< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/04/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 درس خارج الفقه لآیة الله مکارم
 کتاب الحج
 بسم الله الرحمن الرحیم
 17 ربيع الثاني 1433ﻫ.ق ـ 21/12/1390ﻫ.ش
 عنوان البحث: الحكم قتل الهوام على المحرم
 البحث في الثاني عشر من تروك الإحرام.
 قال السيد الماتن: الثانی عشر قتل هوام الجسد من القَملَة و البرغوث ونحوهما وکذا هوام جسد سایر الحیوانات و لا یجوز القاؤها من الجسد و لا نقلها من مکانها الی محل تسقط منه، بل الاحوط عدم نقلها الی محل یکون معرض السقوط، بل الاحوط الأولی ان لا ینقلها الی مکان یکون الاول احفظ منه، و لا یبعد عدم الکفارة فی قتلها لکن الاحوط الصدقة بکف من الطعام.
 في المسألة خمسة فروع:
 الأول: قتل هوام الجسد من القملة والبرغوث ونحوهما.
 الهوام جمع هامة وهي الكائنات اللاذعة الخطرة وتطلق احياناً على جميع الحشرات.
 البعض فسر القملة بالقُمّل وهذا خطأ لأن القمل من الآفات النباتية.
 الثاني: وكذا هوام جسد الحيوانات الأخرى.
 الثالث: ولا يجوز القاؤها من الجسد.
 الرابع: ولا نقلها من مكانها إلى محل تسقط منه.
 الخامس: بل الأحوط عدم نقلها إلى محل يكون عرضة للسقوط بل الأحوط الأولى أن لا ينقلها إلى مكان يكون الأول أحفظ منه ولا يبعد عدم الكفارة في قتلها لكن الأحوط الصدقة بكف من الطعام.
 طبعاً إن المسألة من ناحية القمل ليست محل ابتلاء كما كانت سابقاً للرعاية الصحية التي تقوم بها الجهات المعنية أيام الحج في وقتنا الراهن نعم إن الذباب والبرغوث والبعوض والنمل ما زالت عامة البلوى.
 إن الغاية من هذا الحكم هو أن المحرم لا ينبغي له أن يؤذي كائناً حتى الحشرات فلم يقتصر الأمر على حرمة الصيد حال الأحرام التي عين لها الشارع كفارة ثقيلة بل منع حتى التعرض إلى الحشرات بل أن بعض الفقهاء احتاط في نقل الحشرات من موضع إلى آخر أيضاً.
 وكذلك بالنسبة للجدال فانه حرم لكي لا يعتدي احد على آخر فيلحق الضرر به!
 أما الفرع الأول وهو قتل هوام الجسد.
 الأقوال:
 إن المشهور بين الأصحاب هو حرمة قتل الهوام ففي الحدائق [1] : و القول بتحریم قتل هوام الجسد من القملة و البراغیث و غیرها هو المشهور بین الاصحاب و نقل عن الشیخ و ابن حمزة انهما جوزا قتل ذلک علی البدن و منع فی النهایة من قتل المحرم القمل و البرغوث و شبههما فی الحرم.
 وفي المدارك [2] : و هذا الحکم اعنی تحریم قتل هوام الجسد من القمل و البراغیث و الصِأبان (بيض القمل) سواء کان علی الثوب او الجسد هو المشهور بین الاصحاب.
 والنراقي في المستند [3] ، بعد أن جاء بالمضمون السابق قال: «حرمته هو المشهور بين الأصحاب».
 ثم أضاف أن فريقاً من قدماء الأصحاب لم يتعرض لقتل الهوام وهو ظاهر في الجواز واكتفى بالقائه عن الجسد!
 ويرد عليه أنه عندما يكون الإلقاء حرام فالقتل حرام بطريق أولى ولعل عدم ذكر حرمة قتل الهوام كان لوضوحه.
 وقد تطرق صاحب الجواهر لهذه المسألة [4] واعترف حكم الحرمة فيه بين الفقهاء مشهور ثم قال: و ان کنا لم نتحققه فی العنوان المزبور کما لم نتحققه فی شیء مما وصل الینا من النصوص.
 أي لم نتحقق ورود عنوان قتل هوام الجسد في كلام المشهور من الفقهاء وإن ذكرت مفرداتها مثل البرغوث والقملة وما سواها من الحشرات. وكذلك لم ترد كلمة الهوام في الروايات.
 وهو كما قال وإن وردت في رواية إلا أنها ليست بذلك المعنى!
 حديث 13، باب 81، أبواب تروك الاحرام: مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُفِيدُ فِي الْمُقْنِعَةِ قَالَ سُئِلَ ع عَنْ قَتْلِ الذِّئْبِ وَ الْأَسَدِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِمَا لِلْمُحْرِمِ إِنْ أَرَادَاهُ وَ كُلُّ شَيْ‌ءٍ أَرَادَهُ مِنَ السِّبَاعِ وَ الْهَوَامِّ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ.
 الهوام في هذه المرسلة بمعنى الحيوانات الخطرة مثل الأفعى والحية وما شابه لأنها ذكرت إلى جانب السباع فالإمام يقول إن هجمت هذه الهوام على الإنسان فله أن يقتلها وواضح أن القملة والبرغوث مثلاً لا يهجمان على الإنسان! إذن ما قاله صاحب الجواهر صحيح وحق!
 قد أشار ابن قدامة في المغني [5] إلى ما ذهب إليه فقهاء الجمهور فانه دار الخلاف بينهم فبعضهم قال بالجواز وبعض آخر بعدم الجواز.
 
 الدليل:
 الروايات التي وردت في هذا الفرع على طوائف:
 الطائفة الأولى: وهي الطائفة التي تقول بالحرمة [6] : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ قَتَلَ قَمْلَةً وَ هُوَ مُحْرِمٌ قَالَ بِئْسَ مَا صَنَعَ قَالَ فَمَا فِدَاؤُهَا قَالَ لَا فِدَاءَ لَهَا.
 في سند الرواية ضعف، وقوله (عليه السلام): «بئس ما صنع» يدل على الحرمة.
 حديث 4، باب 78: قَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ زُرَارَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) هَلْ يَحُكُّ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ قَالَ يَحُكُّ رَأْسَهُ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ قَتْلَ دَابَّةٍ الْحَدِيثَ.
 هذه الرواية صحيحة سنداً وعامة دلالة تشمل كل دابة وإن اشارت إلى دابة الرأس [7] .
 حدیث 2، باب 81، أبواب تروك الأحرام:
 عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي حَدِيثٍ قَالَ ثُمَّ اتَّقِ قَتْلَ الدَّوَابِّ كُلِّهَا إِلَّا الْأَفْعَى وَ الْعَقْرَبَ وَ الْفَأْرَةَ فَأَمَّا الْفَأْرَةُ فَإِنَّهَا تُوهِي السِّقَاءَ وَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ.
 الرواية صحيحة سنداً وأما دلالة فالرواية تفيد أن جميع الدواب يحرم قتلها إلا ما استثني. وقد يقال أن هذا الحديث يختص بالحشرات الكبيرة بدناً.
 وكذلك الرواية 8، باب 15 من أبواب بقية الكفارات وهي رواية أبي الجارود.
 الطائفة الثانية: وهي التي تجوز قتل الحشرات.
 حدیث 2، باب 79: َ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْبُرْغُوثِ وَ الْقَمْلَةِ وَ الْبَقَّةِ فِي الْحَرَمِ.
 إن قوله في «في الحرم» مطلق يعم لو كان الإنسان محرماً أو لم يكن، وعندما يكون في الحرم جائز، فجوازه خارج الحرم من باب أولى.
 حدیث 3، باب 79: وَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ مُثَنَّى بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُحْرِمِ يَقْتُلُ الْبَقَّةَ وَ الْبُرْغُوثَ إِذَا رَآهُ قَالَ نَعَمْ.
 الرواية في قتل البقة والبرغوث ولكن يلزم الانتباه أن الروايات التي وردت في حرمة انتقال الحشرات بالأولية تدل على حرمة قتلها.
 وهناك روايات أخرى ستأتي في البحث الآتي.
 بعد الانتهاء من نقل الروايات يلزم أن نرى هل هناك جمع دلالي بين الروايات أم لا، فالتعارض مستقر ويلزم أن نأخذ بالمرجحات؟
 يحسن الانتباه إلى أن الروايات التي تتحدث عن نقل الهوام تصلح لأن تكون دليلاً على ما نحن بصدده لأن النقل عندما يكون محرماً فبقياس الأولوية يكون القتل محرماً وعليه يلزم أن لا نكتفي بالروايات التي تصرح بالقتل!


[1] ج 15، ص 505.
[2] ج 7، ص 343.
[3] ج 11، ص 389.
[4] ج 18، ص 364.
[5] ج 3، ص 267.
[6] ج 1، ب 78، أبواب تروك الأحرام.
[7] ح 2، ب 79.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo