< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/07/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم الاستظلال ليلاً
 قد أشرنا في السابق أن البحث في المسألة 38 من مسائل تروك الإحرام.
 يقول السيد الماتن: جلوس المحرم حال طي المنزل فی المحمل و غیره مما هو مسقَّف اذا کان السیر في اللیل خلاف الاحتیاط و ان کان الجواز لا یخلو عن قوة فیجوز السیر محرما مع الطائرة السائرة في اللیل.
 إنَّ الاحتياط في المسألة استحبابي، إن كثيراً من الحجيج في وقتنا الراهن يحرمون من مسجد الشجرة ويتوجهون ليلاً بمركبات مسقفة إلى مكة فلو قلنا بحرمة السفر فيها فعلى كل من يسافر بها كفارة دم شاة!
 لم تكن المسألة في الماضي عامة البلوى لأن سفر القوافل في الماضي لم يكن في الليل بل كان في النهار ولذلك لم نجد في الروايات وفي كلمات المتقدمين أثر لذلك.
 مع ذلك نستطيع أن نستخرج من مختلف الروايات شواهد لذلك فالندرس الشواهد:
 الروايات التي يمكن أن نستند إليها على ثلاثة طوائف:
 الأول: الروايات التي تأتي بالمصاديق مثل المحمل والكنيسة.
 الثانية: الروايات العامة التي تنهى عن الاستظلال والتغطية من دون أن تذكر مصداقاً.
 الثالثة: الروايات التي تتحدث عن المطر والطوفان، ونحن الآن لا نتعرض لها لأنها سيأتي البحث فيها بعنوان مستقل.
 الطائفة الأولى: وقت مر ذكرها ولكن نأتي هنا بنموذج منها:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُحْرِمِ يَرْكَبُ الْقُبَّةَ فَقَالَ لَا قُلْتُ فَالْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ قَالَ نَعَمْ [1] .
 الرواية صحيحة، وهي تشير إلى النهي عن ركوب القبة.
 حدیث 2: عَنْهُ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الْمُحْرِمِ يَرْكَبُ فِي الْقُبَّةِ قَالَ مَا يُعْجِبُنِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضاً قُلْتُ فَالنِّسَاءُ قَالَ نَعَمْ.
 وهي صحيحة أيضاً، ولكن ورد فيها كلمة: مَا يُعْجِبُنِي وهي تفيد الحرمة لاستثناء المريض وإباحة ذلك إلى النساء كما أشرنا سابقاً.
 إن هذه الروايات مطلقة تعم الليل أيضاً ولكن الروايات تشير إلى المريض وإلى حمايته من شعاع الشمس والحر والبرد وفي الليل لا شمس ولا حر ولا برد فلا يبقى معنى لقوله إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضاً، على هذا الغرض وهو يدل على أن القبة كانت للحفاظ عن شروق الشمس وأذى البرد.
 وعليه ان النهي المزبور كان عن الاستظلال في النهار دون الليل.
 مع أن القوافل ما كانت ترحل في الليل ولذلك ورد في الروايات أن حد القصير هو مسيرة يوم، وهو ثمانية فراسخ فكانوا ينامون ليلاً ويرحلون نهاراً!
 الطائفة الثانية:
 الروايات التي تنهى عن التستر والاستظلال والتغطية ويبدو أنها مطلقة إلاّ أنها تتضمن قرائن تكشف أن النهي عن التستر والاستظلال عن الشمس والحر والبرد وهي خمسة قرائن كما يلي:
 ألف: الروايات التي تستثني المريض.
 حدیث 3: عَنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ (عليه السلام) (موسی بن جعفر علیه السلام) أُظَلِّلُ وَأَنَا مُحْرِمٌ قَالَ لَا قُلْتُ أَفَأُظَلِّلُ وَأُكَفِّرُ قَالَ لَا قُلْتُ فَإِنْ مَرِضْتُ قَالَ ظَلِّلْ وَكَفِّرْ.. [2] .
 إن الظل يدل على ان الكلام فيما لو كانت هناك شمس، وعند ذلك المريض يقول أني لا أطيق حر الشمس وبرد الطقس فإنَّ المرض قرينة والظل شاهد لأن الظل للتخلص من شروق الشمس!
 حدیث 6: عَنِ النَّخَعِيِّ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) عَنِ الرَّجُلِ الْمُحْرِمِ وَكَانَ إِذَا أَصَابَتْهُ الشَّمْسُ شَقَّ عَلَيْهِ وَ صُدِّعَ فَيَسْتَتِرُ مِنْهَا فَقَالَ هُوَ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ تُصِيبَهُ الشَّمْسُ فَلْيَسْتَظِلَّ مِنْهَا.
 هذه الرواية تحدثت عن إصابة الشمس والاستثناء منها ولا شمس في الليل.
 هذه هي القرينة الأولى.
 ب ـ الروايات التي تشير إلى الاضحاء.
 حدیث 13: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى الْكِلَابِيِّ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ (عليه السلام) إِنَّ عَلِيَّ بْنَ شِهَابٍ يَشْكُو رَأْسَهُ وَ الْبَرْدُ شَدِيدٌ وَ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِمَ فَقَالَ إِنْ كَانَ كَمَا زَعَمَ فَلْيُظَلِّلْ وَ أَمَّا أَنْتَ فَاضْحَ لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ.
 وهي واضحة في أن المراد هو النهار لأنه لا معنى للاضحاء في الليل، هذه هي القرينة الثانية.
 ج ـ الروايات التي تنهى عن التغطية عن الحر والبرد.
 حدیث 14: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُحْرِمِ أَيَتَغَطَّى قَالَ أَمَّا مِنَ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ فَلَا.
 وهي تدل على انه لو لم يكن حر وبرد ـ كما هو الحال في الليل ـ فالتغطية جائزة وهذه هي القرينة الثالثة.
 د ـ الروايات التي تحدثت عن الاستظلال وظاهرها هو الاستظلال الفعلي دون التقديري وكذلك في جميع العناوين مثل العادل والفاسق فالحمل على التقدير يحتاج إلى شاهد. وهذه هي القرينة الرابعة.
 ﻫ ـ روايات عديدة تدل على انه لو لم يستظل المحرم إلى غروب الشمس يغفر له المولى جميع ذنوبه.
 حدیث 3: عَنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ (عليه السلام) أُظَلِّلُ وَ أَنَا مُحْرِمٌ... ثُمَّ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) قَالَ مَا مِنْ حَاجٍّ يَضْحَى مُلَبِّياً حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ إِلَّا غَابَتْ ذُنُوبُهُ مَعَهَا.
 حدیث 11: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) عَنِ الظِّلَالِ لِلْمُحْرِمِ فَقَالَ اضْحَ لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ قُلْتُ إِنِّي مَحْرُورٌ وَ إِنَّ الْحَرَّ يَشْتَدُّ عَلَيَّ فَقَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الشَّمْسَ تَغْرُبُ بِذُنُوبِ الْمُحْرِمِينَ.
 ويتبين من هاتين الروايتين أن الإضحاء إلى غروب الشمس! كافة الروايات تشير إلى الماضي البعيد حيث كان الترحال في النهار في حال يكون الطقس حاراً أو بارداً فكان من اللازم أن يتوفر ما يحمي الإنسان من وسائل مسقفة ولكن إذا كان الوقت ليلاً فلا تؤثر الوسيلة المسقفة في الحر والبرد فلا تعمها الروايات بل أن هناك قرائن على أن المراد هو النهار مثل روايات المريض والحرور ومغيب الشمس وما شابه وإن شككنا في هذه الاطلاق نتمسك بأصل البراءة فيثبت الجواز.
 وإن قلت: أن حركة المركبة، تنتج الريح المؤذي والسيارات المسقفة تحمي المحرمين من هذا الريح أفلا يدخل التحفظ من هذا الريح في المنهي عنه في الروايات؟
 قلت: إن المنهي عنه هو الريح الطبيعي لا ما تسببه حركة السيارات!
 
 
 


[1] باب 64 من ابواب تروك احرام.
[2] باب 64 من ابواب تروك احرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo