< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/04/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حکم الفسوق للمحرم
 وصلنا في البحث إلى العاشر من تروك الإحرام و هو الفسوق وتم بيان القوال وكان المشهور والمعروف أن لا كفارة علیه.
 الدلیل:
 دليلنا هو الروايات التي تنقسم إلى ثلاث طوائف:
 الطائفة الأولى: لا کفارة في الفسوق
 لا کفارة الروايات التي تقول بعدم وجود الكفارة للفسوق:
 "وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ قُلْتُ أَ رَأَيْتَ مَنِ ابْتُلِيَ بِالْفُسُوقِ مَا عَلَيْهِ قَالَ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ حَدّاً يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ يُلَبِّي".
 الصَّدُوقُ فِي الْمُقْنِعِ: وَ الْفُسُوقُ الْكَذِبُ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ مِنْهُ:
 وطبقا لذلك لم تثبت الکفارة.
 الطائفة الثانية: الکفارة أن یتصدق
  هناک روايات عديدة تدل على أن المحرم إذا ارتكب فسوقا فعليه التصدق:
 " وَ عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ فَمَنْ رَفَثَ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ يَنْحَرُهَا وَ إِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ وَ كَفَّارَةُ الْفُسُوقِ يَتَصَدَّقُ بِهِ إِذَا فَعَلَهُ وَ هُوَ مُحْرِمٌ"
 " وَ عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ فَمَنْ رَفَثَ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ يَنْحَرُهَا وَ إِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ وَ كَفَّارَةُ الْفُسُوقِ يَتَصَدَّقُ بِهِ إِذَا فَعَلَهُ وَ هُوَ مُحْرِمٌ "
 " عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد..."
  وهو نفس حديث علي بن جعفر والظاهر أن الأحاديث الثلاثة الأخيرة هي رواية وأحدة و هي صحيحة على الأقل.
 الطائفة الثالثة: الکفارة بقرة روایة تقول بأن الكفارة بقرة واحدة:
 " عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ فِي حَدِيثٍ: وَ فِي السِّبَابِ وَ الْفُسُوقِ بَقَرَ"
 الجمع بين الروايات:
 من باب حمل الظاهر على النص نحكم باستحباب التصدق وذبح البقرة وإذا لم يقدر المحرم علی ذلک فليعط شيئا بعنوان الصدقة، و قد فهم الأصحاب ذلک وفهم الأصحاب مؤيد في هذا المجال.
 أدلة الأقوال الأخرى:
  1. القائلون بأن معنى الفسوق هو الكذب على الله والرسول والأئمة، دليلهم هو القدر المتیقن، مما يعني بأن روايات الكذب مطلقة لكن القدر المتيقن منه هو الكذب على الله ورسوله (صلی الله عیه و آله) والأئمة (علیهم السلام).
  2. و من فسر الفسوق بانه الكذب على الله تمسك كذلك بالقدر المتيقن يعني القدر المتيقن و هو من القدر المتيقن الكذب على الله و رسوله (صلی الله علیه و آله) والأئمة (علیهم السلام).
 نقول في الرد علی القولین أن إطلاق الاحادیث حجة لنا وهذا الإطلاق يشمل جميع أنواع الكذب، لذلك فإن القدر المتيقّن غير صحيح، بل نعتقد أن معنى التفاخر والسباب داخلان في معنى الفسوق ایضاً حسب ما تقدم.
 اما القول بأن الفسوق هو کل لفظ قبیح او کل معصیة، فإن الذي قال بذلک تمسک باطلاق الآیة لأن ظاهر الآیة کل معصیة إلا أن التمسک بالاطلاق و اهمال الروایات، فهو من قبیل الاجتهاد مقابل النص لأن الروایات حصرت الفسوق بالکذب علی الله و السباب و التفاخر و ذلک یشبه قوله تعالی: «یا ایها الذین آمنوا اوفوا بالعقود» ثم وردت روایات اخرجت المعاملات المحرمة مثل الربا حیث لا یجب الوفاء بها.
  • و اما القول بأن کل قبيح فسوق (کما یقول ابن أبي عقيل) فإنّ دلیله الروایة التالیة:
 "مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ وَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى كُلِّهِمْ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِذَا أَحْرَمْتَ فَعَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ ذِكْرِ اللَّهِ وَ قِلَّةِ الْكَلَامِ إِلَّا بِخَيْرٍ فَإِنَّ تَمَامَ الْحَجِّ وَ الْعُمْرَةِ أَنْ يَحْفَظَ الْمَرْءُ لِسَانَهُ إِلَّا مِنْ خَيْر".
 والرواية تشمل البذاء والقبائح.
 قلنا: أن الإمام علیه السلام في مقام بیان المستحبات وسياق الرواية يدل على ذلك، فإنه ورد فیه: «قلة الکلام» «ذکر الله»،«فعلیک بتقوی الله» و علیه أن الفسوق هو نفس الكذب والسباب والتفاخر.
 بقي هنا أمر:
 يقول صاحب الجواهر في حقيقة المفاخرة:
 «إن المفاخرة لا تنفكّ عن السباب لأنّها تحصل بذكر الفضائل لنفسه وسلبها عن خصمه وسلب الرذائل عن نفسه وإثباتها لخصمه وهو معنى السباب».
 نحن نعتقد أن المفاخرة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: حرام، مكروه، و واجب. ويجب الإلتفات إلى أن المفاخرة و إن كانت من باب مفاعلة لكن لیست بین اثنين دائما بل في باب المفاعلة ما لم یکن من هذا القبیل فلو اطرأ الشخص علی نفسه من دون أن یتعرض لآخر یطلق علیه مفاخرة ایضاً و هکذا في المدارة و المناجاة و المفاجهة.
 للمفاخرة أنواع وبعض أنواعها حرام و هي التي أشار الیها صاحب الجواهر.
 وهناک قسم آخر من المفاخرة وهو أن يذكر الشخص فضائل نفسه دون أن يسلبها من غيره أو أن ينفي رذائل عن نفسه من دون أن يثبتها لغيره فمثلاً يفتخر بأمه وأبيه وأولاده ولا ينسب شيئا لغيره و لا يسلبه منه فهذا أيضا من مصاديق المفاخرة إلا أنها مکروهة شرعاً.
 كان من عادات عرب الجاهلية أنهم يفتخرون بآبائهم فقال النبي في يوم فتح مكة:
 "إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ بِالْإِسْلَامِ نَخْوَةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَ التَّفَاخُرَ بِآبَائِهَا وَ عَشَائِرِهَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مِنْ آدَمَ وَ آدَمُ مِنْ طِينٍ أَلَا وَ إِنَّ خَيْرَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَ أَكْرَمَكُمْ عَلَيْهِ الْيَوْمَ أَتْقَاكُمْ وَ أَطْوَعُكُمْ لَه.."
 لقد الغى الرسول الأكرم التفاخر الجاهلي ووضع التقوى ملاكا للتفاخر.
 يُستفاد من هذه الروايات أن التفاخر ليس بعمل جيّد لكن لا نملك دليلا على حرمة هذا القسم.
 نقرأ في الكافي رواية عن الإمام الصادق × يقول فيها:
 أتى رسول الله رجل فقال: يا رسول الله أنا فلان بن فلان حتّى عدّ تسعة فقال له رسول الله : أما إنّك عاشرهم في النار.
 ظاهر هذه الرواية هو حرمة التفاخر لكن الملاحظ هنا هو أن هذه الحالة من باب قضية في واقعة ولا إطلاق فیها، بمعنی أن هذا الشخص طرح سوالاً في ظرف معین فأجابه الرسول صلی الله علیه و آله حسب هذا الظرف و علیه لا یمکن فهم الاطلاق من سیاق الروایة فلا نستطیع أن نحکم بالحرمة فنقول کل من تفاخره فهو في النار! فنستخلص الإطلاق منه؛ فلذلك لا یمکن أن نثبت الحرمة.
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo