< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/03/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث : حکم لبس الخف و الجورب للمحرم
 کان البحث في التاسع من تروک الاحرام و هو حرمة لبس الجورب للرجال و إن لم یکن في ذلک کفارة الا أن ذلک جائز للمضطر، و البحث في أنه هل یلزم شق الخف و الجورب ام لا؟ قبل ذلک ینبغي معالجة الفرع الأول و هو في اصل الحرمة، إن الحکم اجماعي بین المسلمین و إن اختلفوا في أن المحظور هو الخف (الحذاء) ام الحذاء و الجورب ام کل ما یغطي ظهر القدم لو صدق اللبس؟ فأي عنوان من هذه العناوین هو موضوع الحکم؟
 و قد وردت مفردة (الظهر) في الروایات و في عبارات الفقهاء. في المحاضرة السابقة اوردنا جانبا من الاحادیث و هنا نورد جانباً آخر منها و هي التي تشیر الی الخف فحسب:
 "عن محمد بن عذافر عن عمر بن یزید عن أبي عبد الله علیه السلام قال یلبس المحرم الخفین إذا لم یجد نعلین و إن لم یکن له رداء طرح قمیصه علی عنقه أو قباءه بعد أن ینکسه" [1]
 إن مفهوم الجملة الشرطیة في الروایة یفید أنه لو لم یکن اضطرار في البین فلا یجوز له لبس الخف او الحذاء، مع أن الاشارة الی لبس المخیط في ذیل الروایة یلمح الی أن الحکم یختص بالرجال لأن لبس المخیط یختص بهم ایضاً.
 تقدم أنه في الروایات تارة تکون الاشارة الی الخف و اخری الی الخف و الجورب معا و لکن لا تضارب بینهما لأن اثبات الشي لا ینفي ما عداه و علیه یحظر لبس الخف و الجورب قطعاً.
 هنا یجب أن نعرف سبب افتاء اکثر الفقهاء بحرمة ما یستر ظهرالقدم و ذلک کما لو غطّی المحرم ظهر قدمه بشریط لا صق!
 قد نتمکن أن نقیم علی ما ذهب الیه المشهور دلیلین کلاهما ضعیفان:
 الاول: الاجماع
 قد یتمسک لذلک بالاجماع و لکن المسألة لیست اجماعیة لأن کثیراً من الفقهاء قد اکتفی بالاشارة الی الحذاء و الجورب فحسب ! ناهیک عن أن الاجماع مدرکی بمعنی انه لو کان اجماع فانه مستند الی الروایات التي تقدمت.
 الثاني: الغاء الخصوصیة
 إن غرض الشارع من الاشارة الی الخف و الجورب هو أنه یلزم أن یکون ظهرالقدم مکشوفا و لذلک اعتبر کل ما یغطی ظهر القدم ممنوعاً !
  و لکن یرد علیه بأن الغاء الخصوصیة یجب أن یکون قطعیاً، بمعنی أنه عندما ینظر العرف الی ذلک لا یری خصوصیة في مورده فعلی سبیل المثال لو قلنا أنّ شکّ المرأ في عدد الرکعات یبني علی الاکثر فإن العرف یری أن الحکم عام للمرأة و الرجل، في حین أن الغاء الخصوصیة في المسألة موضع البحث لیس یقیناً!
 ینبغي الانتباه الیه هو أنّ ما یرمی الیه الشارع من کشاف ظهر القدم هو تعبد محض ام أنّه بقرینة التروک الأخری أن الشارع یرید أن یبعد المحرم من الرخاء و الترفیه الاعتیادیان و من هنا اوجب أن یکتفي بقطعتي قماش من الملبوس و أن لا یستعمل الطیب و أن لا یلبس الخف و الجورب و لا ینظر في المرأة و ان لا یحلق رأسه!
 و من هنا یتضح انه لا معنی لا لغاء الخصوصیة للتعمیم لأن السر هو الابتعاد من الحیاة الاعتیادیة و لذلک لو وضع المحرم شریطا علی رجله او وضع قطعة قماش علیها لکي لا ینالها الأذی اذا ما دهسها احد فلا اشکال في ذلک!
 إذا بما أن لبس الخف و الجورب لیس تعبدا محضا نکتفي بحرمة الخف و الجورب فقط.
 لو سلمنا أن الشارع لا یرید الابتعاد عن الحیاة الاعتیادیة إلا أن احتمال ذلک یکفي للمنع من الغاء الخصوصیة لأن الالغاء یجب أن یکون قطعیاً!
 فالنواصل ما تبقی من بحث الفرع الاول و هو اختصاص الحکم بالرجال دون النساء:
 الاقوال:
 اختلف الفقهاء في المسألة فان بعضهم مثل الشیخ في النهایة و المبسوط و ابن حمزة في الوسیله فانهم قالوا أنّ الحکم کما یشمل الرجل یشمل المرأة ایضاً إلا أن الشهید و جماعة من المتأخرین قد استثنوا المرأة و افتوا باختصاص الحکم بالرجل.
 دلیل القول بالعموم:
 إن القائل بالعموم یری أن ظاهرالاخبار هو العموم لأن المحرم عام یشمل المرأة و الرجل علی السواء ، إلا أن في روایة ورد اسم الرجل فقط و لکن هذا لا یضر لأن السوال کان عن الرجل و اثبات الشيء لا ینفي ما عداه و أن قاعدة الاشتراک في التکلیف جاریة هنا فالحکم مشترک بین الرجل و المرأة.
 دلیل القول بالاختصاص:
 الاول: روایة عیص بن القاسم.
 "محمد بن یعقوب عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن یحیی عن عیص بن القاسم قال قال أبو عبدالله علیه السلام المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثیاب غیر الحریر و القفازین" [2]
 بناء علی هذه الروایة إن لم یکن الخف من الثیاب فالجورب من الثیاب قطعا ، و لما جوزنا الجورب للنساء فالخف ایضا جائز لهن لعدم القول بالفصل بمعنی انه کل من جوز الجورب، جوز الخف ایضاً.
 نظرا لما تقدم فان النسبة بین هذه الروایة و الروایات التي و رد فیها عنوان المحرم هو العموم و الخصوص من وجه، بالبیان التالي: فإن قوله علیه السلام: «تلبس ما تشاءت من الثیاب» عام لجمیع الملابس و لکن بما أنها تختص بالمرأة فهي خاصة، و الروایات التي ورد فیها کلمه (المحرم) عامة لأنها تعم الرجل و المرأة علی السواء و من جهة اخری فهي خاصة لأنها تختص بالخف و الجورب فالنسبة بینهما عموم و خصوص من وجه.
 و قد قلنا في بحوثنا الاصولیة أن إعمال المرجحات و التخییر في التعارض یختصان بما اذا کانت النسبة بینهما التباین و اما اذا کانت النسبة العموم والخصوص الوجهي فانهما یتساقطان في مادة الاجتماع و علیه یلزم اللجوء الی اصل البراءة و هو یقتضي جواز استعمال الخف و الجورب!
 الدلیل الثاني:
 کانت روایات تعطف المخیط علی الخف و الجورب، فإن هذا العطف مؤشر الی أن حکم الخف و الجورب یختص بالرجال دون غیرهم، و قد ورد في (الحدیث 2 باب 44) الوارد في مستهل البحث ما یلي:
 "یلبس المحرم الخفین اذا لم یجد نعلین و إن لم یکن له رداء طرح قمیصة علی عنقه..."
 و کذلک مارورد في صحیحة معاویة بن عمار حیث تقول:
 "عن أبي عبدالله علیه السلام في حدیث قال و لا تلبس سراویل إلا أن لا یکون لک إزار و لا خفین" [3]
 زد علی ذلک أن لبس النعلین و نزع الجورب للمرأة لا یخلو من صعوبة! مع انه بعید جدا أن یجیز الشارع لبس جمیع الملابس و یستثني الخف و الجورب، المطلوب شرعاً بالنسبة الی المرأة أن تسفر عن وجهما و ما سوی ذلک فلا دلیل علیه!


[1] . الوسائل، ج9، ابواب تروک الاحرام، باب 44.
[2] .الوسائل، ابواب الاحرام، باب 33، ح9.
[3] .الوسائل، باب 51، ح1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo