< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/04/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث حکم الجدال المحرم
 البحث في الجدال و هو الحادی عشر من تروک الاحرام، قد اسلفنا أن ظاهر الآیة (البقرة: 197) هو حرمة مطلق الجدال اعني کل مخاصمة، بعض فقهاءالجمهور ذهبوا الی ذلک و عبروا عن الجدال بالمراء و هو یعني الغلبة علی الخصم و فرض الارادة علیه.
 إلا أن الروایات تتجه انجاها خاصا خلافاً لما یدل علیه ظاهر الآیة فخصصت الجدال بقول: لا و الله و بلی والله، و المقصود من ذلک هو التوسل بالقسم لاثبات شيء او نفیه لا صرف القسم!
 الروایات في ذلک علی اربعة طوائف، الطائفة الاولی هي الروایات التي تخصص الجدال بهاتین العبارتین، و قد اتینا بعدد من الروایات في البحث السابق وهنا نأتي بما تبقی منها:
 "عن ابن أبي عمیر و عن محمد بن اسماعیل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن یحیی و ابن أبي عمیر جمیعا عن معاویة بن عمار قال قال أبو عبدالله علیه السلام فيحدیث و الجدال قول الرجل لا و الله و بلی و الله .. قال و سألته عن الرجل یقول لا لعمري و بلی لعمري قال لیس هذا من الجدال و إنما الجدال قول الرجل لا و الله و بلی و الله" [1]
 والروایة صحیحة سنداً و تامة دلالة.
 "العیاشي في تفسیره عن ابراهیم بن عبد الحمید عن أبي الحسن موسی علیه السلام قال من جادل في الحج فعلیه إطعام ستة مساکین لکل مسکین نصف صاع إن کان صادقا أو کاذبا فإن عاد مرتین فعلی الصادق شاة و علی الکاذب بقرة لأن الله تعالی قال فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج و الرفث الجماع و الفسوق الکذب و الجدال قول لا و الله و بلی و الله و المفاخرة" [2]
 الطائفة الثانیة: و هي التي تحرّم الجدال بصورة مطلقة:
 "محمد بن یعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسین بن سعید عن فضالة بن أیوب عن أبي المغراء عن سلیمان بن خالد قال سمعت أبا عبدالله علیه السلام یقول في الجدال شاة الحدیث" [3]
 الروایة صحیحة سنداً و ظاهرها المنع من کل نوع من الجدال!
 "عن علي بن ابراهیم عن أبیه عن ابن أبي عمیر عن حماد عن الحلبي عن أبي عبدالله علیه السلام في حدیث قال قلت فمن ابتلي بالجدال ما علیه قال إذا جادل فوق مرتین فعلی المصیب دم یهریقه و علی المخطیء" [4]
 و هي صحیحة سنداً و اما دلالة فهي تمنع کل نوع من المخاصمة والجدال. و معنی المصیب هو من اقسم صادقاً و المخطیء من اقسم کاذباً!
 "عن حماد عن حریز عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر علیه السلام قال سألته عن الجدال في الحج فقال من زاد علی مرتین فقد وقع علیه الدم فقیل له الذي یجادل و هو صادق قال علیه شاة و الکاذب علیه بقرة" [5]
 الظاهر من هذه الروایة هو المنع من الجدال مطلقا.
 "عن ابن أبي عمیر عن حماد بن عثمان عن الحلبي عن أبي عبدالله علیه السلام في قول الله عز و جل الحج أشهر معلومات فمن فرض فیهن الحج فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج فقال إن الله اشترط علی الناس شرطاً و شرط لهم شرطا قلت فما الذي اشترط علیهم و ما الذي اشترط لهم فقال أما الذي اشترط علیهم فإنه قال الحج أشهر معلومات فمن فرض فیهن الحج فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج و أما الذي شرط لهم فإنه قال فمن تعجل في یومین فلا إثم علیه و من تأخر فلا إثم علیه لمن اتقی قال یرجع لا ذنب له الحدیث " [6]
 فإن قوله «فمن تعجل في یومین فلا اثم علیه» یعني عند ما یکون بمنی فإذا بقي یومین ثم خرج في الیوم الثاني عشر بعد الظهر یوم الصید فلا اثم علیه.
 و قوله «و من تأخر» من خرج في الثالث عشر فلا اثم علیه.
 والشرط الذي هو لصالح الناس هو تکفیر الذنوب!
 "عن عدة من اصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسین بن سعید عن النضر بن سوید عن عبدالله بن سنان في قوله الله عز و جل و أتموا الحج والعمرة لله قال اتمامهما أن لا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج" [7]
 الروایة صحیحة و دلالتها تامة في مطلق الجدال!
 إذاً الجدال في جمیع هذه الروایات مطلق و لم یختص بنوع خاص من المخاصمة و لو لا الطائفة الاولی لقلنا أن کل مخاصمة تدخل في الجدال.
 الطائفة الثالثة: و هي الروایات التي تمنع کل اصناف القسم سواء کان بلفظ الجلالة او بغیره من الفاظ القسم.
 "عن الحسین بن محمد عن معلی بن محمد عن الحسین بن علي عن أبان بنعثمان عن أبي بصیر عن أحدهما علیه السلام قال إذا حلف بثلاثة أیمان متتابعات صادقاً فقد جادل و علیه دم و إذا حلف بیمین واحدة کاذبا فقد جادل و علیه دم" [8]
 القسم في هذه الروایة مطلق.
 "محمد بن الحسن بإسناده عن الحسین بن سعید عن فضالة عن معاویة بن عمار قال قال أبو عبدالله علیه السلام إن الرجل إذا حلف بثلاثة أیمان في مقام ولاء و هو محرم فقد جادل و علیه حد الجدال دم یهریقه و یتصدق" [9]
 القسم هنا ایضاً مطلق.
 "موسی بن القاسم عن أبان بن عثمان عن أبی بصیر عن أبیي عبدالله علیه السلام قال إذا حلف الرجل ثلاثة أیمان و هو صادق و هو محرم فعلیه دم یهریقه و إذا حلف یمینا واحدة کاذباً فقد جادل فعلیه دم یهریقه" [10]
  المراد من الاقسام المتوالیات هنا هي الاقسام الصادقة بقرینة الروایة السابقة.
 الطائفة الرابعة: و هی الروایات التي تفصل بین الصادق و الکاذب من القسم.
 "عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبدالجبار عن صفوان عن عبدالله بن مسکان عن أبي بصیر یعني لیث بن البختري قال سألته عن المحرم یرید أن یعمل العمل فیقول له صاحبه و الله لا تعمله فیقول و الله لأعملنه فیخالفه مراراً یلزمه ما یلزم الجدال؟ قال لا إنما أراد بهذا إکرام أخیه إنما کان ذلک ماکان فیه معصیة" [11]
 "عن یونس بن یعقوب قال سألت أبا عبدالله علیه السلام عن المحرم یقول لا والله و بلی و الله وهو صادق علیه شيء قال لا" [12]
 زبدة القول:
 إن الجدال في الکتاب العزیز مطلق إلا أن بعض الروایات خصتها بموارد خاصة و یبد أنها من باب ذکر المصداق، و في اللغة استعمل في کل مخاصمة، کما أن تناسب الحکم والموضوع یقتضي حرمة کل صنف من اصناف الجدال، فلا یصح أن تکون المشادة الکلامیة جائزة بکل اشکالها و انما المحرم یکون صنفاً خاصاً من القسم فقط!
 و من ثمّ نقول: لعل روایات لا و الله و بلا و الله جائت في الروایات من باب المصداق فیکون کل جدال في الحج محظور.لم یذهب الی هذا الرأي إلا صاحب الریاض حیث احتمله و النراقي و نحن نتابع هذا الرأي کاحتمال و سنذکر شواهد من الروایات تؤید ذلک.
 یتبع البحث ان شاء الله.


[1] .الوسائل، باب 1، ابواب بقیة الکفارات، ح3.
[2] .الوسائل، باب 1، ابواب بقیة الکفارات، ح10.
[3] .الوسائل، باب 1، ابواب بقیة الکفارات، ح 1.
[4] .الوسائل، باب 1، ابواب بقیة الکفارات، ح 2.
[5] .الوسائل، باب 1، ابواب بقیة الکفارات، ح 6.
[6] .الوسائل، باب 32 ، ابواب تروک االاحرام، ح 2.
[7] .الوسائل، باب 32 ، ابواب تروک الاحرام، ح 6.
[8] .الوسائل، باب 1، ابواب بقیة الکفارات ، ح 4.
[9] .الوسائل، باب 1، ابواب بقیة الکفارات، ح 5.
[10] .الوسائل، باب 1 ، ابواب بقیة الکفارات، ح7.
[11] .الوسائل، باب 32، ابواب تروک الاحرام ، ح 7.
[12] .الوسائل، باب 32، ابواب تروک الاحرام، ح 8.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo