< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم إزالة الشعر عند الاحرام
 كان البحث في السادس عشر من تروك الاحرام وهو إزالة الشعر فإن ذلك حرام مهما كان وبأي وسيلة!
 والدليل كان زائداً على الاجماع والآيات، طائفتين من الروايات عامة وخاصة، وقد بقي من الطائفة الثانية روايات:
  حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِذَا نَتَفَ الرَّجُلُ إِبْطَيْهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَعَلَيْهِ دَمٌ [1] .
 سند الرواية معتبر والدلالة تامة.
 حدیث 2: عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي مُحْرِمٍ نَتَفَ إِبْطَهُ قَالَ يُطْعِمُ ثَلَاثَةَ مَسَاكِينَ.
 سند الرواية ضعيف لأن محمد بن عبد الله بن هلال مجهول الحال وإن كان باقي رجال السند ثقاة وسيأتي البحث في أن كفارة إزالة الشعر تخييرية أم لا؟!
 تلخص مما تقدم أنه بإلغاء الخصوصية يتبين من الأدلة التي وردت في الباب أن إزالة الشعر حرام على المحرم بأي قدر كان وبأية وسيلة ومن أي موضع من البدن!
 بقي هنا أمور:
 في هذه المسألة أمور لم يتعرض لها الأصحاب أو نادراً ما تعرضوا لها:
 الأول: هل أن حك الرأس والوجه حال الاحرام مع احتمال سقوط الشعر هل انه جائز أم لا؟
 الأصل يقتضي البراءة لأنه لم نقطع بسقوط الشعر فهو جائز، ولكن ينبغي الحذر في الاثناء لكي لا يسقط، مع أن هناك روايات تقتضي ذلك:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الْمُحْرِمِ كَيْفَ يَحُكُّ رَأْسَهُ قَالَ بِأَظَافِيرِهِ مَا لَمْ يُدْمِ أَوْ يَقْطَعِ الشَّعْرَ [2] .
 يفهم من الرواية أن الراوي كان يعلم أن الحكَّ جائز ولذلك سأل عن كيفيته، والرواية صحيحة سنداً.
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي الْمُحْرِمِ إِذَا مَسَّ لِحْيَتَهُ فَوَقَعَ مِنْهَا شَعْرَةٌ قَالَ يُطْعِمُ كَفّاً مِنْ طَعَامٍ أَوْ كَفَّيْنِ [3] .
 يبدو أنها الرواية السابقة.
 حدیث 2: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا بَأْسَ بِحَكِّ الرَّأْسِ وَ اللِّحْيَةِ مَا لَمْ يُلْقِ الشَّعْرَ وَ بِحَكِّ الْجَسَدِ مَا لَمْ يُدْمِهِ.
 وفقاً لما تفيده هذه الروايات لو تيقن المحرم أن شعر يسقط بحكه لرأسه لا يجوز له الحك.
 الثاني: البعض متعود على العبث برأسه ولحيته (وحتى أن الراوي يسأل الإمام عن ذلك بأني تعودت العبث باللحية ولا أقوى على ترك ذلك!) وبذا قد تسقط شعرة أو شعرات فهل يجوز له هذا الفعل أم لا؟
  هنا أيضاً تجري البراءة لو شككنا في حدوث ذلك لأن الشبهة فيها تحريمية موضوعية. زد على ذلك أن روايات عديدة وردت في الباب 16 من أبواب بقية كفارات الاحرام تدل على ما يفيده أصل البراءة.
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي الْمُحْرِمِ إِذَا مَسَّ لِحْيَتَهُ فَوَقَعَ مِنْهَا شَعْرَةٌ قَالَ يُطْعِمُ كَفّاً مِنْ طَعَامٍ أَوْ كَفَّيْنِ.
 قلنا قبل هذا بأنه عندما تكون الكفارة خفيفة وغير محددة تدل على أنها مستحبة وأن العمل الذي سببها غير حرام!
 حدیث 2: ُ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) الْمُحْرِمُ يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ فَتَسْقُطُ مِنْهَا الشَّعْرَةُ وَ الثِّنْتَانِ قَالَ يُطْعِمُ شَيْئاً.
 في هذه الرواية لا يعلم الراوي بقطع الشعر غاية ما يعرفه هو سقوط أوتار من الشعر علها كانت موضوعة على رأسه! نعم أن ما كان مرتكزاً في ذهنه هو حرمة القطع والإزالة! إلا أن نبرة الحديث تدل على الكراهة كسابقته.
 حدیث 4: ِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنَانِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِنِّي أُولَعُ بِلِحْيَتِي وَ أَنَا مُحْرِمٌ فَتَسْقُطُ الشَّعَرَاتُ قَالَ إِذَا فَرَغْتَ مِنْ إِحْرَامِكَ فَاشْتَرِ بِدِرْهَمٍ تَمْراً وَ تَصَدَّقْ بِهِ فَإِنَّ تَمْرَةً خَيْرٌ مِنْ شَعْرَةٍ.
 إن تعليل الإمام بأن التمرة خير من الشعرة يشير إلى أن في سقوط الشعر كراهة تزول بالتصدق بالتمر.
 حدیث 5: عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ وَ هُوَ مُحْرِمٌ فَسَقَطَ شَيْ‌ءٌ مِنَ الشَّعْرِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِكَفٍّ مِنْ طَعَامٍ أَوْ كَفٍّ مِنْ سَوِيقٍ.
 سياق الكلام في جميع هذه الروايات يدل على استحباب الكفارة غير أن بعضهم قال بالحرمة ووجوبها حسب صاحب الجواهر لكنه لم يعجبه هذا الرأي!
 لعل الأمر الذي دفع هؤلاء للقول بالوجوب هو استصحاب بقاء الشعر في الرأس واللحية بمعنى أن الشعر ما زال ثابتاً على الجلد في الرأس واللحية إلى أن يعبث الرجل برأسه ولحيته فيتساقط الشعر!
 والجواب: أن هذا الاستصحاب عقيم لأنه أصل مثبت لأن مؤدى الاستصحاب هو أن الشعر كان نابتاً على الجلد إلى ما بعد السقوط ولازمه العقلي هو انه سقط بفعل مرور اليد ولذلك نحكم بالحرمة.
 في علم أصول الفقه مثلوا لذلك بما لو كان زيد في البيت وبعد فترة شُك بأنه بقي في البيت أو خرج منه؟ بعد ذلك يعمل بكر على هدم البيت فهل يحكم بأنه قاتل لزيد فيجب القصاص منه؟ لأن الهدم حصل بالوجدان والقتل بالاستصحاب! هنا لا يصح الحكم بالقصاص لأن القتل لازم عقلي لاستصحاب بقاء زيد في الدار حياً فلا يترتب عليه الأثر وهو القصاص. وكذلك القضية فيما نحن فيه.
 الأمر الثالث: هل ان التمشيط أو التسريح جائز أم لا؟
 قال صاحب الجواهر لا بأس بالتسريح الذي لا طمأنينة بحصول القطع معه وإن اتفق إلا أن الأولى والاحوط اجتنابه خصوصاً مع كونه ترفاً منافياً للإحرام وغالب السقوط فالأولى تمييزه بيده [4] .
 وسيأتي البحث في الأمر الرابع بإذن الله!


[1] ح1، باب 11 من ابواب بقیة الکفارات.
[2] ح1، باب 71 من ابواب بقیة الکفارات.
[3] ح1، باب 73 من ابواب بقیة الکفارات.
[4] ج18، ص 382.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo