< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/03/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: کفارة لبس المخیط
 کان البحث في المسألتین الثامنة عشرة و التاسعة عشرة في کفارة لبس المخیط، قلنا بقیت امور الأمر الأول: هو أن بعض الاعلام فرق بین وحدة المجلس و تعدده فقال اذا تعدد اللبس في مجلس واحد فکفارة واحدة و اذا تعدد في مجلسین او اکثر فتتعدد الکفارة، في حین أن صاحب الجواهر یدعي أنه لا عین و لا اثر لعنوان المجلس في روایات المسألة غیر أن البعض یری أنه یمکن التعدي من روایات تقلیم الاظافر التي ورد فیها عنوان المجالس الی ما ورد في مسأله لبس المخیط و هما روایتان:
 الاولی:
 "محمد بن الحسن بإسناده عن الحسین بن سعید عن الحسن بن محبوب عن علي بن رثاب عن أبي بصیر قال سألت أبا عبدالله علیه السلام عن رجل قص ظفرا من أظافیره و هو محرم قال علیه في کل ظفر قیمة مد من طعام حتی یبلغ عشرة فإن قلم أصابع یدیه کلها فعلیه دم شاة فإن قلم اظافیر و رجلیه جمیعا فقال إن کان فعل ذلک في مجلس واحد فعلیه دم و إن کان فعله متفرقا في مجلسین فعلیه دمان" [1]
 الثانیة:
 "عن حمید بن زیاد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن علي بن الحسن بن رباط عن هاشم بن المثنی عن أبي بصیر عن أبي عبدالله علیه السلام قال إذا قلم المحرم أظفار یدیه و رجلیه في مکان واحد فعلیه دم واحد و إن کانتا متفرقتین فعلیه دمان" [2]
 هل یمکن آن نتعدی من هذه المسألة الی مسألة لبس المخیط؟ و الحق أنه لا یمکن التعدي لأن القیاس ظني و الحجة هو القیاس الذي تکون علته قطعیة او منصوصة او یکون القیاس قیاس أولویة، بل یمکن القول أنه قیاس مع الفارق لأن تقلیم الاظافر لا یکون في اکثر من مجلسین لان في کل مجلس عشرة اصابع و لکل مجلس دم شاه و إن کان اقل من عشرة اصابع فکفارته مد طعام، في حین أن لبس المخیط یمکن أن یکون في مجالس متعددة!
 الأمر الثاني:
 الی الان کان الحدیث عن کفارة العمد في لبس المخیط، فما الحکم في اللبس الاضطراري؟
 في ابواب کفارات الاحرام ثلاث حالات: نسیان و جهل و عمد، لا کفارة في حالتي الجهل و النسیان و اما في حال العمد سواء کان اضطراریاً او اختیاریاً فتثبت الکفارة. و قد اشارة الروایة التالیة الی الصور الثلاثة:
 "محمد بن الحسن بإسناده عن موسی بن القاسم عن الحسن بن محبوب عن علي بن رثاب عن زرارة بن أعین قال سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول من نتف إبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ینبغي له لبسه أو أکل طعاماً لا ینبغي له أکله و هو محرم ففعل ذلک ناسیا أو جاهلاً فلیس علیه شيء و من فعله متعمداً فعلیه دم شاة" [3]
 کما أن روایة محمد بن مسلم قد اثبتت تعدد الکفارة لمن اضطر الی لبس المخیط.
 إن قلت: إن هذا الحکم یتضارب مع حدیث الرفع حیث یقول:
 "رفع عن امتي ما اضطروا الیه"
 و قد سبق أن حدیث الرفع یعم الاحکام التکلیفیة و الوضعیة معا فلابد في ما نحن فیه أن یرتفع الحکم الوضعي و هو الکفارة کما ارتفع الحکم التکلیفي و هو حرمة لبس المخیط!
 قلنا: إن لحدیث الرفع استثنائات فعلی سبیل المثال من اضطر في شهر رمضان الی الافطار لمرض فعلیه قضاء الصیام و کفارة و هي مد من طعام کما في الآیة :
 "فمن کان منکم مریضا أو علی سفر فعدة من أیام أخر و علی الذین یطیقونه فدیة طعام مسکین" [4]
 
 و کذلک الأکل في المخمصة - و هو حالة الجفاف - فیجوز لمن اضطر أن یأکل مال الغیر من دون اذنه فیرتفع الحکم التکلیفي في هذه الفرض و لکن الحکم الوضعي و هو ضمان ما أکله باق علی حاله.
 و هناک اشکال آخر یعترض الطریق في اقرار الکفارة و هو أن الکفارة عقوبة فکیف یقر الشارع عقوبة المضطر الی لبس المخیط؟
 والجواب: اقر الشارع احیاناً عقوبة الکفارة للناس و الغافل و الجاهل کما في قتل الخطأ حیث تثبت الدیة في حقه کما تثبت کفارة الصیام ستین یوماً! والشارع اقر الکفارة في هذه الموارد لیحتاط الناس اکثر فاکثر. و في الحج ایضاً اقرالکفارة لکي لا یستهین المحرم بلبس المخیط حتی اذا کان مضطراً!
 الأمر الثالث:
 لو لبس المحرم المضطر قباه منکوساً او ألقی القمیص علی عاتقه و لم یلبسه فهل علیه کفارة ایضاً أم لا؟ یبدو انه لیس، علیه کفارة. ففي الباب 44 من ابواب تروک الاحرام روایات تدل علی لزوم لبس القباء منکوساً للمضطر:
 "محد بن الحسن بإسناده عن موسی بن القاسم عن ابن أبي عمیر عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله علیه السلام قال إذا اضطر المحرم إلی القباء و لم یجد ثوبا غیره فلیلبسه مقلوباً و لا یدخل یدیه في یدی القباء" [5]
 و هي صحیحة سنداً و تامة دلالة!
 في هذا الباب ثمانیة روایات لیس فیها اشارة الی الکفارة مع ان الامام علیه السلام کان في مقام البیان، فمن هذه الروایات یستفاد أنه لا کفارة علی من اضطر الی لبس المخیط منکوساً و إن تدرع به، و أن الروایات التي اقرت الکفارة منصرفة الی اللبس الطبیعي للمخیط!
 قلنا تتعد الکفارة للمضطر اذا ما تعدد لبسه إلا آن في المستدرک روایتان تقول اذا لبس المحرم المخیط في حالته الطبیعیة لیس علیه إلاکفارة واحد:
 "الجعفریات آخبرنا عبدالله أخبرنا محمد حدثني موسی قال حدثنا أبي عن أبیه عن جده جعفر بن محمد عن أبیه عن جده علي بن الحسین عن أبیه عن علي علیه السلام قال المریض إذا أراد الأحرام و هو متخوف علی نفسه من البرد فلیحرم و علیه ثیابه من الثیاب ولیکفر بما سماه الله تبارک و تعالی في کتابه ففدیة من صیام أو صدقة أو نسک" [6]
 من الواضح أن المریض یرتدي ملابس مختلفة و مع ذلک تقول الروایة لیس علیه إلا کفارة واحدة و في نوع الکفارة تقول أنه مخیر بین دم شاة او صدقة او صیام.
 و الروایة الثانیه التي رواها صاحب المستدرک من دعائم الاسلام جائت بنفس المضمون الذي ورد في الروایة السابقة.
 و لکن بما أن الروایتین ضعیفتین سنداً لا یمکن الاعتماد علیهما بحال!
 الأمر الرابع:
 إن المحرم إذا لبس المخیط سهوا او جهلا فما دام ساهیا جاهلاً فلا کفارة علیه.
 و هناک سؤال: إذا انتیه الساهي او الجاهل و لم ینزع ما لبسه من مخیط فهل أن الاستدامة في اللبس مثل اللبس الابتدائي؟ و هل أن الکفارة تعدد بتعدد الملابس أم أن الاحکام تختص باللبس الابتدائي؟
 والجواب: إن الأدلة ظاهرة في عدم الفرق بین اللبس الابتدائي و الاستمراري فالاحکام بینهما مشترکة.
 سبق و أن أتینا بروایة تفید أن جاهلاً کان یطوف بملابسه الاعتیادیه فقال له الناس: بطل حجک و علیک کفارة و یلزم أن تشق ثوبه و تنزعه من تحت رجلک، ولکن الامام الصادق علیه السلام رد علیهم أنه: لا یجب علیه شيء من ذلک فحجه صحیح و لا کفارة علیه و یتمکن أن ینزع ثوبه من فوقه، و مع ذلک قال الامام بأن لا یستمر بلبس المخیط بعد علمه بالحرمة!
 الأمر الخامس:
 قد یلبس المحرم المخیط عده مرات فتجتمع علیه عشر کفارات مثلاً! فیقع في عسر و حرج في أدائها فما علیه في هذه الحال؟
 و الجواب: إن ادلة العسر و الحرج حاکمة علی ادلة الکفارة فعندما یقع المحرم في عسر و حرج فعلیه أن یؤدي من الکفارة ما یستطیع و أما في الزائد فیجري البراءة! و کم لذلک من نظیر! فأن من توضا خطأ طوال اربعین سنة مثلا فإنه یقضي صلاته ما لم یقع في عسر و حرج لأن الشریعة الاسلامیة شریعة سهله سمحة!


[1] .الوسائل ، ج 9، باب 12، ابواب بقیة الکفارات ، ح 1.
[2] .الوسائل ، ج 9، باب 12، ابواب بقیة الکفارات ، ح 6.
[3] .الوسائل ، باب ج9، باب 8، ابواب بقیة الکفارات، ح 1.
[4] .البقرة ، آیة 184.
[5] .الوسائل ، باب 44، ابواب تروک احرام، ح 1.
[6] . مستدرک الوسائل، ج 9، باب 8، ابواب بقیة الکفارات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo