< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/06/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حرمة إزالة الشعر وكفارته
 كان البحث في الفرع الثاني في المسألة الثامنة والعشرين في قطع الشعر أثناء الوضوء حيث قلنا لا محظور في ذلك فلا تضر بالضوء فلا كفارة فيه والدليل كما مر هو الاجماع، والبراءة وقاعدة لا حرج والروايات.
 زائداً إلى ما ذكرنا من الأدلة يمكن التمسك بالسيرة حيث أن الجميع يتوضؤون حال الإحرام وفي كثير من الأحيان تتساقط الشعرات من رؤوسهم ووجوههم وكذلك الغسل بل أن البعض ذهب إلى وجوب الغسل حال الإحرام ولم يشاهد أحد أن يلتزم الاحتياط في ذلك ويتيمم، ولم يعر أحد اهتماماً بهذا الشأن!
 ثم دار الحديث عن انه هل نستطيع أن نلقي الخصوصية عن الغسل والوضوء لكي نعمم الحكم إلى التيمم وتطهير البدن وغيرهما من الموارد؟ تقدم أنه يمكن القاءها الخصوصية لأن الروايات تحدثت عن الوضوء إلا أَنَّ العرف لا يرى خصوصية في الوضوء فنستطيع أن نتخطى الوضوء إلى غيره!
 بقي هنا شيء:
 في قطع الشعر حال الوضوء ثلاثة فروض: اليقين بالقطع والظن به والاحتمال، هل أن هذه الفروض الثلاثة في مستوى واحد للحكم بالجواز أم ماذا؟ وهل أنه مع اليقين بالقطع أيضاً نستطيع أن نحكم بالجواز؟
 ظاهر الرواية ومعا قد الاجماع وقاعدة لا حرج وسيرة المسلمين هو العموم والإطلاق فتشمل جميع الموارد.
 إن قلت: إن وقع التعارض بين حرام وواجب له بدل يجب أن نأخذ بالبدل، فلو كان عندنا ماء مغصوب فقط، لا يمكن الوضوء به لأن له بدل وهو التيمم فيجب في هذه الحال التيمم والاحتراز عن الوضوء بالماء المغصوب. أفلا تجري هذه القاعدة فيما نحن فيه؟ لأن الوضوء يؤدي إلى ارتكاب الحرام وهو اسقاط الشعر المحرم فلم لا نلجأ إلى التيمم حينئذ؟
 قلنا: قد يكون للواجب الذي له بدل مصلحة أهم من ترك الحرام تمنع من الأخذ بالبدل كما في ما نحن فيه فإن الروايات والسيرة اللتان دلتا على الجواز يدلان على ذلك، فنستثني ما نحن فيه من جريان القاعدة.
 المسألة 29:
 كفارة حلق الرأس إن كان لغير ضرورة شاة على الأحوط بل لا يبعد ذلك و لو كان للضرورة اثنى عشر مدا من الطعام لستة مساكين لكل منهم مدان أو دم شاة أو صيام ثلاثة أيام و الأحوط في إزالة شعر الرأس بغير حلق كفارة الحلق على الأحوط.
 في المسألة فرعان:
 1ـ كفارة تعمد حلق الرأس لضرورة ولغير ضرورة.
 2ـ كفارة إزالة الشعر.
 أما الفرع الأول فتقدم البحث في الحلق للضرورة كما ورد في الكتاب العزيز [سورة البقرة آية 196]، وسيأتي البحث فيها وأما حكم الكفارة.
 الأقوال:
 قال المحقق النراقي في المستند: و هي (الکفارة) في حلق الرأس من اذی، دم شاة او صیام ثلاثة ایام او الصدقه اجماعا من غیر شاذ [1] .
 وفي الجواهر: حلق الرأس و فیه شاة او اطعام عشرة مساکین لکل منهم مد و قیل ستة لکل منهم مدان او صیام ثلاثة ایام ... و الذی یدل علی الفداء المزبور مضافا الی ظاهر الآیة و الاجماع في غیر تقدیر الصدقة مرسل حریز [2] .
 فالمسألة في الجملة اجماعية!
 الدليل:
 الأول: الآية الكريمة [196 من سورة البقرة]: (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَريضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ).
 إن الآية مسبوقة بقوله تعالى: (وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ)، ثم تستثنى الضرورة، سبق وأََن قلنا أن الآية مقيدة بأمور:
 ـ وردت في المحصور.
 ـ تتحدث عن الحلق دون إزالة الشعر.
 ـ تشير إلى حلق الرأس دون الأعضاء الأخرى!
 ثم أنها ساكتة من ناحية تفاصيل الكفارات الثلاث: الصدقة والنسك والصيام، فيلزم أن تتضح من خلال الروايات.
 الثاني: الروايات
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ‌ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) عَلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَ الْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ مِنْ رَأْسِهِ فَقَالَ أَتُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) بِحَلْقِ رَأْسِهِ وَ جَعَلَ عَلَيْهِ الصِّيَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَ الصَّدَقَةَ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ وَ النُّسُكَ شَاةً َ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) وَ كُلُّ شَيْ‌ءٍ فِي الْقُرْآنِ أَوِ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ يَخْتَارُ مَا شَاءَ وَ كُلُّ شَيْ‌ءٍ فِي الْقُرْآنِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ كَذَا فَالْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ [3] .
 وردت خصال الكفارات في الرواية بحرف العطف أعني الواو، وهو يدل على الجمع إلا أن الإمام الصادق (عليه السلام) قد أوضح بأن المراد هنا هو التخيير!
 ثم أن هذه الروايات قد وردت بطرق أخرى لم يرقمها صاحب الوسائل فهو يقول:
 وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ فِي الْمُقْنِعِ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فَالْأَوَّلُ الْخِيَارُ!
 


[1] ج 13، ص 278.
[2] ج 20، ص 406.
[3] ح 1، باب 14 من أبواب بقية الكفارات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo