< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/06/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: كفارة تغطية الرأس للرجل المحرم
 كان البحث في المسألة الثانية والثلاثين من مسائل تروك الإحرام، في تغطية الرجل رأسه حال الإحرام وقلنا أن كفارته دم شاة والأصل فيها الاجماع لعدم وجود رواية فيها وبما أن الاجماع دليل لبي يلزم أن نأخذ بالقدر المتيقن منها.
 البعض أشار إلى رواية من كتاب الجعفريات أو الاشعثيات ـ الاسم الأول باعتبار أن روايات الكتاب من الإمام الصادق (عليه السلام) والتسمية الثانية باعتبار اسم المؤلف وهو (محمد بن محمد بن اشعث) وقد كان من أجلة العلماء ـ وقد أورد المحدث النوري روايات هذا الكتاب في كتاب مستدرك الوسائل ونحن ناقلون الرواية منه:
 حدیث 1: الْجَعْفَرِيَّاتُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنِي مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيّاً (عليه السلام) سُئِلَ عَنِ الْأَقْرَعِ وَالْأَصْلَعِ وَ مَنْ يَتَخَوَّفُ الْبَرْدَ عَلَى رَأْسِهِ إِذَا هُوَ أَحْرَمَ وَ مَنْ بِهِ قُرُوحٌ فِي رَأْسِهِ فَيَتَخَوَّفُ عَلَيْهِ الْبَرْدَ قَالَ لَهُ فَلْيُكَفِّرْ بِمَا سَمَّاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ صَدَقَةِ ثَلَاثَةِ أَصْوُعٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ أَوْ نُسُكٍ وَ هِيَ شَاةٌ لِيَضَعَ الْقَلَنْسُوَةَ عَلَى رَأْسِهِ أَوِ الْعِمَامَةَ [1] .
 إن قلت: قد ورد لفظ الكفارة في الرواية وقد يكون المجمعون قد استندوا إلى هذه الرواية، فالدليل في وجوب الكفارة زائداً على الاجماع هو الرواية!
 قلنا: في سند الرواية بحث، لأن محمد بن محمد بن الأشعث وإن كان من الأجلة حتى قيل أن الاشعثيات كان من الأصول الأربعمائة التي اشتملت على روايات الأئمة وقد استُخرج منها الكافي للكليني والتهذيب والاستبصار للشيخ ومن لا يحضره الفقيه للصدوق مع ذلك كله نحن ـ خلافاً للإخباريين ـ ندرس سند الرواية، فإن عبدالله في سند الرواية لا يعرف وكذلك محمد وموسى وأبيه وجده كل هؤلاء مجهولون فلا يمكن الاعتماد على الرواية سنداً.
 وأما دلالة ففي الرواية خلل أساسي وهو أن الكفارة فيها مخيرة في حين أن المجمع عليه في كفارة تغطية الرأس هو شاة فمن البعيد جداً أن يكون مستند المجمعين هو هذه الرواية فالرواية معرضاً عنها لا تصلح لأن تكون دليلاً لنا.
 والحاصل:
 فالدليل هو الاجماع وعندما لا يكون مستنداً غير الاجماع فهو حجة ونعرف من خلاله أن الحكم وصلنا يداً عن يد من الأئمة (عليهم السلام)، ونحن نذهب على مذهب المجمعين من أن الكفارة دم شاة وفي الارتماس لا نقول بالكفارة لأنه ليس من القدر المتقين الذي يفيده الاجماع وكذلك في التكرار وتغطية بعض الرأس فلا نقول في شيء من ذلك بالكفارة.
 ***
 مسألة 33: تجب الكفارة إذا خالف عن علم و عمد، فلا تجب على الجاهل بالحكم و لا على الغافل والساهي و الناسي.
 يقول السيد الماتن أن الكفارة التي ذكرت قبل هذا تختص بالعالم العامد فلو ارتكبها عن جهل أو غفلة أو نسيان فليس عليه كفارة!
 إن هذه المسألة بمكان من الأهمية لأن بعض الفقهاء قد أوردوا هذه المسألة بصورة قاعدة كلية بأن الكفارة تختص بالعالم العامد إلا في الصيد! ولذلك نحن نعالج الكفارة بصورة عامة لتشمل كل المواضع من دون تخصيص لها بالتغطية!
 وعليه نقول أن كفارات الإحرام تختص بالعالم العامد إلاّ في الصيد!
 يقول المحقق: تسقط الکفارة عن الجاهل و الناسی و المجنون إلا فی الصید فان الکفارة تلزم فیه و لو کان سهوا.
 ثم يضيف صاحب الجواهر بعد نقله لعبارة المحقق: او جهلا علی المشهور بین الاصحاب فی المستثنی منه (یعنی لا کفارة فی جمیع التروك اذا کان سهوا...) بل لا خلاف اجده فیه [2] .
 الأدلة:
 الأول: حديث الرفع.
 وفقاً لهذا الحديث ان كل ما كان منشأه الخطأ وما لا يعلمون فهو مرفوع وهذا الحكم حاكم على جميع الروايات وعموماتها لأنه ناظر إليها!
 الثاني: الروايات في باب الصيد.
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى جَمِيعاً عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا تَأْكُلْ مِنَ الصَّيْدِ وَ أَنْتَ حَرَامٌ وَ إِنْ كَانَ أَصَابَهُ مُحِلٌّ وَ لَيْسَ عَلَيْكَ فِدَاءُ مَا أَتَيْتَهُ بِجَهَالَةٍ إِلَّا الصَّيْدَ فَإِنَّ عَلَيْكَ فِيهِ الْفِدَاءَ بِجَهْلٍ كَانَ أَوْ بِعَمْدٍ [3] .
 الرواية صحيحة سنداً وأما دلالة فإن الرواية تفيد العموم وقد استثني منها الصيد فقط. فإن السبب في جعل الكفارة على الجاهل في الصيد لأن الشريعة تريد أن ينتبه الناس لكي لا تكون بيئة الحيوانات عرضة للخطر فتنعكس سلباً على حياة الأهالي في تلك المنطقة.
 حدیث 4: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ مَا وَطِئْتَهُ أَوْ وَطِئَهُ بَعِيرُكَ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ فَعَلَيْكَ فِدَاؤُهُ وَ قَالَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ فِدَاءُ شَيْ‌ءٍ أَتَيْتَهُ وَ أَنْتَ مُحْرِمٌ جَاهِلًا بِهِ إِذَا كُنْتَ مُحْرِماً فِي حَجِّكَ أَوْ عُمْرَتِكَ إِلَّا الصَّيْدَ فَإِنَّ عَلَيْكَ الْفِدَاءَ بِجَهَالَةٍ كَانَ أَوْ عَمْدٍ.
 الرواية صحيحة سنداً تامة دلالة.
 حدیث 2: وَ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شُعْبَةَ فِي تُحَفِ الْعُقُولِ مُرْسَلًا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْجَوَادِ (عليه السلام)... وَ كُلُّ مَا أَتَى بِهِ الْمُحْرِمُ بِجَهَالَةٍ أَوْ خَطَأ فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ إِلَّا الصَّيْدَ فَإِنَّ عَلَيْهِ فِيهِ الْفِدَاءَ بِجَهَالَةٍ كَانَ أَمْ بِعِلْمٍ بِخَطَأ كَانَ أَمْ بِعَمْدٍ.. [4] .
 إن الرواية مرسلة وهي عن تحف العقول وقد وردت فيها روايات أصيلة إلاّ أن الغالب فيها هو الإرسال.
 الدليل الثالث: هو الاجماع كما تقدمت الإشارة إليه في عبارة صاحب الجواهر إلاّ انه مدركي.
 ويجب الانتباه انه لهذه القاعدة التي اثبتناها بحديث الرفع وثلاثة روايات استثناءات أخرى وهي إن مرر يده على شعره وتساقطت شعرات فعليه كفارة كف طعام، لو لم نقل بالاستحباب هنا!
 وفي تطبيق هذه القاعدة الكلية على تغطية الرأس روايتان:
 حدیث 3: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ مُحْرِمٍ غَطَّى رَأْسَهُ نَاسِياً قَالَ يُلْقِي الْقِنَاعَ عَنْ رَأْسِهِ وَ يُلَبِّي وَ لَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ [5] .
 إن الرواية صحيحة سنداً وأما دلالة فالإمام يقول انه لا كفارة عليه وأما التلبية فمستحبة.
 حدیث 6: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَلَبِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الْمُحْرِمِ يُغَطِّي رَأْسَهُ نَاسِياً أَوْ نَائِماً فَقَالَ يُلَبِّي إِذَا ذَكَرَ.
 إن الإمام في مقام البيان ولم يقل شيئاً عن الكفارة واكتفى بالتلبية فحسب.
 والحاصل:
 نحن اثبتنا المراد بالروايات العامة والخاصة فلا تجب الكفارة إلاّ فيما استثني.
 


[1] ج 9 باب 45 من ابواب تروك احرام.
[2] ج 20، ص 438.
[3] باب 31 من ابواب کفارات صید.
[4] باب 3 من ابواب کفارات صید.
[5] باب 55 من ابواب تروك احرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo