< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/05/30

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم سقوط الشعر عند الوضوء والغسل
 كان البحث في المسألة الثامنة والعشرين في جواز إزالة الشعر عند الضرورة وان كان فيها كفارة وقد أوردنا دليل الجواز.
 بقي هنا شيء:
 إن العلامة في المنتهى والشهيد في الدروس فرقا بين أن يكون الشعر بنفسه مؤذياً مثل الشعر الذي ينبت في طرف العين وبين ما لم يكن الشعر بنفسه مؤذياً بل تكون لوازمه مؤذية كما لو اجتمعت الحشرات فيه، ففي الأول لم يقولا بالكفارة وأما في الثاني فقالا بالكفارة مع أن إزالة الشعر في كليهما جائز.
 وقد اتبعهما صاحب كشف اللثام وشبه ما نحن فيه بمسألة الصيد حيث أن الصيد لو صال على الإنسان المحرم فقتله ليس عليه كفارة ولكن إن صاد للضرورة وأكل من لحمه، فعليه كفارة، إلى هنا كان البحث في الفرع الأول من المسألة الثامنة والعشرين.
 الفرع الثاني: في سقوط الشعر أثناء الوضوء أو الغسل، ففي ذلك صورتان:
 تارة لا يقين بقطع الشعر ولكن عند الوضوء تقطع شعرات، وتارة يتيقن بذلك ولكن لا يقصد قطع الشعر، إن قصده الأولي هو الوضوء وأما الإزالة فقصد تبعي في هذه الحال لا إشكال لو قطعت شعرات أثناء الوضوء وقد قام الدليل على أنه لا إشكال في ذلك لأنه لم يقصد القطع.
 يقول السيد الماتن بهذا الصدد: ولا أبس بسقوط الشعر حال الوضوء أو الغسل بلا قصد الإزالة.
 يقول صاحب الجواهر: و لا بأس بسقوط الشعر حال الوضوء او الغسل بلا قصد الازالة [1] .
 والنراقي في عبارة اشمل يقول: هل الحکم المذکور [أي الحرمة والكفارة] مخصوص بغیر الوضوء اما مطلقا او للصلاة او مع الغُسل کما حکی عن الأکثر او یعمه [إذا سقطت شعرات في الوضوء والغسل فعليه الكفارة كذلك] أیضاً کما عن الصدوق و المفید و السید و الدیلمي [2] .
 بموجب ما أفاده النراقي أن الصدوق في المقنع والمفيد في المقنعة والسيد المرتضى في جمل العلم والعمل والديلمي في المراسم قد تطرقوا لهذا الموضوع كما أشير إلى ذلك في هامش الكتاب.
 إذن المسألة ذات قولين، قول يقول بعدم الكفارة وهو قول الأكثر وقول يقول بلزوم الكفارة وهو قول غير الأكثر.
 الدليل على عدم الكفارة:
 قد تمسك أصحاب هذا القول بما يلي:
 الأول: الأصل:
 وهو البراءة عن الكفارة وإنما يمكن التمسك بالأصل هنا لو كانت العمومات التي كانت تفيد عدم الجواز منصرفة عن هذا المورد وإلا مع وجود الدليل لا تصل النوبة إلى الأصل بحال!
 الثاني: جريان قاعدة لا حرج:
 إن ذلك يؤدي إلى العسر والحرج لأنه في كل يوم نتوضأ لعدة مرات وفي كل مرة تسقط شعرات فلو كان لكل مرة كفارة فهذا يؤدي إلى العسر والحرج خصوصاً في الغسل حيث تقول الرواية: (أَنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً) فيلزم أن توصل الماء إلى تحت الشعرات فهذا مخصوصاً بالنسبة للنساء يستلزم سقوط الشعر على أية حال، فإذا قلنا بالكفارة لكل مرة فانه يوقع المكلف في العسر والحرج، ومن هنا أن هذه القاعدة ترفع الحكم التكليفي والوضعي معاً فلا تثبت الكفارة!
 الثالث: دلالة الروايات الصحيحة:
 حدیث 6: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عُرْوَةَ التَّمِيمِيِّ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الْمُحْرِمِ يُرِيدُ إِسْبَاغَ الْوُضُوءِ فَتَسْقُطُ مِنْ لِحْيَتِهِ الشَّعْرَةُ أَوِ الشَّعْرَتَانِ فَقَالَ لَيْسَ بِشَيْ‌ءٍ مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَ [3] .
 هذه الرواية مطلقة تعم الشاك والعالم معاً والإمام في هذه الرواية تمسك بقاعدة لا حرج.
 صاحب المستند قد أشكل على الاستناد بهذه الرواية لإثبات المدعى فيقول أن الإمام (عليه السلام) بدليل التعليل يريد أن يقول أن الكفارة لا تستلزم العسر والحرج لأن كفارة الإزالة خفيفة فالله سبحانه عندما أقر الكفارة لكم لم يوقعكم في عسر وحرج.
 ويرد عليه:
 هذا الفهم من الروايات التي تمسك بها الأكثر بعيد ومخالف للظاهر فنحن زائداً على هذه الروايات نتمسك بروايات أخرى تؤيد ما يظهر من هذه الرواية [4] .
 حدیث 2: دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ إِنْ مَسَحَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ فَسَقَطَ مِنْ ذَلِكَ شَعْرٌ يَسِيرٌ فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ فِيهِ [5] .
 إن هذه الرواية عامة تشمل الوضوء والغسل وغيرهما، طبعاً أنها مرسلة ولا سند لها فتكون مؤيداً.
 وفي الوسائل باب 75 من أبواب تروك الأحرام.
 حدیث 2: عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِذَا اغْتَسَلَ الْمُحْرِمُ مِنَ الْجَنَابَةِ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ يَمِيزُ الشَّعْرَ بِأَنَامِلِهِ بَعْضَهُ عَنْ بَعْضٍ.
 إن المحرم عندما يقلب شعره عند الغسل في الغالب يسقط منه ما يسقط من الشعر هذه الرواية مؤيداً مهما يكن من أمر فإن رواية هيثم تامة ولا بأس بها.
 وهنا يأتي سؤال وهو أن هذا الرواية تختص بالوضوء أم تعم ما شابه كالوضوء المستحب والغسل؟ هنا يمكن القاء الخصوصية وتعميم الحكم من دون صعوبة وعناء!


[1] ج 20، ص 412.
[2] المستند، ج 13، ص 285.
[3] ح6، باب 16، أبواب بقية الكفارات.
[4] مستدرك الوسائل ج 9.
[5] ح2، باب 14، أبواب بقية الكفارات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo