< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/02/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: وجوب الکفارة للمضطر الی لبس المخیط.
  کان البحث في الفرع الثاني من المسألة 16 عمن اضطر حال الاحرام الی لبس المخیط، فإن هذا الفعل جائز تکلیفا و لکن علیه کفارة بحسب ما هو معروف و مشهور، و الدلیل هو الروایات و الاشکال الذي یرد علی هذه الروایات هو ان کلمه التعمد التي وردت فیها هل أنها تشمل المضطر ام لا؟ لأن کلمة التعمد تستعمل بطریقتین: تارة تستعمل مقابل النسیان ففي هذه الحال تشمل المضطر و غیر المضطر و أخری مقابل الاکراه و الإضطرار ففي هذه الحال لا تعم ما نحن فیه، و علیه تصبح هذه الروایات مبهمة لا یمکن الاستناد الیها لأننا لا نعلم أنها من التقابل الاول ام من التقابل الثاني!
 خصوصاً أن تناسب الحکم و الموضوع یقتضي أن لا یعاقب المضطر فلا تثبت بحقه کفارة، کما هوالحال فيمن اضطر الی الافطار في شهر رمضان حیث أنه لا یثبت في حقه إلا القضاء لأنه لم یرتکب مخالفة!
 إلا أن هناک روایة تبعث علی الأمل للتوصل الی نتیجة مرجوة في هذا المجال و هي:
 "محمد بن الحسن بإسناده عن موسی بن القاسم عن حماد بن عیسی عن حریز عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر علیه السلام عن المحرم إذا احتاج الی ضروب من الثیاب یلبسها قال علیه لکل صنف منها فداء" [1]
 لیس في الروایة کلمة التعمد، و کلمة الاحتیاج فیها تعني الاضطرار لأن الذي یحتاج الی لبس المخیط و یجوز له ذلک هو المضطر، و لو لم یکن مضطرا فالاحتیاج المحض لا یصلح لأن یکون مسوغا لجواز لبس المخیط فلا بد أن یکون الاحتیاج بمعنی الإضطرار!
 کما أنه لم یرد الاشکال السابق لأنه لم ترد کلمة التعمد فیها، و الاشکال الوحید الذي یرد هنا هو أن ماذا تعني کلمة «الفداء»؟ هل أنها تعني «دم شاة»؟ بحسب ما تقتضیه العادة أن کلمة الفداء في روایات کفارات الحج ظاهرة في «دم شاة» و لا سیما أن المجمعین عینوا دم الشاة کفارة فلم یقل احد منهم شیئا سوی ذلک!
 و علیه نحن نقبل الکفارة تعبدا و الروایات السابقة مؤیدة إلا أن بعض الاعلام قد اشکل علی الاستناد الی هذه الروایة و هو آیة الله السید الخوئي في المعتمد و ملخص ما افاده إن النسبة بین حدیث الرفع و حدیث محمد بن مسلم عموم و خصوص مطلق لأن حدیث الرفع یشمل الاضطررا ایضا.
 کما أنَّ النسبة بین احادیث الاضطرار الاربعة و حدیث الرفع عموم و خصوص من وجه لأنّ الروایات الاربعة تقول أنه علی المضطر کفارة - لو قلنا بدلالتها - و في المقابل حدیث الرفع یرفع العقوبة کما یرفع الحکم الوضعي اعني الکفارة، إذن حدیث الرفع یشمل الاضطرار و في الاحادیث الاربعة التعمد عام لانها تشیر الی الفعل العمدی و هو یشمل الاضطرار باصنافه و منها الاضطرار الی لبس المخیط فاذا کان التعارض وجهیا فما هو الحل عندئذ؟
 قد اتضح في مبحث التعادل و الترجیح أن التعارض الوجهي بین الحدیثین یؤدي الی التساقط کما لو کانت النسبة التباین، و عند التساقط یلزم الرجوع الی الاصول العملیة، و الاصل الذي یجري هنا هو اصل البراءة لأنه شک في التکلیف فلاتجب الکفارة.
 و باختصار: حسب الاحادیث - الاربعة التي تعارضت مع حدیث الرفع - یجب أن تجري البراءة و لکن حسب حدیث محمدب ن مسلم تجب الکفارة ، و نحن نقول وفقاً للروایة أنه علی الاقوی تجب الکفارة في لبس المخیط اضطراراً و نوافق المشهور فیما ذهب الیه و لا نقول بالاحتیاط لوجود روایة صحیحة السند مسندة بالاجماع، مع أن الغالب في ابواب الحج أن العامد والمضطر یشترکان في الاحکام!
 بقي هنا شیء و هو أنه سبق منا أنه حکي عن العلامة في المنتهی و التذکرة و عن الشیخ في الخلاف قولها أنه لا کفارة للبس السراویل عند الاضطرار! ولکن یلاحظ علیه
 یلاحظ علیه:
 لا دلیل علی هذه الفتوی و لا سیما أن العلمین قد ادعیا الاجماع علی ماذهبا الیه في حین أننا لم نجد من وافقهم علی ذلک! و في هذا المقام نستحضر ما افاده الشیخ الاعظم من أن الاجماعات المنقولة لا یمکن الاعتماد علیها! و مانحن فیه، إن الذین قالوا بالکفارة في لبس الثوب المخیط قالو بذلک علی نحو الاطلاق و لم یستثنوا شیئا منه، فما ذهب الیه هذان العلمان لا یصلح للأخذ!


[1] .الوسائل، باب 9، ابواب بقیة کفارات الاحرام

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo