنا و إن کان مضطراً الی لبس المخیط و لکن علیه الکفارة فتبین مما تقدم أن سبب الاضطرار الی لبس المخیط متعدد!
 الاقوال:
 لا خلاف في المسألة فإنها من ناحیة الاقوال مسلمة لا بحث فیها:
 ففي الجواهر:
 "لو اضطر الی لبس ثوب یتقي به الحر أو البرد جاز و علیه دم شاة أیضا بلا خلاف فیه، بل الإجماع بقسمیه علیه، و هو الحجة بعد النصوص أیضا" [1]
 مع أن الاجماع في المسألة مدرکي مع ذلک عده حجة!
 و في المعتمد لآیة الله السید الخوئي:
 "المعروف و المشهور الحاقه (أي المضطر) بالعالم بل ادعي علیه الاجماع" [2]
 ثم یشیر الی أنَّ الاجماع مدرکي و یخطئ الاستدلال به مستقلا!
 و قد نُسب الی الشیخ في الخلاف و الی العلامة في التذکرة و المنتهی بأنهما استثنیا السراویل لمن اضطر الیها فقالا لیس علیه کفارة.
 إذن لا خلاف في اصل المسألة و إن کان خلاف في أحد فروعها.
 الدلیل:
 للمسألة دلیلان:
 الاول: البعض استدل لإثبات الکفارة للمضطر بالایة التالیة:
 "و لا تحلقوا رؤسکم حتی یبلغ الهدی محله فمن کان منکم مریضا أو به أذی من رأسه ففدیة من صیام أو صدقة أو نسک" [3]
 فمن استدل بهذه الآیة یری أنّ کلمة المریض مطلقة فإن حذف المتعلق- حیث إنه لم یذکر نوع المخالفة یدل علی العموم فیشمل کل مخالفة، کما أن في القسم الثاني تقول الآیة:
 "أو به أذی من رأسه" فانه یحلق رأسه و هذا مصداق جانب المصادیق الأخری.
 و لکن یلاحظ علیه بأنّ الآیة لا تدل علی المّدعی بدلیل صدر الآیة حیث تقول:
 "لا تحلقوا رؤسکم حتی یبلغ الهدی محله"
 فالآیة لا تجوّز حلق الرأس الی أن یبلغ الهدي موضعه و من ذلک یستثني ما لو طرأ عارض یضطر بسببه الی حلق الرأس کما لو اصیب بالرعاف أو الحُمّی او کان في رأسه شيء من الحشرات فسمحت الآیة أن یحلق المحرم رأسه قبل أن یبلغ الهدی محله! و مع ذلک تثبت الکفارة في حقه! فالآیة تتحدث عن حلق الرأس حصریا لا عن المخیط!
 و الملاحظة الثانیة علی الاستدلال بالآیة هي أن کفارة حلق الرأس تتراوح بین ثلاثة خصال: الصیام (ثلاثه ایام) او الصدقة (ستة مساکین کل منهم نصف صاع)او النسک (و هودم شاة)، و لو قلنا أنّ هذه الایة تدل علی حکم لبس المخیط فلابد من القول بأنّ کفارته ایضا تتراوح بین الخصال الثلاثة، في حین أنّ ذلک لم یقل به احد!
 الثاني: الروایات
 والمهم في اثبات الکفارة للمضطر الروایات التي وردت في الباب 8 من ابواب بقیة الکفارات، روایتان منهما صحیحتان:
 فالروایة الأولی:
 "محمدبن الحسن بإسناده عن موسی بن القاسم عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن زرارة بن أعین قال سمیت أبا جعفر علیه السلام یقول من نتف أبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه أو لیس ثوبا لا ینبغي له لبسه أو أکل طعاما لا ینبغي له أکله و هو محرم ففعل ذلک ناسیا أو جاهلا أو جاهلا فلیس علیه شيء و من فعله متعمدا فعلیه دم شاة" [4]
 في هذه الروایة جعل التعمد مقابل النسیان و عدَّ المضطر متعمدا لأنَّ التعمد قد یکون بالاختیار و قد یکون بالاضطرار!
 البعض اشکل علی الاستدلال بهذه الروایة بأنه صحیح أن المضطر متعمد و لکن السیاق منصرف الی ما لو کان التعمد اختیاریا لا اضطراریا! فعند ما یقال أنَّ فلانا کسر الإناء عمدا فإنه یراد منه العمد الاختیاري دون الاضطراري.
 والثانیة:
 "و عنه عن صفوان و ابن أبی عمیر عن سلیمان بن العیص قال سألت أبا عبدالله علیه السلام عن المحرم یلبس القمیص متعمدا قال علیه دم" [5]
 إن سند الروایة لا یخلو من ضعف و اما دلالة فیرد الاشکال السابق بأنه و إن کان العمد یعم الاضطراري و الاختیاري و لکنّه منصرف الی الاختیاري منهما فحسب!
 والثالثة:
 "محمد بن یعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زیاد و أحمد بن محمد جمیعا عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن زرارة عن أبی جعفر علیه السلام قال من لیس ثوبا لا ینبغي له لبسه و هو محرم ففعل ذلک ناسیا أو جاهلا فلا شيء علیه و من فعله متعمدا فعلیه دم" [6]
 یبدو أن هذا الحدیث هو الحدیث السابق! و إن قیل أنه حدیث آخر فتأتي المناقشة السابقة فیه.
 والرابعة:
 "عبد الله بن جعفر في قرب الإسناد عن عبدالله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخیه موسی بن جعفر علیه السلام قال لکل شيء خرجت من حجک فعلیه فیه دم تهریقه حیث شئت" [7]
 هذا الحدیث عام و یعم کل ما یتنافی مع الحج فکل ماینافي الحج ففیه کفارة.
 و لکن یلاحظ علیه: هل أن قوله علیه السلام "کل شيء خرجت من حجتک" هل یعم ما لو أنک لبست المخیط مضطرا؟! او حلقت رأسک او قلمت اظافرک اضطراراً؟ أم أنّ قوله:«خرجت من حجک» یختص بما لو ترکت الارکان فحسب؟!
 والحق أن الروایة مبهمة فلا یصح الأخذ بها!


[1] .الجواهر، ج20، ص404.
[2] .شرح معتمد، ج28، ص420.
[3] .سورة البقرة، آیة 196
[4] .الوسائل، ج9، باب 8، ابواب بقیة الکفارات.
[5] .حدیث 2.
[6] .حدیث4
[7] .حدیث 5

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo