< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/06/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم حلق الرأس لغير الاضطرار
 كان البحث في كفارة حلق للرأس حال الإحرام وقلنا أن ذلك أما للاضطرار كما لو مر أو اجتمعت الهوام في رأسه وقد بحثنا ذلك فيما سبق وأما لغير اضطرار وقد اختلفوا في تحديد كفارة ذلك فالتزين ما هو الأصوب من بين الآراء.
 يقول السيد الماتن بهذا الصدد: كفارة حلق الرأس إن كان لغير ضرورة شاة على الأحوط بل لا يبعد ذلك.
 الأقوال:
 قال النراقي في المستند: و من غیر اذی دم شاة خاصة وفاقا للمحكيّ عن (النزهة الناظر یحیی بن سعید الحلي) و نفي عنه البعد في المدارك و قوّاه بعض مشايخنا خلافا للآخرین (حيث لم يفرقوا بين الاضطرار وغيره فقالوا بالتخيير جميعاً) و لعلهم الاکثر فجعلوا التخییر فی حلق الرأس مطلقا (سواء كان لضرورة أو لغيره) بل عن المنتهی ان التخییر فی هذه الکفارة لعذر او غیره مذهب علمائنا اجمع في حين أن المسألة ليست إجماعية! [1] .
 تقدم أن السيد الماتن يقول: كفارة حلق الرأس إن كان لغير ضرورة شاة على الاحوط.
 ولكن نحن نرى أن الأفضل أن نقول الأقوى بدل الاحوط أي أن الأقوى هو ذبح الشاة، بل أن السيد الماتن في نهاية عبارته يقول لا يبعد ذلك وقوله هذا تعد فتوى.
 في هذا المقام دليلان:
 الأول: أن الأدلة التي وردت في التخيير وهي ما جاء في الكتاب والروايات تختص بحال الاضطرار ولا نستطيع ان نستند اليها في غير حال الضرورة.
 الثاني: هنا روايتان صحيحتان لزرارة ولا يبعد أن يكونان رواية واحدة وهما يفيدان أن الكفارة في هذا الحال دم شاة فحسب:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ مَنْ نَتَفَ إِبْطَهُ أَوْ قَلَّمَ ظُفُرَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ أَوْ لَبِسَ ثَوْباً لَا يَنْبَغِي لَهُ لُبْسُهُ أَوْ أَكَلَ طَعَاماً لَا يَنْبَغِي لَهُ أَكْلُهُ وَ هُوَ مُحْرِمٌ فَفَعَلَ ذَلِكَ نَاسِياً أَوْ جَاهِلًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ وَ مَنْ فَعَلَهُ مُتَعَمِّداً فَعَلَيْهِ دَمُ شَاةٍ [2] .
 هذه الرواية تصريح أن كفارة حلق الرأس عمداً دم شاه إلا أن البعض قال أن الرواية تشير إلى احد خصال الكفارة الثلاث ولكن هذا مخالف للظاهر لأن الظاهر هو دم شاة على نحو التعيين والمتعمد هنا هو المختار لا المضطر.
 حدیث 1: عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ مَنْ نَتَفَ إِبْطَهُ أَوْ قَلَّمَ ظُفُرَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ نَاسِياً أَوْ جَاهِلًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ وَ مَنْ فَعَلَهُ مُتَعَمِّداً فَعَلَيْهِ دَمُ شَاةٍ [3] .
 قد تكون هذه الرواية هي الرواية السابقة إلا أن صياغتها تختلف عن سابقتها ولعل زرارة نقل الرواية عن الإمام مرتين.
 وعليه لدينا روايتان صحيحتان تقول أن كفارة العامد دم شاة وروايات التخيير تختص بحال الاضطرار وقد وفاقنا عدد من الأصحاب فيما ذهبنا إليه، زائداً على ذلك أن دعوى الاجماع من قبل العلامة في المنتهى لم يثبت بل الثابت خلافه، فنحن نأخذ بظاهر الروايات إلى هنا كان البحث في الفرع الأول في كفارة حلق الرأس، وأما الفرع الثاني فهو في تقصير الشعر وإزالته دون الحلق.
 يقول السيد الماتن بهذا الصدد: و الأحوط في إزالة شعر الرأس بغير حلق كفارة الحلق.
 وعليه فمذهب السيد الماتن هو ان حكم الإزالة في الكفارة هو حكم الحق فيجب دم شاة ولكن بالاحتياط الوجوبي!
 من ناحية الأقوال فان المحقق النراقي في المستند قد افتى بالكفارة في كل واحد من الحلق والإزالة [4] .
 الدليل:
 نستطيع هنا أن نلغي الخصوصية عرفا في أنه لا موضوعية للحلق لأن الغرض هو لا يزيل المحرم شعره واما طريقة الإزالة فهذه ليس بشيء لا سيما أن الشارع لا يريد الترفه والتجمل للمحرم ولعل التقصير ادخل في تحققهما من الحلق!
 بقي هنا أمور:
 الأمر الأول: إن السيد الماتن لم يتعرض لهذا الأمر وهو أن الحكم يرتبط بحلق جميع الرأس فلا يشمل حلق البعض أم يعم كلا الحالتين؟ البعض ذهب إلى أن الحكم مطلق فيعم حلق البعض أيضاً ومن هذا المنطلق يقول صاحب الجواهر: قال فی المنتهی ان الحکم فی الکفارة عندنا تتعلق بحلق جمیع الرأس او بعضه قلیلا او کثرا لکن یختلف ففی حلق الرأس دم و کذا فی ما یسمی حلق الرأس و فی حلق ثلاث شعرات صدقة بمهما امکن [5] .
 إن العلامة تمسك بالاطلاقات في الآية والروايات فظاهر كلامه أن الحكم يعم جميع هذه الموارد ولكن هل أن هذه الاطلاقات هل تشمل ما لو حلق عشر رأسه؟! أم أنها منصرفة عن ذلك؟ يبدو أن الاطلاقات منصرفة عن ذلك فتختص بما لو كان الحلق في جزء معتد به من الرأس، زد على ذلك أن الأصل هو جريان البراءة في الكفارة لو ترددنا وهنا نحن نشك في وجوب الكفارة فيجري الأصل. مع اننا نستطيع القول بالصدقة، إذن نجري البراءة، خصوصاً أن ملاك التجريح هو الترفه والتجميل وهما في حلق البعض القليل لا يتحققان في الغالب.
 الأمر الثاني: هل أن هناك فرق بين أن تكون الإزالة بنفسه أو بغيره؟ وهل أنه فرق بين المحرم والمحل في المقام أم لا؟ لم تمر ورواية خاصة في ذلك وظاهر الدليل هو أن حلق هو رأسه نفسه أو غيره بإذنه؟ وشرط الإذن في وجوب الكفارة هو لأجل أنه عندما يأذن يعد راضياً بهذا الفعل فينتسب الفعل إليه خصوصاً ان الشخص نادراً ما تجده يحلق رأسه بنفسه وأما إذا لم يأذن فلا تجب الكفارة أن كان الحالق محلاً أو محرماً!
 وقد قلنا سابقاً ان المحرم لو حلق رأسه غيره لا تجب الكفارة ودليلنا أن أدلة الكفارة لا تشمل هذا المورد.
 إذن الكفارة تختصر في حالتين: أن يحلق المحرم رأسه لو أمكن، الثاني لو إذن لغيره إن يحلق رأسه.
 
 


[1] ج 13، ص 279.
[2] باب 8 من ابواب بقیة کفارات الاحرام.
[3] باب 10 من ابواب بقیة کفارات الاحرام.
[4] ج 13، ص 281.
[5] ح 20، ص 810.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo