< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 في ذكرى الشيخ الشهيد مطهري
 إن استشهاد الشيخ المطهري كان منشأ أثر في الأوضاع العامة كما كانت حياته!
 يقول الإمام عن كبار العلماء: (أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ وَ أَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ).
 في فترة الاعتقال على عهد الشاه المقبور عندما كنا معا لفترة خمسة وأربعين يوماً في معتقل واحد. كنا نشاهد بوضوح معنوياته العالية، والتزامه بالآداب، وأدائه لصلاة الليل وعدم اهداره للوقت! ومن جملة مميزاته أنه كان منصرفاً عن الاهتمام بالعناوين والالقاب والمواقع الظاهرية وقد كان يستطيع بفضل قابلياته أن يحصل عليها ببساطة، فاعرض عنها وتوجه إلى الجامعات لهدايتها وإرشادها إلى طريق الحق والفضيلة لأنه عرف آنذاك أن الجامعات هي بؤرة الاخطار التي تحيط بالأمة فكان له أكبر الأثر في الجامعات وعلى الشباب وأبان الثورة الإسلامية المباركة بخطاباته وكتاباته ونشاطاته المتواصلة!
 عنوان البحث الفقهي: تنبيهات كفارة الحلق
 كان البحث في ذيل المسألة عشرين وقد وصل بنا البحث إلى الأمر الثالث بعد معالجة الأمر الأول والثاني؛ وقد تعرض لهذا الأمر كل من العلامة والشهيد والنراقي وصاحب الرياض إلا أن السيد الماتن لم يتعرض له وهو:
 هل فرق بين أن يكون سبب الايذاء الشعر نفسه وأن يكون السبب لوازم الشعر؟ فمثلاً تارة ينبت الشعر في الاجفان من الداخل أو أن يمتن شعر الحاجب فيمنع من النظر مثلاً ففي هذه الحالة المؤذي هو الشعر مباشرة وتارة لا يكون الايذاء من قبل الشعر مباشرة بل من ناحية لوازمه كما لو اجتمعت الحشرات في الشعر فان هذه الحشرات تصبح مصدراً للايذاء.
 جماعة من الفقهاء فرقت بين الصورتين فقالوا لا كفارة لو قص الشعر في الحالة الأولى وأما في الثانية فتجب!
 الأقوال:
 للعلامة في المنتهى رأي مفصل أورده صاحب الجواهر في كتابه [1] ، وها نحن نلخصه فيما يلي: ثم ینظر فان کان الضرر اللاحق به من نفس الشعر فلا فدیة علیه کما لو نبت فی عینه او نزل شعر حاجبیه بحیث یمنعه الابصار ... وإن کان الاذی من غیر الشعر و لکن لا یتمکن من ازالة الاذی الا بحلق الشعر کالقمل و القروح و الصداع من الحر بکثرة الشعر وجبت الفدیة.
 وقد وافق هذا القول الفاضل الأصفهاني في كشف اللثام، والشهيد في الدروس والعلامة نفسه في التحرير والتذكرة وجماعة أخرى من الفقهاء (قدس الله اسرارهم)
 الدليل:
 لم يرد نص تفصيلي في الآية والروايات للإفصاح عن ذلك، ولكن يمكن الاستناد إلى دليلين:
 الأول:
 قد يقال أن هناك انصراف في الآيات والروايات إلى ما كان الأذى ينشأ من المورد الغالب وهو لوازم الشعر!
 ولكن نقول لا أَنه لم يوجد انصراف فحسب بل يجري قياس الأولوية هنا بمعنى أَنه عندما يكون قطع الشعر الذي لوازمه مؤذية فيه كفارة فكيف إذا كان سبب الايذاء الشعر نفسه؟! فان ذلك من طريق أولى يستوجبها! زائداً إلى ذلك يمكن تعميم الحكم بإلقاء الخصوصية!
 الثاني:
 قد يقال أيضاً: إن شأن النزول في الآية: (اذی من رأسه) هو الذي كان عليه الرجل الانصاري حيث كانت الحشرات تعج في شعره، فهذا يعني ما لو كان المؤذي هو اللوازم اعني الحشرات لا الشعر نفسه!
 ويرد عليه:
 أن المورد لا يخصص المورود كما هو معروف فشأن نزول الآية لا يصلح لكي يمنع عموم دلالة الآية:
 توضيح ذلك: عندما نزلت الآية: (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ‌)، نزلت في اليهود الذين كانوا يعرفون أوصاف النبي ولكن كانوا يخفونها، إلا انها يُستدل بها في وجوب رجوع الجاهل للعالم! بل انها من افضل الأدلة للاستدلال على ذلك!
 إلا ان العلامة لم يستدل بهذين الدليلين بل لجأ إلى القياس فقال لوصال بقر وحشي على محرم فقتله فليس عليه كفارة، وان قتل من دون ان يصول عليه أو أكل من لحمه فعليه كفارة!
 يقاس ما نحن فيه على ذلك فما كان سبب الأذى هو الشعر فمثل البقر الصائل وما كان السبب لو لازمه فذلك مثل أكل لحم الصيد!
 ولكن يرد عليه انه قياس مع الفارق! إن لم يكن قياساً مع الفارق فهو قياس وليس من مذهنبا القياس!
 وعليه لا فرق بين الشقين فتجب الكفارة بقص الشعر بكل واحد منهما.
 ويجب التنبيه ان هذا التفصيل خارج عن دائرة المسألة موضع البحث لأن البحث في حلق شعر الرأس وإزالته لا الاعضاء الآخرى، فإن بحث قطع شعر من الاعضاء الأخرى في جملة المسائل الآتية.
 فكان يحسن بصاحب الجواهر أن ينبه على ذلك ولم ينبه، إلا انه شبه بمثال آخر هو أن البعض يؤذيهم شعر الرأس من دون الحشرات، فهذا ينطبق على ما تعرضنا له ألا انه مثال نادر!


[1] ج 18، ص 379.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo