< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/06/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم تغطية الرأس للمحرم
 كان البحث في حكم تغطية الرأس للرجل حال الإحرام وهو السابع عشر من تروك الإحرام.
 بقيت هنا أمور:
 الأول: في ستر الرأس ببعض البدن.
 ما هو حكم تغطية المحرم رأسه ببعض بدنه مثل الكف والساعد وما شابه.
 الأقوال في هذا الأمر:
 السيد الماتن لم يتعرض لهذه المسألة، وقد عالجها بعض الفقهاء منهم العلاّمة حيث تطرق لها في المنتهى [1] ، والتذكرة [2] ، وحكم بالجواز؛ والنراقي في المستند [3] ، وصاحب الجواهر [4] ، قد وافقهما على الجواز، إلا أن شيخ الجواهر حكى عن الشهيد المنع بقوله: إن الأولى المنع.
 أدلة الجواز:
 الأول: أدلة المنع لا تعم هذا المورد لعدم صدق التغطية لأن التغطية إنما تصح لو وضع شيئاً على رأسه غير أعضائه، فمن يضع يده على رأسه لا يقال عنه أنه غطى رأسه بل يقال وضع يده على رأسه، وقد جاء صاحب الجواهر بشاهد جيد فقال: لا يعد وضع اليد على العورة ستراً عندما يكون المصلي عارياً وكذلك لا يعد تغطية وإن كان مانعاً من النظر إلى العورة.
 الثاني: إن الإنسان أثناء الغسل والوضوء يمسح رأسه فإن أمثال هذه الموارد ليست من مستثنيات التغطية لأنها من الأساس لا تعد تغطية وكذلك عندما يغسل الإنسان رأسه بالشامبو مثلاً ويدلك رأسه بيده.
 الثالث: وردت روايات كثيرة تدل على جواز حك الرأس فإنه عند الحك يغطي جانباً من الرأس باليد مع ذلك عد هذا الفعل جائزاً كما تفيد الروايات الآتية:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الْمُحْرِمِ كَيْفَ يَحُكُّ رَأْسَهُ قَالَ بِأَظَافِيرِهِ مَا لَمْ يُدْمِ أَوْ يَقْطَعِ الشَّعْرَ [5] .
 الرواية صحيحة سنداً وواضحة دلالة! هذا في حين أن رواية أخرى كانت بعدم يجوز تغطية الرأس عند النوم ليلاً باللحاف، فمن جانب يجوز حك الرأس باليد ومن جانب آخر لا يجوز تغطية قسماً من الرأس، فجواز حك الرأس يصلح قرينة على أنه لا اشكال في تغطية الرأس باليد.
 حدیث 2: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا بَأْسَ بِحَكِّ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ مَا لَمْ يُلْقِ الشَّعْرَ وَبِحَكِّ الْجَسَدِ مَا لَمْ يُدْمِهِ.
 في سند الرواية كلام.
 حدیث 4: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) هَلْ يَحُكُّ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ أَوْ يَغْتَسِلُ بِالْمَاءِ قَالَ يَحُكُّ رَأْسَهُ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ قَتْلَ دَابَّةٍ.
 والروايات في ذلك غير قليلة.
 الدليل الرابع:
 الروايات التي تصرح بجواز تغطية الرأس ببعض البدن وهي كما يلي:
 حدیث 3: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَضَعَ الْمُحْرِمُ ذِرَاعَهُ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتُرَ بَعْضَ جَسَدِهِ بِبَعْضٍ [6] .
 الرواية صحيحة سنداً وتامة دلالة فإن حكم الإمام عام يشمل كافة الموارد.
 من مجموع هذا الأدلة نستخلص أن تغطية الرأس باليد أو بعضو آخر جائز لا غبار عليه!
 الأمر الثاني: إن المحرم قد يغتسل أو يغسل رأسه أو يكون رأسه رطباً فيريد أن يجفف رأسه بالمنشفة، هل أن التجفيف بالمنشفة يعد من مصاديق تغطية الرأس أم لا؟
 إن هذه المسألة مع أنها عامة البلوى لم نجد من عالجها استدلاليا!
 لمعالجة هذه المسألة يجب أولاً أن نرى هل أن التغطية إنما تصدق إذا ستر المحرم رأسه ومضى على ذلك ردح من الزمن أم تصدق التغطية حتى إذا لم يمض على الستر زمن بعيد؟
 الظاهر ان الستر انما يصدق إذا مضى على الستر فترة من الزمن! وحتى ان في العرف لا يقال لمن جفف رأسه انه غطَّا رأسه. ولاسيما أن المولى يريد الابتعاد من الترفه بتغطية الرأس وبأن يكون الرأس مكشوفاً وذلك لا يتعارض مع تجفيف الرأس وحتى أن العرف لا يقول جفف رأسه انه غطا رأسه زد أن هناك رواية تدل على ذلك.
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَحَدِهِمَا (عليه السلام) فِي الرَّجُلِ يَغْتَسِلُ لِلْإِحْرَامِ ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ بِمِنْدِيلٍ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ [7] .
 أما سنداً فالرواية صحيحة وأما دلالة، قد يقال: إن هذه الرواية تحدثت عن الغسل قبل الإحرام فلم يحرم الإنسان بعد حتى يقال يحرم عليه أو لا يحرم!
 قلت: قد ورد في تروك الإحرام مراراً انه لو ارتكب بعد الغسل تروك الإحرام عليه أن يعيد الغسل وكأنّ ذلك يدل على أنه على أعتاب الإحرام أيضاً يلزم أن يجتنب ما ينافي الاحرام، إن هذا الحكم ورد في المخيط واستعمال الطيب، ورود ذلك في بعض التروك يدل على أن منافيات الإحرام ـ وان كان من باب الاستحباب ـ يلزم اجتنابه! تأسيساً على ذلك نقول لو كان تجفيف الرأس من المنافيات من باب تغطية الرأس لما جوزته الرواية.
 الأمر الثالث: بعض المعاصرين مال إلى القول بأن حرمة تغطية الأذن من تروك الإحرام المستقلة وليست من مصاديق تغطية الرأس لأن أدلة تغطية الرأس ظاهرة في منبت الشعر فلا تشمل الأذن فهو حرام مستقل لا صلة له بتغطية الرأس!
 أولاً: لم يذهب أحد إلى ذلك.
 ثانياً: تغطية الأذن لا ينفصل عن تغطية بعض الرأس فإن الشعر لم يكن أعلى منها فكلما أراد الإنسان أن يغطي الأذن فانه يغطي جانباً من الرأس إذن لا نستطيع القول بأن تغطية الرأس حرام مستقل.


[1] ج 2، ص 790.
[2] ج 1، ص 225.
[3] ج 12، ص 22.
[4] ج 18، ص 386.
[5] باب 73 من ابواب تروك احرام.
[6] باب 67 من ابواب تروك احرام.
[7] باب 12 من ابواب تروك احرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo