< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم التدهين حال الاحرام.
 إن البحث في الترك الخامس عشر من تروك الاحرام، التدهين بالكريمات والدهون.
 يقول السيد الماتن (قدس سره):
 الخامس عشر: التدهين وإن لم يكن فيه طيب، بل لا يجوز التدهين بالمطيب قبل الاحرام أو لو بقي طيبه إلى حين الاحرام، ولا بأس بالتدهين مع الاضطرار، ولا يأكل الدهن إن لم يكن فيه طيب، ولو كان في الدهن طيف فكفارته شاة حتى للمضطر به وإلا فلا شيء عليه.
 في المسألة خمسة فروع.
 الأول: يحرم التدهين ولو بالدهن غير المطيب.
 أقوال العلماء:
 إن المسألة مشهورة بين العلماء وصاحب الحدائق يقول:
 وينبغي أن يعلم أن الادهان على قسمين: مطيبة غير مطيبة فأما القسم الأول فالظاهر أنه لا خلاف في تحريمه على المحرم إلا ما ينقل عن الشيخ في الجمل من القول بالكراهة وهو ضعيف ... وأما القسم الثاني فلا خلاف في جواز أكله والادهان به عند الضرورة وإنما الخلاف في الادهان به اختياراً فالمشهور التحريم ونقل الجواز في الدروس عن الشيخ المفيد ونقله الفاضل الخراساني في الذخيرة عن الشيخ المفيد وابن ابي عقيل والسلار وابي الصلاح.
 وقال في الخلاف [في مسألة 90 من أحكام الحج] لا يجوز عندنا الادهان به ويجوز أكله بلا خلاف [1] .
 وقال صاحب الجواهر : وفاقاً للمشهور بل عن ظاهر الخلاف الاجماع عليه [2] .
 وينبغي التنبيه إلى أن استعمال الدهن كان سائداً في الماضي، والسبب هو هبوب الرياح اللافحة خصوصاً عندما كانت تلقي الشمس بحممها كما كان من اكرام الضيف طلي بدنه بالدهون.
 دليل المسألة:
 دلالة الروايات:
 هناك روايات متعددة ومن بينها روايات معتبرة ظاهرة في الحرمة.
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا تَدَّهِنْ حِينَ تُرِيدُ أَنْ تُحْرِمَ بِدُهْنٍ فِيهِ مِسْكٌ وَ لَا عَنْبَرٌ مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَائِحَتَهُ تَبْقَى فِي رَأْسِكَ بَعْدَ مَا تُحْرِمُ وَ ادَّهِنْ بِمَا شِئْتَ مِنَ الدُّهْنِ حِينَ تُرِيدُ أَنْ تُحْرِمَ فَإِذَا أَحْرَمْتَ فَقَدْ حَرُمَ عَلَيْكَ الدُّهْنُ حَتَّى تَحِلَّ [3] .
 الرواية صحيحة سنداً وأما دلالةفإن صدر الرواية يدل على حكم التدهين بالدهون المطيبة قبل الاحرام، ولكن ذيلها يشير إلى حرمة استعمال مطلق الدهن في حال الاحرام ولا شيء فيه لأنه في صدر الرواية قد بين حكم الدهن المطيب.
 من الوسائل رواية أخرى في ذيل هذا الحديث لم ترقّم مع أن راويها غير راوي الحديث السابق وإن لم يوثق حيث ورد:
 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ سَأَلْتُهُ وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ.
 حدیث 2: ُ عَنْ فَضَالَةَ وَ صَفْوَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا تَمَسَّ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ وَ أَنْتَ مُحْرِمٌ وَ لَا مِنَ الدُّهْنِ الْحَدِيثَ وَ قَالَ فِي آخِرِهِ وَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ الْأَدْهَانُ الطَّيِّبَةُ إِلَّا الْمُضْطَرَّ إِلَى الزَّيْتِ يَتَدَاوَى بِهِ.
 الرواية صحيحة سنداُ وأما دلالة فإن المراد بالدهن في صدر الرواية هو مطلق الدهن، وإن لم يكن مطيب، والكراهة في ذيل الرواية تعني الحرمة بقرينة صدرها.
 حدیث 3: ِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا تَمَسَّ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ وَ لَا مِنَ الدُّهْنِ فِي إِحْرَامِكَ.
 وهذه الرواية صحيحة.
 توهم البعض أن هناك رواية معارضة للروايات السابقة تجيز التدهن وهي:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِذَا خَرَجَ بِالْمُحْرِمِ الْخُرَاجُ أَوِ الدُّمَّلُ فَلْيَبُطَّهُ وَ لْيُدَاوِهِ بِسَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ [4] .
 إن في هذه الرواية اشكالان:
 الأول: ترتبط بحال الاضطرار.
 والثاني: أنها لا علاقة لهذا بمسألة الادهان. وهو بمعنى طلي البشرة بالدهن، والرواية تتحدث عن المرهم الذي يطلى به الجرح للالتيام.
 ونحن نقول في المناسك أيضا: لا اشكال في استعمال المرهم حال الاحرام.
 إن علة حرمة التدهين هو أن لا يكون استعماله من باب الرفاهية وطيب العيش ولينه والترف والمرهم ليس في ذلك من شيء بل هو لأجل العلاج فحسب.
 حدیث 2: وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ مُحْرِمٍ تَشَقَّقَتْ يَدَاهُ قَالَ فَقَالَ يَدْهُنُهُمَا بِزَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ أَوْ إِهَالَةٍ.
 هذه الرواية صحيحة سنداً وهي وإن لم تتطرق إلى العلاج بالمراهم لكنها تختص بحال الاضطرار، إذن لا معارضة هاتين الروايتين وما سبق من روايات.
 حدیث 7: عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ دُهْنِ الْحِنَّاءِ وَ الْبَنَفْسَجِ أَنَدَّهِنُ بِهِ إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُحْرِمَ فَقَالَ نَعَمْ [5] .
 ما يلاحظ في هذه الرواية هو أنها ترتبط بما قبل الاحرام لا حينه.
 إن في العصر الراهن أشياء يضخ بها على البدن كالمضخة، فإن ذلك لا يطلق عليه تدهين لكنه تلين البشرة، وهناك حالات أخر كالمواد التي تخلط بالماء وتمتزج به، كذلك السوائل التي تستعمل لغسل اليدين، حيث تلين بها بشرة اليدين، فما هو حكمها هل يجوز استعمالها أو يحرم؟
 إن كانت يلين بها البشرة كما في طلي الدهن والكريمات، فنقول بعدم جواز من استثناء.
 لأن العرف يرى بأن الغاية من حرمة التدهين هو أن لا يلين البشرة به وهذه الخصوصية متوفرة في غير الدهون ايضاً، وعليه تصبح جميع تلك الاشياء ممنوعة الاستعمال للمحرم.


[1] ج15 ص 500 و502.
[2] ج18 ص 373.
[3] الباب 29 من ابواب تروك الإحرام.
[4] الباب 31 من ابواب تروك الاحرام.
[5] الباب 30 من أبواب تروك الإحرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo