< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/07/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم تغطية الوجه للنساء حال الإحرام
 وصل بنا البحث إلى الثامن عشر من تروك الإحرام وهو حرمة تغطية الوجه للنساء.
 يقول السيد الماتن بهذا الصدد: الثامن عشر ـ تغطية المرأة وجهها بنقاب و برقع و نحوهما‌حتى المروحة و الأحوط عدم التغطية بما لا يتعارف كالحشيش و الطين، و بعض الوجه في حكم تمامه، نعم يجوز وضع يديها على وجهها، و لا مانع من وضعه على المخدة و نحوها للنوم.
 في هذه المسألة خمسة فروع:
 الأول: المرأة لا تستطيع أن تغطي وجهها عند الإحرام حتى بالمروحة.
 الثاني: كما لا تستطيع أن تغطي وجهها بما لا يتعارف كالحشيش والطين.
 الثالث: بل لا تستطيع أن تغطي بعض وجهها.
 الرابع: ولها أن تغطي الوجه بيدها.
 الخامس: عند الخلود إلى النوم أيضاً تتمكن من وضع وجهها على المخدة وما شابه.
 الفرع الأول:
 الأقوال:
 أصل المسألة ـ وهي حرمة تغطية الوجه للمرأة المحرمة ـ موضع اتفاق فقام عليه الاجماع اجمالاً بل حتى فقهاء الجمهور افتوا بذلك.
 يقول العلامة في المنتهى: علیه علماء الامصار [1] .
 وابن رشد في بداية المجتهد يقول: اجمعوا علی ان احرام المرأة فی وجهها [2] .
 وفي الجواهر: علیها ان تسفر عن وجهها فلا یجوز تغطیته بلا خلاف اجده فیه بل الاجماع علیه بقسمیه [3] .
 الدليل:
 تمسكوا بدليلين في هذا الشأن:
 الأول: الاجماع وهو مدركي فيصبح مؤيداً.
 الثاني: الروايات المتوافرة المتضافرة التي وردت اكثرها في الباب 48 من أبواب تروك الإحرام والباب 33 من أبواب الإحرام وبعضها صحيح سنداً.
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ (عليه السلام) قَالَ الْمُحْرِمَةُ لَا تَتَنَقَّبُ لِأَنَّ إِحْرَامَ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَ إِحْرَامَ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ [4] .
 الرواية صحيحة سنداً وواضحة دلالة!
 حدیث 3: َ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ مَرَّ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) بِامْرَأَةٍ مُتَنَقِّبَةٍ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ فَقَالَ أَحْرِمِي وَأَسْفِرِي وَأَرْخِي ثَوْبَكِ مِنْ فَوْقِ رَأْسِكِ فَإِنَّكِ إِنْ تَنَقَّبْتِ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُكِ فَقَالَ رَجُلٌ إِلَى أَيْنَ تُرْخِيهِ قَالَ تُغَطِّي عَيْنَيْهَا قَالَ قُلْتُ تَبْلُغُ فَمَهَا قَالَ نَعَم.
 إن الإمام في توضيح سبب كشف المرأة عن وجهها يقول أن المرأة تسفر عن وجهها لتغير لونها فإن الله سبحانه يريد أن يتغير لونها بالحر والشمس وغيرهما ليقترن تغيير الظاهر بتغيير الباطن! والإمام تحدث عن إرخاء الثوب على الوجه إلى حد الفم وسيأتي البحث عن ذلك.
 حدیث 4: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (الرضا) (عليه السلام) قَالَ مَرَّ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) بِامْرَأَةٍ مُحْرِمَةٍ قَدِ اسْتَتَرَتْ بِمِرْوَحَةٍ فَأَمَاطَ الْمِرْوَحَةَ بِنَفْسِهِ عَنْ وَجْهِهَا.
 أن يميط الإمام المروحة بنفسه عن وجهها لا يخلو من إشكال.
 حدیث 5: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا تَطُوفُ الْمَرْأَةُ بِالْبَيْتِ وَ هِيَ مُتَنَقِّبَةٌ.
 الرواية صحيحة سنداً ويقصد بالطواف هنا هو الطواف حال الإحرام.
 هذه أربع روايات من هذا الباب وهناك روايات أخرى فيه إلاّ أنها ليست صريحة فلا نبحثها لذلك.
 حدیث 3: ْ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ مَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ وَ هِيَ مُحْرِمَةٌ فَقَالَ الثِّيَابُ كُلُّهَا مَا خَلَا الْقُفَّازَيْنِ وَ الْبُرْقُعَ وَ الْحَرِيرَ [5] .
 الرواية واضحة الدلالة وأما سنداً ففيه اشكال من ناحية أبي عيينة!
 حدیث 6: ِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ أَبِيهِ (عليه السلام) أَنَّهُ كَرِهَ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ الْبُرْقُعَ وَ الْقُفَّازَيْنِ.
 إن الكراهة هنا تعني الحرمة بقرينة الروايات الأخرى.
 الفرع الثاني:
 وهو في عدم الفرق بين أن يكون ما تغطي به وجهها متعارفاً أم لا!
 الدليل:
 الدليل في هذا الفرع هو الاطلاقات حيث تشمل ما تعارف من تغطية الوجه وما لم يتعرف، وقد ورد في بعض الروايات كلمة السفور وهو الكشف عن الوجه وعليه كل ما يعدم السفور فهو لا يجوز.
 زد على ذلك التعليل الذي ورد في إحدى الروايات في قوله: (فَإِنَّكِ إِنْ تَنَقَّبْتِ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُكِ) فإن هذا التعليل يعم تغطية الوجه لغير المتعارف أيضاً!
 إن السيد الماتن أشار إلى تغطية الوجه بالطين أيضاً ولكن حسب العادة أن أحداً لا يغطي وجهه بالطين وإذا ما غطى أحد وجهه به لا يصدق عليه ستر الوجه! إذن لفظ الستر منصرف ظاهراً عن مثل ذلك وفي الواقع التعليل في الروايات من باب الحكمة لا العلة، ولذلك تستطيع المرأة أن تغطي وجهها بالشادور وأن لا يصل إليها إلاّ الريح وان كان الاحتياط هو الاجتناب عن ذلك أيضاً.
 الفرع الثالث:
 لا يجوز تغطية بعض الوجه أيضاً لأن البعض في حكم الكل.
 ومن العجب إن صاحب الجواهر يقول أن الكشف عن بعض الشعر يجب من باب المقدمة العلمية لو لم يكن بحضرة الأجنبي، كما ان على الرجل أن يكشف عن قليل من وجهه من باب المقدمة العلمية في عدم تغطية الرأس.
 والمقدمة العلمية تعني فعل ما يتقن المكلف به أنه قد راعا الحد الشرعي مثل غسل فوق المرفق في الوضوء حتى يتيقن انه غسل المرفق أو يخطو خطوة إضافية في الطواف لكي يتيقن انه اكمل الاشواط السبعة.
 لو نقول بما ذهب إليه صاحب الجواهر وبهذه الدقة يلزم أن نمنع على المرأة الكمامة التي تُستعمل في دفع العجاج والغبار وحماية المريض بل يلزم أن نمنع عليها الخمار والنظارة السوداء التي تغطي بعض الوجه.
 الدليل:
 العمدة في الدليل هو لفظة النقاب التي وردت في الروايات.
 قد اتفقت المصادر اللغوية تقريباً على أن النقاب هو ما يغطي الناعم من مقدمة الأنف فما تحته والبعض قال انه لو غطى ما بعد العين فما تحت، يسمى أيضاً نقاباً.
 البعض قال النقاب على ثلاثة أنواع:
 1ـ ما يبدأ بالتغطية من تحت العين.
 2ـ وما يبدأ من نعومة الأنف إلى الشفاه.
 3ـ وما يغطي من فوق نعومة الأنف.
 ولكل واحد منها اسم.
 ومهما كان فإن ما يغطي دون العينين حرام قطعاً وقد وردت روايات متعددة في ذلك ولكن لم يقم دليل واضح على غير ذلك!
 قد وردت في الروايات ألفاظ مثل السفور والأسفار والبرقع والمروحة وما شابه ذلك وعليه لو استعملت المرأة كمامة لا يقال انها تنقبت!
 حتى التعليل الذي ورد في الرواية لا يتنافى مع استعمال الكمامة لأن الوجه يتغير بفعل الشمس والريح إذا استعملت الكمامة.
 فعلى رأينا لا إشكال في استعمال الكمامة والنظارة السوداء وما شابه ذلك!


[1] ج 2، ص 790.
[2] ج 1، ص 327.
[3] ج 18، ص 389.
[4] باب 48 من ابواب تروك احرام.
[5] باب 33 من ابواب احرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo