< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/07/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم الاستظلال للمحرم
 قد اسلفنا أن حرمة الاستظلال للرجل المحرم تختص بحال السفر وأما في منزله فيستطيع أن يستظل السقف والخيمة وما شابه ذلك.
 بقي هنا أمور:
 الأمر الأول:
 بعض الأصحاب خص عدم جواز الاستظلال بما إذا كان المحرم راكباً وأما إذا كان راجلاً فيستطيع أن يستظل كما لو أستظل بشمسية.
 قد حكى صاحب الحدائق، عن الشهيد الثاني وآخرين فقال: صرح شیخنا الشهید الثانی (نور الله تعالی مضجعه) و غیره بان التظلیل انما یحرم حالة الرکوب فلو مشی تحت الظلال کما لو مشی تحت الجمل و المحمل جاز [1] .
 كما قد حكى صاحب الجواهر ذلك عن الشهيد ثم أضاف و فیه منع واضح [2] .
 يبدو أن دليل الشهيد الثاني هي الرواية التي قراناها قبل ذلك (في باب 67، من أبواب تروك الإحرام) حيث كانت تفيد أن المحرم يستطيع أن يمشي في ظل المحمل أو البعير.
 ويرد عليه: أن هذه الروايات تطرقت لجواز الاستظلال من الجانب الأيمن أو الأيسر دون الاستظلال من فوق الرأس فإن الذي يمشي راجلاً لا يستظل ببطى البعير أو تحت الستار الذي ينصب فوق البعير بل يمشي إلى جانب البعير فهذا الروايات لا تعني الظل من فوق الرأس أصلاً فهي خارجة عن محط البحث!
 مع أن الروايات المطلقة التي كانت تحرم الظل من الأساس، كانت لا تفرق بين المحرم راجلاً كان أو راكباً!
 زد عليه أنه في الأزمنة الماضية عندما كان الناس يحرمون لم يعرف عنهم انه كانوا يستظلون بالشمسية مثلاً! وعليه أن ما ذهب إليه الشهيد الثاني شاذ والمشهور لم يرتض ما تبناه (قدس سره).
 الأمر الثاني:
 هل أن الاستظلال يختص بما يحمل الإنسان ويتحرك به مثل السيارة المسقفة والطائرة أم كانت تعم ما كان ثابتاً مثل الاسواق والأنفاق.
 الفقهاء في الغالب لم يتعرضوا لهذا الفرع وقد تطرق إلى ذلك فخر المحققين في شرح الإرشاد حسب ما ورد في كشف اللثام: ان المُحرَّم علیه سائرا انما هو الاستظلال بما ینتقل معه کالمحمل اما لو مشی تحت سقف أو ظل أو سوق او شبهه فلا بأس.
 ونحن نقول أن الأقوى أن يجتنب المظلة المتحركة وأما الحركة من تحت الظل فلا بأس به! والدليل أنه رواية خاصة في ذلك وإنما هي الاطلاقات وهي لا تشمل ما لو كان الظل ثابتاً وبذلك ما ورد في الروايات هو المحمل والقبة وما شابه وهي جميعاً متحركة ومن هنا نقول أن اطلاقات الروايات منصرفة إلى الظل المتحرك!
 مع أن حكمة حرمة الاستظلال هو تغيير لون البشرة بإضاءة الشمس وبالعبور من النفق والأسواق المسقفة الصغيرة لا تنتفي الحكمة أعني تغيير اللون فهو جائز.
 ولو شككنا في أن نأخذ بإطلاق الروايات فنحكم بحرمة الظل الثابت والمتحرك معاً أم نبني على الانصراف فحسب ونحكم بحرمة الظل المتحرك فقط؟! عند الشك يلزم أن نبني على الانصراف لأن الاطلاق يفتقر إلى الدليل دون الانصراف لأنه للأخذ بالإطلاق يلزم أن يكون المولى في مقام البيان وأن يبين، وان لا يكون هناك انصراف وأن لا يكون قدر متيقن فعند ذلك نستطيع الأخذ بالإطلاق!
 بعض المعاصرين جاء بدليل آخر على جواز الاستظلال بالثابت وهو أن الأفضل أن يكون الإحرام في حج التمتع والعمرة في حج الافراد من مسجد الحرام وهذا يستلزم المرور من تحت السقف وذلك أمارة الجواز!
 إلاّ أن هذا الرأي يجانب صحة لأن المحرم حينئذ قد اتخذ لنفسه منزلاً فلا يضر حينئذ أن يستظل بسقف محل اقامته، والبحث في الاستظلال أثناء سفره وفي الحقيقة عندما يدخل المحرم مكة فقد دخل منزله فلا يحرم عليه الاستظلال بحال!
 الأمر الثالث:
 لو توقف المحرم للإتيان بعمل ما مثل الصلاة فحال إذ يستطيع أن يستظل أم لا؟ لكونه عند ذلك ليس في طور الحركة والسفر!
 واضح أن له أن يستظل لأن البحث في الاستظلال حين الحركة ومواصلة السير!
 نادراً ما نجد أن أحداً من الفقهاء قد تعرض لهذا الفرع فالسيد الخوئي يقول بهذا الصدد: و کذلك (أي لا باس) فیما نزل في الطریق للجلوس او لملاقاة الاصدقاء او لغیر ذلك و الاظهر جواز الاستظلال في هذه الموارد بمظلة و نحوها ایضا و ان کان الاحوط اجتنابه [3] .
 نقول:
 لم ترد في هذه الموارد لم ترد رواية ولم تقم شهرة والدليل هو الانصراف والآخذ بالقدر المتيقن من الأدلة وهو حرمة الاستظلال حال السير فحسب! وإن كان هناك احتمال في أن الاطلاقات تشمل هذا الموارد ولكن نقول كما اسفلنا أن عند الشك نقدم الانصراف على الاطلاق! ومع ذلك يستحب الاجتناب لأجل الاطلاقات احتياطاً!
 ***
 المسألة الآتية هي المسألة 38 وهي مسألة هامة في أنه هل أن حرمة الاستظلال التي وردت في الأحاديث هل أنها تختص بلحظة التحقق في النهار أم تعم حال التقدير أيضاً ـ أي على فرض وجوده ـ ليحرم الاستظلال في الليل أيضاً؟
 كما يجري البحث كذلك في الاستظلال بين الطلوعين فلو جوزنا الاستظلال التقديري في الليل هل يجوز الاستظلال بين الطلوعين أم يحرم؟ وهكذا عندما يكون الجو غائماً فينعدم الظلال تماما وهكذا عندما يكون الطقس ممطراً أو يشتد الريح فلا يستطيع المحرم أن يخرج من السيارة المسقفة! فما هو الحكم في مثل هذه الظروف الغير مؤاتية؟
 
 
 


[1] ج 15، ص 479.
[2] ج 18، ص 403.
[3] المعتمد، ج 28، ص 498.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo