< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/03/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 العاشر: الفسوق
 وصل البحث إلى العاشر من تروك الإحرام و هو الفسوق حیث أن حرمته تعد إجماعية للمحرم، و قد كان البحث في تفسیر معنی الفسوق حیث بيّنا تسعة أقوال في ذلک. انتهینا الی البحث في الروایات التي كانت أربعة مجموعات و قد فسّرت طائفة منها الفسوق بالكذب وأخرى بالكذب والسباب و ثالثة بالكذب والمفاخرة و رابعة بالمفاخرة فقط.
 تصوّر البعض أنه لدينا طائفة خامسة من الروايات تفسّر الفسوق بالسباب فقط وهي روايتان وقد وردتا في باب أحكام آداب العشرة عن النبي صلی الله علیه و آله وبمضمون واحد:
 ح: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وأكل لحمه من معاصي الله ..."
 نقل العامة عن النبي هذه الرواية أيضا، يقول إبن قدامة في المغنى:
 ح: أمّا الفسوق فهو السباب لقول النبي: سباب المؤمن فسوق.
 قلنا: فسّر هؤلاء الروایة بعکس ما یظهر منها تماما لأن الرواية تقول «السباب فسوق» بمعنی أن إحدى مصاديق الفسوق هو السباب! فإذا كانت تقول أن >الفسوق هو السباب<، لكنا نستطيع القول أن معنى الفسوق هو السباب.
 بالإضافة إلى ذلک أن قول النبي لا صلة له بالحج و محرّمات الاحرام ولا يدور البحث فیها حول الفسوق في الحج والقرينة علی ذلك هو باقي الرواية.
 و قد تفطن العلّامة في التذكرة إلى هذه الملاحظة فأشار إليها بعد نقل فتاوی وذكر الإستدلال بالرواية النبوّية فقال:
 وهو غير دال وسبب الغلط إيهام العكس.
 الجمع بين الروايات:
 للجمع بين الروايات أربع طرق:
  • تقیيد مفاهيم الروايات بمنطوق روايات أخرى:
 و هو الطريق الذي قاله صاحب الجواهر بهذا البيان: أن للروايات مفهوم، نقيّد مفهومها بمنطوق روايات أخرى. فإن مفهوم روايات الكذب هو أن الفسوق يعني الكذب ولكن روايات السباب تدل بالمنطوق علی السباب فتقيّد مفهوم روایات الکذب. رواية المفاخرة أيضا بمنطوقها تضرب قيدا آخرا على مفهوم روايات الكذب، وهنا من باب تقديم المنطوق على المفهوم، نقيّد مفهوم الروايات السابقة بمنطوق روایات السباب والمفاخرة.
  • حمل القيود على المصاديق:
 و هو أن نعتبر الكذب والسباب والمفاخرة مصاديق للفسوق و ليس من باب بيان الحصر يعني أن روايات الطائفة الأولى بيّنت مصداقا وروايات الطائفة الثانية مصداقين وروايات الطائفة الثالثة مصداقين آخرين إذاً فالروايات هي من باب ذكر المصاديق بقرینة سائر الروايات.
  • الإطلاق المقامي:
 على سبيل المثال لو سئل عن اشخاص في بیت ما فعدّ المجیب افرادا ولم یأت بذکر علی زید مثلاً و جعل کلامه مطلقا فنحن نفهم من ذلك أن زيداً والآخرين ليسوا حاضرین في البيت!
 وکذلک ما نحن فيه فعندما تذکر هذه الحالات الثلاثة في معنى الفسوق ولم تذكر بقية الحالات، نفهم أن الثلاثة داخلات في معنى الفسوق، بالإضافة إلى أن هناک روايتين معتبرتين تدلان علی ذلک.
  • تساقط القيود المتعارضة:
 نقل صاحب الجواهر طريقة الجمع هذه عن صاحب المدارك و قد تعجب منها و هي أن معنى الفسوق هو الكذب فقط بهذا البيان: أن الرواية الصحيحة التي تقول بالكذب والسباب تتعارض مع رواية المفاخرة و روایة المفاخرة تتعارض مع روایة السباب فتتساقط فيبقى الكذب فقط يعني أن رواية المفاخرة تنفي السباب وينفي السباب المفاخرة.
 صاحب الجواهر یقول أن هذه الروایات لا ينفي بعضها البعض الآخر، بل أن بعضهما یثبت الآخر فلا تعارض بینهما مما يعني أن وجود المفاخرة لا يتعارض مع السباب.
 ما هي حصیلة البحث؟ هل أن المصادیق الثلاثه تدخل تحت عنوان الفسوق؟
 اذا ارتضینا احد طرق الجمع فالمصادیق الثلاثة تدخل تحت عنوان الفسوق فالروایة تشمل المصادیق الثلاثة جمیعا!.
 للمرحوم النراقي ملاحظة لافتة في المستند في ذلک حيث يقول:
 لا أثر لهذا الخلاف لأننا من جهة لا نقول بكفّارة للفسوق ومن جهة أخرى فإن حرمة الكذب والسباب أمر مسلّم والمفاخرة الشاملة للإيذاء حرام أيضا وجميعها معاص ولا فرق إن كانت داخلة في عنوان الفسوق أو لم يكن! و بما أنه لا كفارة له لا فرق فيه سواء کان في حال الإحرام أو غير الإحرام إلا أنه في حال الاحرام معصیته اشد و اغلظ، لذلك فلا ثمرة له في الفقه.
 نقول: هنا ملاحظتان لافتتان:
  1. إذا قلنا باستحباب الكفارة ففي هذه الحال نظراً الی أن الإستحباب أمر فقهي - يأتي هذا البحث في أنه أين تقع هذه الكفّارة؟ في الكذب فقط أو في كذب والسباب أو في الكذب والسباب والمفاخرة؟ إذاً فیها ثمرة فقهية مستحبّة.
  2. ليست كل أقسام المفاخر محرمة فالنفرض الآن أنه حصلت مفاخرة غير محرمة ولم يحصل کذب و لا سباب، فإنه في هذا العمل إشكال حال الإحرام خصوصا و أنه في زمن الجاهلية كان العرب يتفاخرون في الحج و الإسلام حرم ذلك. إذا فإن قسمنا المفاخرة الی قسمين فالثمرة تظهر في حال الإحرام عند ما لا تکون المافاخرة محرمة.
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo