< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/04/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: قتل هوام الجسد
 كان البحث في الثاني عشر من تروك الاحرام وقد وصل بنا البحث إلى الفرع الثالث وهو عن القاء الهوام!
 قلنا أن الروايات هنا متغايرة فطائعة تنهى عن القاء هوام الجسد وطائفة أُخرى تجوز وثالثة تفصل بين القملة وغيرها.
 قد بينا روايات الطائفة الأولى وهي التي كانت في أكثرها تثبت الحرمة من طريق الكفارة ولم يرد النهي فيها فاذا لم تقل بلزوم الكفارة ـ كما هو كذلك ـ فلا تدل هذه الروايات على الحرمة وغاية ما تدل عليه هو الكراهة.
 زد على ذلك أنها تتعارض مع الطائفة الثانية والثالثة.
 روايات الطائفة الثانية:
 باب 15، من أبواب بقية الكفارات:
 حديث 5: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) الْمُحْرِمُ يَحُكُّ رَأْسَهُ فَتَسْقُطُ مِنْهُ الْقَمْلَةُ وَ الثِّنْتَانِ قَالَ لَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ وَ لَا يَعُودُ...
 لا تدل هذه الرواية لا على الحرمة ولا الكفارة وأقصى ما تدل عليه هي الكراهة المستفادة من قوله: «لا يَعُود»!
 حدیث 7: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَلَانِسِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) حَكَكْتُ رَأْسِي وَ أَنَا مُحْرِمٌ فَوَقَعَتْ قَمْلَةٌ قَالَ لَا بَأْسَ قُلْتُ أَيَّ شَيْ‌ءٍ تَجْعَلُ عَلَيَّ فِيهَا قَالَ وَ مَا أَجْعَلُ عَلَيْكَ فِي قَمْلَةٍ لَيْسَ عَلَيْكَ فِيهَا شَيْ‌ءٌ.
 في سند هذه الرواية ضعف من ناحية أبي الجارود.
 باب 78، من أبواب تروك الأحرام:
 حدیث 6: ِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُرَّةَ مَوْلَى خَالِدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الْمُحْرِمِ يُلْقِي الْقَمْلَةَ فَقَالَ أَلْقُوهَا أَبْعَدَهَا اللَّهُ غَيْرَ مَحْمُودَةٍ وَ لَا مَفْقُودَةٍ.
 سند الرواية ضعيف بمرة مولى خالد وهو مشترك بين خمسة كلم مجاهيل، وبذا تصبح الرواية مؤيدة ولم تكن دليلاً مستقلاً وأما دلالة فالإمام يصرح بأنه لا إشكال في إلقاءها.
 الطائفة الثالثة:
 باب 79، من أبواب تروك الأحرام:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَ رَأَيْتَ إِنْ وُجِدَتْ عَلَيَّ قُرَادٌ (کنه) أَوْ حَلَمَةٌ أَطْرَحُهُمَا قَالَ نَعَمْ وَ صَغَارٌ لَهُمَا ... إِنَّهُمَا رَقِيَا فِي غَيْرِ مَرْقَاهُمَا.
 الرواية صحيحة سنداً وأما دلالة فمن ذيلها يستفاد أن القملة بما أنها نمت في الرأس وهي مستقرة في مكانها فلا تلقى ولكن ما جاء من الخارج واستقر في الجسم بما أنه غريب على الجسم فلا إشكال في إلقاءه!
 باب 78، من أبواب تروك الأحرام:
 حدیث 5: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ قَالَ الْمُحْرِمُ يُلْقِي عَنْهُ الدَّوَابَّ كُلَّهَا إِلَّا الْقَمْلَةَ فَإِنَّهَا مِنْ جَسَدِهِ وَ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَ قَمْلَةً مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ فَلَا يَضُرُّهُ.
 وهذه الأخرى صحيحة سنداً وهي كسابقتها تصرح بانها من جسده فلا يجوز إلقاءها!
 الجمع بين الروايات:
 لو كنا نحن والقواعد فيمكن الجمع بين الروايات جمعاً دلالياً بأن يكون حاصل الجمع بين الطائفتين الأولى والثانية الكراهة وأما في الطائفة الثالثة التي تفصل بين القملة وسائر الحشرات فنقول أن إلقاء الحشرات مكروه وإلقاء القملة أشد كراهة!
 عندما يكون الجمع بين الروايات على هذه الطريقة فما هو الداعي للإفتاء بالحرمة كما صنع السيد الماتن؟
 نحن حتى في قتل القملة لم نقل بالحرمة فكيف بالقاؤها مع انه كانت روايات عديدة في ذلك، بناءً على ما تقدم. نقول باستحباب الكفارة إذا ما ارتكب أحد ذلك.
 الأمر الرابع:
 إن المحقق النراقي في المستند [1] ، أتى بعبارة تفيد ثلاثة أحكام:
 ألف: أنَّ الحكم الأول الذي يستفاد منها هو أنه لا بأس في نقل القملة وغيرها من الحشرات من محل من الجسد إلى آخر منه والدليل على جواز ذلك هو ما ورد في الصحيحة من أنه: وإن أراد أن يحول قملة من مكان إلى مكان فلا يضره [2] .
 ب: والحكم الثاني هو ان الرواية مطلقة فلا فرق في أن يكون المحل الآخر احفظ أو لا فالحكم هو الجواز.
 ومع ذلك قد احتاط السيد الماتن فقال: «و لا نقلها من مکانها الی مکان تسقط منه بل الاحوط عدم نقلها الی مکان یکون معرضا للسقوط بل الاحوط الاولی ان لا ینقلها الی مکان یکون الاول احفظ منه» ولعل الدليل الذي استند إليه في ذلك هو القدر المتبقي من الروايات بدلاً عن الاطلاق!
 ج: والحكم الثالث هو أنه لا يجوز نقل الحشرات إلى محل يكون عرضة للسقوط، وبعبارة: عندما لا يكون الفصل جائزاً فنقله إلى موضع يكون عرضة للسقوط لا يكون جائزاً أيضاً، ودليله هو أنه عندما يكون عرضة للسقوط فهو في حكم السقوط!
 وعلى ما ذهبنا إليه حيث قلنا بالكراهة في الثقل ففي ذلك نقول بالكراهة أيضاً!
 يقول السيد الماتن: و لا نقلها من مکانها الی مکان تسقط منه بل الاحوط عدم نقلها الی مکان یکون معرضا للسقوط بل الاحوط الاولی ان لا ینقلها الی مکان یکون الاول احفظ منه!
 وعليه يلزم أن ينقله إلى محل مساوٍ للأول ـ على أقل تقدير ـ ونحن لا نوافق ذلك إلا من باب الاحتياط!
 ان السيد الماتن لم يشر إلى هوام جسد الدواب الأخرى غير البعير في انه لو كان على بدن الحيوانات ما هو حكمه. وما هو الحكم لو انتقل إلى بدن الإنسان وما هو الحكم في انتقاله؟
 
 


[1] ج 11، ص 293.
[2] ح 5، باب 78، أبواب تروك الإحرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo