< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/07/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 المحاضرة الأخلاقية
 عن الإمام علي الهادي (عليه السلام): مَنْ جَمَعَ لَكَ وُدَّهُ وَرَأْيَهُ فَاجْمَعْ لَهُ طَاعَتَكَ.
 إن المحبة والشفقة أصلان أساسيان في الصداقة فالرواية تقول من توفر فيه هذا الاصلان فلا تفارقه وأطعه!
 إن لهذا الحب وهذه الشفقة مراتب تبدأ بالخالق المتعال وتنتهي بالعباد.
 إن الله سبحانه ودود بعباده شفيق بهم والدليل على ذلك نعمه الكثيرة في الخلق وإرسال الرسل وقد انتشرت آيات في الأفاق والأنفس، وبما أنَّ الباري سبحانه شفيق بالعباد ودود لهم فيجب أن نطيعه ونمتثل أوامره ونواهيه ونجمع له طاعتنا!
 وبعد إطاعة الباري جل وعلا ينبغي أن نجمع الولاء للنبي (صلى الله عليه وآله) وآله الأطهار (عليهم السلام) لأنهم تحملوا صنوف الاتعاب والشدائد بل تحملوا الأمرين من أجل هداية الناس وإرشادهم حباً لهم وشفقة عليهم فيلزم أن نجمع لهم طاعتنا وولائنا!
 وبعد هؤلاء الأطهار يجب أن نجمع ودنا وطاعتنا لمراجع الدين وعلمائه لأنهم يفنون أعمارهم لإرشاد الناس، فهم خلافاً لطلاب الدنيا يشفقون على الناس ويعطفون عليهم ويعملون على اسعادهم في الدنيا والآخرة!
 وبعد هؤلاء الاصدقاء فمن يصدق في حبه فهو وفيّ في علاقته مهما كانت الظروف فهو يسعف صديقه في صروف الدهر ومنغصاته فيكون خير عون له فمثل هذا الصديق يجب أن تتخذه ولياً لك لا تفارقه!
 لو أردنا النصر والظفر على الأعداء يجب أن نأخذ بهذين الأصلين: أصل المحبة وأصل الشفقة! فيلزم أن لا تتمحور الجماعات حول نفسها عليهم أن يكونوا متحابين ومتكاتفين من أجل نصرة الحق وإزهاق الباطل والقضاء عليه.
 حتى ان لم نؤمن بالآخرة وثواب الله فإنَّ العقل يحكم بأن نتوحد وأن يشد بعضنا على يد البعض الآخر ويؤازه أمام الأعداء وأمام الخصوم من مسلمي الجنسية! يجب اعتماد على هذين الركنين الركينين لأن التخاصم والتعاند فيما بيننا يؤدي إلى تصدع أوضاعنا وانهيار قوتنا وغلبة الأعداء الألداء علينا!
 إن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يخاطب الناس من حوله: فَيَا عَجَباً عَجَباً وَ اللَّهِ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَ يَجْلِبُ الْهَمَّ مِنَ اجْتِمَاعِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَ تَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُم [1] .
 فإن الوحدة والتضامن هو سر الانتصار فبالتوحد وبتضافر الجهود تضمن مصالح الجميع وبالوحدة والاتفاق ينزل الله نصره إن شاء الله!
 ***
 فالنحاول في العطلة الصيفية أن نواصل نشاطنا في التبليغ والتدريس والتحقيق وحتما تكون مادة للعمل في هذه العطلة نطرح عشرة مسائل خمسة منها ما تبقى من مسائل تروك الإحرام، فنرجو أن تبذلوا الجهد لبحثها والمسائل هي كالتالي:
 1ـ العشرون: إخراج الدم من بدنه.
 2ـ الحادي والعشرون: قلم الأظفار وقصهما.
 3ـ الثاني والعشرون: قلع الضرس.
 4ـ الثالث والعشرون: قلع الشجر والحشيش.
 5ـ الرابع والعشرون: لبس السلاح.
 هذه من تروك الإحرام وأربعة من باب الطهارة والعاشرة من باب الصلاة.
 6ـ مقدار الكر بالوزن والمساحة.
 7ـ نجاسة الخمر وطهارة الكحول.
 8ـ طهارة المطر.
 9ـ كفاية كل الغسل من الوضوء أم غسل الجنابة فحسب.
 10ـ ستر بدن المرأة في الصلاة وغيرها.
 يجب أن تُدرس هذه المسائل بعناية وأن لا تكون عدد الصفات أقل من عشرين صفحة والكتابه بالعربية أرجح.
 ***
 عنوان البحث الفقهي: الاستظلال اضطراراً
 البحث في المسألة التاسعة والثلاثين من تروك الإحرام، يقول السيد الماتن في ذلك:
 إذا اضطر بالتظلیل لبرد او حر او مطر او غیرها من الاعذار جاز و علیه الکفارة.
 إذن يجوز للمضطر أن يستظل ولكن عليه الكفارة.
 الدليل: على الجواز:
 أولاً: قاعدة الاضطرار وهو دليل عام وقد بحثناها سابقاً على نحو التفصيل، يقول الإمام الصادق (عليه السلام) في هذا الشأن:
 ما من شيء حرمه الله الا و قد احله لمن اضطر الیه.
 والقاعدة وإن كانت فيها استثناءات إلاّ أنها تعم ما نحن بصدده وهو الاضطرار إلى الاستظلال.
 ثانياً: الروايات وهي الراويات الواردة في الباب 65 من أبواب بقية كفارات الإحرام وقد تقدمت في بحث سابق حيث صرح الإمام بأنه إذا اضطر لمرض أو ضعف فيستطيع أن يستظل!
 
 الكفارة، دليلها:
 الدليل على وجوب الكفارة هي الروايات التي وردت في الباب 65 الأنف الذكر.
 إن تسأل: الكفارة تلزم على من أرتكب مخالفة وأما الذي لم يرتكب أحد ذلك فلم يعاقب بدفع الكفارة؟
 الجواب: أجل أن الكفارة عقوبة للذي يرتكب مخالفة ولكن عندما ترد الروايات في لزوم الكفارة على المضطر فيتبين من ذلك أن في الكفارة على المضطر مصلحة ولعلها هي أن لا يتذرع المحرم بالاضطرار لأدنى سبب فيرتكب ذلك، وكذلك الأمر في كفارة الصوم لمن افطر لمرض!
 ***
 مسألة 40: کفارة الاستظلال شاة وان کان عن عذر علی الاحوط والاقوی کفارة شاة في احرام العمرة و شاة في احرام الحج وان تکرر منه الاستظلال فیهما.
 في المسألة ثلاثة فروع:
 الفرع الأول:
 وهو كفارة الاستظلال شاة، فانه هو المشهور، حسب ما ورد في الجواهر [2] ، إلاّ أن هناك رأيان شاذان للصدوق ولأبن أبي عقيل؛ فالصدوق في المقنع يقول أن كفارة استظلال في كل يوم صدقة ولكن لم يعين مقدار الصدقة، وأما ابن ابي عقيل قال بكفارة التخيير صوم ثلاثة أيام، أو دفع ثلاثة أصوع لستة فقراء أو نسك وهو الهدي!
 دليل قول المشهور:
 الدليل هو الروايات التي جاءت في الباب 6 من أبواب بقية الكفارات، وقد مرت في الدرس السابق حيث كانت لا تفرق بين المعذور وغير المعذور وكانت صريحة في أن الكفارة دم شاة!
 وأما دليل قول الصدوق الحديث 8، باب 6، من أبواب بقية الكفارات، وهو الحديث الذي يقول لو ركبت محملاً مع صاحبك الذي يضطر أن يستظل وأنت بدورك تضطر أن تستظل فعليك أن تدفع لكل يوم صدقة.
 في هذه الرواية اشكالات:
 الأول: في سند الرواية ضعف من ناحية علي بن ابي حمزة!
 الثاني: قد اعرض عنها الأصحاب.
 الثالث: لا تستطيع أن تعارض الروايات التي استند إليها المشهور لكثرتها ولعمل المشهور بها حيث افتوا بأن الكفارة دم شاة!
 وأما دليل ما ذهب إليه ابن ابي عقيل:
 فقد استند في ما ذهب إليه إلى الحديث 2، باب 14، من أبواب بقية الكفارات، وهي ضعيفة بمحمد بن عمر بن أبي يزيد. ولو فرضنا انها صحيحة فإنها عامة دلالة وتشمل جميع التروك وتخصص بأن كفارة الاستظلال دم شاة!
 الفرع الثاني:
 وهو أن في حال العذر أيضاً الكفارة دم شاة والدليل على ذلك هو روايات الفرع السابق لأن أكثرها في استظلال أصحاب الاعذار! ولم نعرف وجهاً لقول السيد الماتن بالاحتياط لأن أغلب الروايات قالت بأن الكفارة دم شاة لأصحاب الأعذار، ولذلك نحن نقول: على الأقوى أن الكفارة دم شاة!
 الفرع الثالث:
 في عدم تكرار الكفارة بتكرار الاستظلال.
 والدليل:
 الأول:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ (عليه السلام) جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّهُ يَشْتَدُّ عَلَيَّ كَشْفُ الظِّلَالِ فِي الْإِحْرَامِ لِأَنِّي مَحْرُورٌ يَشْتَدُّ عَلَيَّ حَرُّ الشَّمْسِ فَقَالَ ظَلِّلْ وَأَرِقْ دَماً فَقُلْتُ لَهُ دَماً أَوْ دَمَيْنِ قَالَ لِلْعُمْرَةِ قُلْتُ إِنَّا نُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ وَ نَدْخُلُ مَكَّةَ فَنُحِلُّ وَنُحْرِمُ بِالْحَجِّ قَالَ فَأَرِقْ دَمَيْنِ [3] .
 والظاهر انها رواية واحدة فالحديث الثاني صحيح سنداً دون الأول وهو صريح في أن كفارة إستظلال الحج دم شاة كما أن كفارة الاستظلال في العمرة أيضاً دم شاة أيضاً.
 الثاني: انه لو تكررت الكفارة بتكرار الاستظلال يلزم العسر والحرمة.
 زد على ذلك أنه لم ترد إشارة إلى تكرار الكفارة لأنه في جميع الروايات لم يذكر إلاّ الشاة الواحدة إذا في كل احرام العمرة، كفارة الاستظلال دم شاة كما ان في كل إحرام حج دم شاة أيضاً!


[1] نهج البلاغة، خطبة 27.
[2] ج 20، ص 415.
[3] باب 7 من ابواب بقیة الکفارات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo