< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/10/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: متى يفوت زمن طواف العمرة؟
 كان البحث في الطواف وفي وجوبه وفي انه لو ترك الإنسان الطواف عمداً أو جهلاً هل تعد عمرته في حج التمتع باطلة أو لا؟ وقد حان الوقت لكي نعرف أنه متى يفوت زمن عمرة التمتع.
 قبل البحث في ذلك يلزم أن نشير إلى نقطتين في البحث السابق:
 الأول: قد تمسك البعض لإثبات وجوب الطواف بالآية (وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتيقِ) والأمر في الآية يدل على الوجوب! إلاّ أنه في الآيات السابقة لهذه الآية قرائن نكشف عن أن الطواف في الآية هو طواف الحج لأنه قد ذكر فيها الهدي، ذكر الله في أيام معلومات وهي أيام منى في حين أن بحثنا في طواف العمرة. ومن هنا يتضح أنه لم نتوفر في الكتاب المجيد على آية تدل على وجوب الطواف! ومهما يكن من شيء فإن هذه المسألة من الضروريات وقد وردت أحاديث متعددة تدل على ذلك.
 الثاني: سيأتي البحث في الاشواط السبعة في الطواف وسنبحث أنه ما حكم نقصان عدد الاشواط وزيادتها ولذلك لا ضرورة لأن نبحث ذلك هنا!
 فلنأتي إلى البحث في فوات وقت طواف عمرة التمتع وهو الفرع الثالث.
 الأقوال:
 ففي جامع المقاصد: یحتمل ان یتحقق فی الجمیع [الحج وعمرته] ترکه بنیة الاعراض عنه [وان كان الوقت باقياً] و ان یرجع فیه الی ما یعد ترکا عرفا و المسألة موضع اشکال [1] .
 [أي أنه لم يتضح بعد وقت صدق ترك الطواف].
 والمحقق النراقي في المستند قد اختار ما ذهب إليه المتأخرون والمعاصرون فيقول: لو کان ترك الطواف بالعمد و بطلت مناسکه ففی حصول التحلل بمجرد ذلك و البقاء علی احرامه الی ان يأتي بالفعل الفائت في محله لحصول التحلل او حصول التحلل بأفعال العمرة اوجه کما قال فی الذخیرة. و بالأخير قطع المحقق الثاني [2] .
 أي أنه إذا ضاق الوقت وقرب ظهر عرفة بحيث لا نستطيع الإتيان بإحرام الحج وعمل الوقوف إذا أتينا بالطواف فحينذاك ينتهي وقته فتبطل العمرة!
 وصاحب الجواهر يقولها بشفافية أكثر فيقول: وفي عمرة التمتع عدمه [أي عدم الطواف] الی ضیق وقت الوقوف بعرفة [3] .
 ولم يأت بدليل ظناً منه بوضوح المسألة وأنها من المسلمات وهناك احتمال رابع يقول: لو دخل بالعمل التالي للطواف وهو السعي، يعد زمان الطواف منتهياً!
 إذن في تبيان انتهاء وقت الطواف أربع احتمالات.
 أقول:
 مر أنه تثبيت ركنية الطواف بدليلين:
 أـ أن الأمر يقتضي الأمثال وعند عدم تحقق الامتثال يبطل العمل.
 ب ـ أن المركب يترك بترك جزء منه بمقتضى القاعدة، والعمرة باعتبارها مركباً تبطل بترك الطواف باعتبارها جزءاً منها.
 وقد قلنا أن الثاني تعبير آخر عن الأول.
 ومن الواضح أن مدار الامتثال هو وقت الامتثال فإذا كان الوقت باقياً فيلزم أن يأتي به المكلف وعند انتهاء الوقت يبطل العمل وذلك إلى ظهر يوم عرفة هذا بحسب القواعد. وهو الدليل الأول وأما الدليل الثاني وهو النص:
 فمعتبرة علي بن يقطين تقول: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ جَهِلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ قَالَ إِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ جَهَالَةٍ فِي الْحَجِّ أَعَادَ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ [4] .
 وقد اوردنا اشكالات على الاستدلال بهذه الرواية واجبنا عنها لأن الرواية وان تحدثت عن الحج ولكن الحج كما يشمل الحج نفسه يشمل العمرة أيضاً وان قيل أن الحج لا يدل على أكثر من الحج نفسه فحينئذ نلغي الخصوصية عن الحج ليعم الحكم العمرة أيضاً.
 إلاّ أن الرواية لم تنبئ عن أن الترك متى يتحقق ولكن لو وضعنا هذه الرواية بين يدي العرف فانه لا يفهم إلاّ ما تقتضيه القاعدة وهو أن الترك انما يتحقق عند انتهاء الوقت وعليه أن الفرصة المتاحة للإتيان به هو آخر ذي الحجة ومن هنا يتضح أن ترك الطواف لا يتحقق بالإعراض فيلزم أن يقضي وقت أدائه لكي يتحقق الترك.
 وهناك نقطة هامة لم يهتم بها السيد الماتن وهي أنه لو عمد شخص إلى ترك الطواف حتى ينقضي الوقت هل عليه أن يتوجه إلى عرفات أم ان حجه وعمرته باطلان أم أنه يلزم عليه العدول من التمتع إلى الأفراد؟! البعض قال يخرج من العمرة من دون أي شيء والبعض قال يذهب إلى عرفات ولكنه غير معتمر فكيف يذهب؟ وكذلك لو بطلت العمرة كيف يمكن الخروج.
 فيلزم أن يخرج من الإحرام بأداء منسك ما وحسب الفرض لم يبق له وقت حتى يأتي بإعمال العمرة، نعم عند العذر مثل المرأة الحائض تستطيع المرأة أن تعدل إلى الإفراد وإحرامها للعمرة يكفي لحجها وذلك للدليل الخاص لكنه لا دليل للعدول إذا كان الترك متعمداً.
 وعلى أية حال المسألة معقدة وسيأتي الحديث عنها إن شاء الله.


[1] ج 3، ص 195.
[2] ج 12، ص 126.
[3] ج 19، ص 372.
[4] ح 1، ب 56.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo