< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/04/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حکم الجدال للمحرم
 مازال البحث في الجدال و هو الحادي عشر من تروک الاحرام، تقدم منا أن تناسب الحکم و الموضوع یقتضي أن لا یختص الجدال بلا و الله و بلی و الله و تناسب الحکم و الموضوع امر عرفي یُستدل به في مختلف ابواب الفقه و لیس من الاستحسان في شيء لأن الاستحسان امر ظني لم یثبت اعتباره.
 بقي هنا امور:
 الاول: ما لفرق بین الجدال و الفسوق؟
 اسلفنا أن الفسوق ینحصر في الکذب و السباب و المفاخرة و نفینا أن تکون هذه الاقسام من قبیل المثال حتی یصدق علی کل معصیة کما کان یشیر احد الاقوال التسعة الیه.
 علی ضوء ذلک قد تسأل أنه کیف تقولون أن «لا والله و بلی و الله» من قبیل المثال و لا تقولون ما قلتموه في الجدال من انه ینحصر في الکذب و السباب و المفاخرة؟
 و الجواب:
 اولاً: فرق شایع بین الفسوق و الجدال، لأن موضع الابتلاء في الفسوق هو الموارد الثلاثة فإن الزنا و تعاطي الخمر مثلا لم یکونا موضعا إبتلاء في حین أن الجدال محل إبتلاء في عامة مصادیقه لأن السفر طویل و الظروف مهیئة لانواع الخصومات!
 ثانیاً: لا کفارة في الفسوق، فعلیه و إن قلنا أنّ کل انواع الفجور مصایدق للفسوق و یجب الاجتناب عنها، لا تنشأ مشکلة و لا یترتب علیها أثر و لا سیما أن انواع الفجور محرمة حتی في غیر حال الاحرام!
 ***
 الأمر الثاني: لا و الله و بلا والله في اللغات الاخری .
 هل أن حکم لا و الله و بلی و الله یسري لو کانا بلغات اخری مثل الفارسیة؟
 ما یظهر مما افاده السید الماتن هو أن الحکم یعم اللغات الأخری ایضاً، و دلیل ذلک هو أن العرف یلغي الخصوصیة لأنه لا یری میزة للّغة العربیة من هذه الجهةلکي یختص الحکم بها. کذک الامر في صیغة النذر فإی العرف لا یفرق في انعقاد النذر بین أن تکون الصیغة باللغة العربیة و او اللغات الاخری.
 الامر الثالث: في اختصاص القسم بلفظ الجلالة و عدمه
 هل أن القسم المحظور حال الاحرام هو ما اذا کان بلفظ الجلالة او انه یتحقق ما لو کان بصفات المولی سبحانه و باسمائه الأخری فیجري علیها الحکم کما لو قال لا والرحمن بلا والرحمن؟ إن السید الماتن قال بالاحتیاط في ذلک و منشأ الاحتیاط هو الشک في امکان الغاء الخصوصیة، فلو تمکنا من الغاء الخصوصیة یعم الحکم الصفات و الاسماء الاخری و إلا فلا.
 و کذلک الامر في النذر و العهد فإنه لو أتی الناذر و المعاهد بصفات المولی او اسامیه الاخری ینعقد النذر و العهد من دون اشکال.
 **
 الامر الرابع: القسم بالمقدسات الأخری
 هل أن القسم بالمقدسات الأخری مثل الکتب العزیز و النبي صلی الله علیه و آله یصلح لأن یکون مصداقاً للجدل المحرم؟!
 في الحقیقة لا نستطیع أن نتعدی من لفظ الجلالة الی غیره من المصادیق المقدسة لأن العرف لا یتمکن من الغاء الخصوصیة الظنیة فکیف بالقطع؟!
 اجل اذا کان المقصود من الجدال هو مطلق النزاع و الخصومة فلا یبقی مجال للبحث عن ذلک.
 **
 الامر الخامس: في استعمال العبارتین معاً و عدمه
 و ذلک هل یجب في صدق الجدال الاتیان بالعبارتین معاً ام أن الایتان بواحدة منهما یکفي في صدقه؟
 والجواب:أنه في جمیع الروایات التي فسرت الجدال ب«لا و الله و بلی و الله» اتت العبارتین في سیاق واحد! إلا أن بعضهم قال لا یلزم أن یأتیا معاً لانه اذا کان في مقام الاثبات یقول: بلی والله، واذا کان في مقام النفي یقول: لا والله، فلا ملازمة بین العبارتین!
 **
 الأمر السادس: ذکر بلی و لا في العبارتین!
 هل یجب ذکر لا و بلی لصدق الجدال ام أن للفظ الجلالة موضوعیة فیتحقق الجدال به؟ قال بعضهم أنّ للقسم بالله موضوعیة فلا دور للنفي و الاثبات ب «لا» و «بلی» لتحقیق الموضوع و من هنا قال البعض اذا کانت الخصومة مرفقة بالقسم بلفظ الجلالة یصدق علیه الجدال و ان کانت من دون لا و بلی!
 بعد ذلک أنهی السید الماتن البحث في الجدال و انتقل الی بحث الکفارة في اربعة مسائل و ذلک من المسألة 24 الی المسألة 27
 عالج السید اصل الکفارة في المسألة 24، فقال:
 "لو کان في الجدال صادقا فلیس علیه کفارة إذا کرر مرتین، و في الثالث کفارة و هي شاة و لو کان کاذبا فالأحوط التکفیر في المرة بشاة، و في المرتین ببقرة و في ثلاث مرات ببدنة بل لا یخلو من قوة"
 إن عبارة السید الماتن هي نفس عبارة الشرائع و الجواهر و قد إدعي بأنها فتوی المشهور للفقهاء!
 مع ذلک فإنّ هنا مشکلة و هي أنه لا نستطیع استنباط ما ذهب الیه المشهور من الاحادیث التي بین ایدینا و هي عشرة احادیث و قد عبرت عن الموضوع بسبعة طرق و اکثرها صحیحة و معتبرة سنداً!
 فطائفة منها تقول في الجدال شاة و هي مطلقة لا تشیر الی المرة الاول او الثانیة و لا الی صدق المحرم و لا کذبه:
 "محمد بن یعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسین بن سعید عن فضالة بن أیوب عن أبي المغراء عن سلیمان بن خالد قال سمعت أبا عبدالله علیه السلام یقول في الجدال شاة" [1]
 و طائفة ثانیة تقول اذا جادل المحرم صادقاً ثلاث مرات فعلیه دم شاه و اذا جادل کاذبا فعلیه دم بقرة:
 "عن علی بن ابراهیم عن دبیه عن ابن أبي عمیر عن حماد عن الحلبي عن أبي عبدالله علیه السلام في حدیث قال قلت فمن ابتلي بالجدال ما علیه قال إذا جادل فوق مرتین فعلی المصیب دم یهریقه و علی المخطیء بقرة " [2]
 إن الروایة صحیحة سنداً إلا أن في قوله علیه السلام ( علی المخطیء بقره» غموض لانه ما المراد؟ هل أنه عطف علی المصیب لتکون البقرة للجدال في المرة الثالثة اما أن الحکم مطلق اعني أن علی الکاذب بقرة و إن کانت المرأة الاولی! و اما قوله« دم یهریقه» فواضع أنه یرید دم شاه!
 "عن حماد عن حریز عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر علیه السلام قال سألته عن الجدال في الحج فقال من زاد علی مرتین فقد وقع علیه الدم فقیل له الذي یجادل و هو صادق قال علیه شاة و الکاذب علیه بقرة" [3]
 الاحتمالان الواردان في الروایة السابقة یردان هنا ایضاً في ان المراد من ذبح البقرة هل هو المرة الثالثه ام المرة الاولی؟


[1] .الوسائل، ابواب الکفارات، باب 1، ح 1.
[2] .الوسائل، ابوبا الکفارات، باب 1 ، ح 2.
[3] .الوسائل، ابواب الکفارات، باب 1، ح6.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo