< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/07/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: تجنب البرد والمطر
 كان البحث في المسألة الثامنة والثلاثين من مسائل تروك الإحرام في انه هل يستطيع المحرم أن يستقل مركبة مسقفة في الليل؟
 قلنا أن ذلك جائز من دون اشكال بحسب الادلة التي أوردناها وبقي هنا امران:
 الأمر الأول:
 وردت روايات كثيرة في الليالي الممطرة ولم يرد فيها ذكر لليل أو النهار فهي مطلقة من هذه الناحية علماً بأن الفقهاء لم يستوفوا البحث فيها.
 والروايات ستة خمسة منها في الباب السادس من أبواب بقية كفارات الإحرام بعضها صحيح سند وفي سند بعضها كلام لكنها حجة وإن كان بعضها من وادٍ واحد إلاّ انها بمضامين مختلفة:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَيْهِ الْمُحْرِمُ هَلْ يُظَلِّلُ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا آذَتْهُ الشَّمْسُ أَوِ الْمَطَرُ أَوْ كَانَ مَرِيضاً أَمْ لَا فَإِنْ ظَلَّلَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدَاءُ أَمْ لَا فَكَتَبَ يُظَلِّلُ عَلَى نَفْسِهِ وَ يُهَرِيقُ دَماً إِنْ شَاءَ اللَّهُ [1] .
 الرواية مضمرة وهي وان جوزت التظليل لكنها أمرت بالكفارة وهذه أمارة على عدم الجواز والكفارة لا تسقط حتى عند الاضطرار، والمطر وان ذكر إلى جانب الشمس إلاّ انه يحتمل عدم الفرق بين الليل والنهار فالرواية مطلقة تشمل كليهما.
 حدیث 3: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ (بزیع) قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) (امام رضا علیه السلام) عَنِ الظِّلِّ لِلْمُحْرِمِ مِنْ أَذَى مَطَرٍ أَوْ شَمْسٍ فَقَالَ أَرَى أَنْ يَفْدِيَهُ بِشَاةٍ وَ يَذْبَحَهَا بِمِنًى.
 الرواية صحيحة، وهي تشير إلى الافاضة من عرفات إلى المشعر وهي لم تستغرق وقتاً طويلاً فكانت تطاق عادة إذا ما تساقطت قطرات المطر ومع ذلك نحن نميل إلى الاطلاق فيمكن أن يقال ان الرواية مطلقة تعم الليل والنهار!
 حدیث 5: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَحْمُودٍ قَالَ قُلْتُ لِلرِّضَا (عليه السلام) الْمُحْرِمُ يُظَلِّلُ عَلَى مَحْمِلِهِ وَ يَفْدِي إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ وَ الْمَطَرُ يُضِرَّانِ بِهِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ كَمِ الْفِدَاءُ قَالَ شَاةٌ.
 الرواية صحيحة سنداً وأما دلالة فقد ذكر الشمس إلى جانب المطر.
 حدیث 6: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنِ الرِّضَا (عليه السلام) قَالَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الظِّلَالِ لِلْمُحْرِمِ مِنْ أَذَى مَطَرٍ أَوْ شَمْسٍ وَ أَنَا أَسْمَعُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَفْدِيَ شَاةً وَ يَذْبَحَهَا بِمِنًى.
 الرواي في هذه الرواية مثل الرواية رقم 3 هو محمد بن إسماعيل إلاّ ان الروايتين تختلفان مضموناً لأن السائل في السابقة محمد بن إسماعيل نفسه وفي الثانية غيره.
 حدیث 7: الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ قَالَ مِنْ عِلَّةٍ ثُمَّ زَادَ وَ قَالَ نَحْنُ إِذَا أَرَدْنَا ذَلِكَ ظَلَّلْنَا وَ فَدَيْنَا.
 في جميع الروايات التي تعرضنا لها إلى هنا ذكرت المطر إلى جانب الشمس.
 حدیث 7: عَنْهُ أَنَّهُ (الحمیری) سَأَلَهُ (صاحب الزمان (عجل الله فرجه الشريف)) عَنِ الْمُحْرِمِ يَسْتَظِلُّ مِنَ الْمَطَرِ بِنَطْعٍ أَوْ غَيْرِهِ حَذَراً عَلَى ثِيَابِهِ وَ مَا فِي مَحْمِلِهِ أَنْ يَبْتَلَّ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ الْجَوَابُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْمَحْمِلِ فِي طَرِيقِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ [2] .
 إن الرواية مرسلة لأن صاحب الاحتجاج لم يعاصر الحميري وأما دلالة فلم يذكر المطر إلى جانب الشمس لكي يوهم انه كان في النهار فهي مطلقة.
 لو لم تكن الروايات السابقة مطلقة لإتيان المطر إلى جانب الشمس، نستطيع أن نعمم الحكم إلى المطر في الليل بإلغاء الخصوصية لأنه لا فرق بين الليل والنهار من ناحية ما ينشأ من المطر، ومن هنا لو أن المحرمين استقلوا مركبة مسقفة فتفاجئوا بهطول المطر فعليهم يوقفوا المركبة عن مواصلة الطريق، وقد تقدم منا انه في غير حال الحركة يستطيع ان يستظل ولا شيء عليه كما لو أراد أن يصلي أو ينتظر الرفقة أو يقضي حاجة، ولو واصلوا الطريق عند هطول المطر فعلى كل واحد دم شاة كفارة، وان كان المحرم أثناء هطول المطر نائماً فليس عليه شيء.
 الامر الثاني:
 لو كان الطقس بارداً فللتخلص من شدة البرد هل يستطيع المحرم أَنْ يلجأ إلى الحافلة المسقفة ام لا؟
 في ذلك روايتان:
 حدیث 13: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى الْكِلَابِيِّ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ (عليه السلام) إِنَّ عَلِيَّ بْنَ شِهَابٍ يَشْكُو رَأْسَهُ وَ الْبَرْدُ شَدِيدٌ وَ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِمَ فَقَالَ إِنْ كَانَ كَمَا زَعَمَ فَلْيُظَلِّلْ وَ أَمَّا أَنْتَ فَاضْحَ لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ [3] .
 الرواية سندا لا تخلو من اشكال، وأما دلالة ففيها شيء من التعقيد فان الإمام (عليه السلام) يقول للسائل انه لا تغطي وجهك لتسطع الشمس عليه وأما صاحبك الذي اضطر أن يغطي رأسه من شدة البرد ليمنع بذلك من شروق الشمس فانه يجوز له ذلك، وعليه إنَّ الحديث في الواقع يتحدث عن الاستظلال لا البرد! ومن هنا يتضح أن الرواية لا تشير إلى البرد في الليل فلو غطى نفسه فيه من البرد أو غيره فلا ضير في ذلك!
 حدیث 14: وَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُحْرِمِ أَيَتَغَطَّى قَالَ أَمَّا مِنَ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ فَلَا.
 صحيح أن الرواية تتحدث عن الحر والبرد ولكن عادة أن الإنسان في النهار يحمي نفسه من الحر وأما في الليل فلو غطى نفسه من الحر فإنه يحتر أكثر، ولاسيما أن حركة هؤلاء كانت في النهار! فبقرينة الرواية السابقة وإتيان الحر والبرد معاً فبهاتين القرينتين نقول أن الحديث لا صلة له بالبرد في الليل والتحفظ منه فلا إشكال في ركوب الحافلة المسقفة في الليل للتخلص من البرد.
 وأما فيما يخص الاستظلال بين الطلوعين وفي الأيام الغائمة فلا دليل على الحرمة لأن الحرمة تختص فيما إذا كانت شمس تغيَِر لون الوجه بسطوعها!
 


[1] باب 6 من ابواب بقیة الکفارات.
[2] باب 67 من ابواب تروك الإحرام.
[3] باب 64 من ابواب تروك الإحرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo