< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/10/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 تنبيه:
 يجب أولاً أن نشير إلى الاساءة إلى النبي الأكرم التي حصلت بالفيلم الذي صدر فإن انتشار هذا الفيلم يدل على أن الغرب يجيز الإساءة إلى أقدس المقدسات في الإسلام. إن الغرب حاول أن يصادر الصحوة الإسلامية لصالحه. إلاّ أن صدور هذا الفيلم أدى إلى أن الصحوة الإسلامية تبتعد عنهم.
 النقطة الأخرى التي يلزم الوقوف عنها هي أن هؤلاء يقولون لا نستطيع أن نمنع حرية الرأي! ومن العجب أن هؤلاء يرون أن حرية الرأي تتحقق بحرق القرآن والإساءة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) في حين لو أن شخصاً أراد أن يتحدث عن الهولوكاست لا يعد ذلك من حرية الرأي ويجب أن يحبس مثل هذا الشخص في حين أن الذي يسيء للنبي لا يدان ولا يستنكر عمله.
 لو أن شخص عذب شخصاً بجلده يدان في جميع شرائع الأرض، ولكنه إذا عذب مليار ومئات الملايين من المسلمين لا يؤاخذ ويكون طليقاً.
 ***
 عنوان البحث الفقهي: طواف العمرة
 قد تقدم انه من ترك الطواف متعمداً فعمرته باطلة وذلك عندما ينتهي وقت الطواف وذلك بحلول ظهر عرفات.
 بقي هنا أمران:
 الأمر الأول: قد مر البحث في أنه إذا بطلت العمرة كيف يخرج المحرم من إحرامه؟ قلنا أن هنا ثلاثة آراء، قد بحثناها سابقاً، وقد طرحنا رأياً رابعاً وهو أن يعدل من حج التمتع إلى الأفراد، قلنا الشاهد على ذلك روايتان في الحائض ومن وصل متأخراً.
 ثم اشكلنا بأن هاتين الروايتين تختص بالضرورة فلا تشمل من ترك الطواف متعمداً.
 وقد أجبنا أن هذا يشبه المجنب في شهر رمضان الذي يؤخر غسله إلى أن يضيق به الوقت بحيث يضطر إلى التيمم فهو وإن أذنب ولكن يصح تيممه وصومه في اليوم الآتي.
 ولكن يرد عليه: فرق بين ما نحن فيه والتيمم في شهر رمضان لضيق الوقت وذلك لأنه نجوز التيمم لإطلاق أدلة التيمم التي تقول: (من ضاق عنه الوقت) حيث أنها تشمل الضيق الاختياري والاضطراري معاً، وكذلك في قوله تعالى: فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً، فانه مطلق أيضاً يشمل العامد والمضطر! إلاّ ان ما نحن فيه لا اطلاق له وإنما الحديث فيه عن الضرورة وهو الحائض ومن تأخر في الوصول إلى مكة.
 بعد ابطال الوجه الرابع ينبغي العودة إلى الوجوه الثلاثة الباقية:
 أما الأول: فقد كان يقول أن المحرم يخرج من الإحرام تلقائياً!
 إن هذا الوجه في الإحرام لا يعقل لأنه لا نجد نظيراً له يدل على أن الإحرام يبطل تلقائياً، فلابد في الإحرام أن يكون الخروج منه بنسك معين!
 وأما الثاني: وهو أن يبقى المحرم على إحرامه إلى أن يحل العام الجديد فيأتي بالاعمال بنفسه أو عن طريق نائبه!
 إن هذا أيضاً يؤدي إلى العسر والحرج الشديدين وهو لا ينسجم مع الديانة السهلة السمحة.
 وأما الوجه الثالث: وهو أن يأتي بعمرة مفردة ويخرج من احرامه. وليس أمامنا إلاّ هذا الوجه. وكم له من نظير في الحج طبعاً يجب عليه أن يأتي بحج التمتع الذي ثبت في ذمته ومن قابل.
 الأمر الثاني: لو كان الشخص قد ترك الطواف عن جهل لا عن عمد فعليه بدنة وحج من قابل. والكلام في انه هذه الكفارة هل هي واجبة ام لا؟ وان كانت واجبة هل تختص بالجاهل ام تشمل العامد أيضاً؟ لأن الروايتين كانتا في الجاهل فحسب!
 أقول: أما الجاهل فظاهر الروايات انه تجب عليه الكفارة ولعل الحكمة هو أن يعاقب لكي يتعلم الأحكام!
 وأما في شمول الحكم للعامد فنشير بهذا الصدد إلى أقوال العلماء:
 يقول صاحب المستند: ومقتضى الروايتين وجوب بدنة عليه أيضاً كما حكي عن الشيخ والأكثر وأفتى به جمع ممن تأخر وهو الأظهر [1] .
 ويقول صاحب الرياض: وفي وجوب هذه البدنة على العالم نظر من الأولوية [عندما ثبت في حق الجاهل ففي حق العالم من باب أولى] ومن عدم النص وجواز منع الأولوية كمن عاد إلى تعمد الصيد [فإن الذي يصيد لأول مرة فعليه كفارة وأن عاد فلا كفارة عليه: ومن عاد فينتقم الله منه] [2] .
 وفي المسالك عن الدروس: في وجوب هذه البدنة على العالم نظر من الأولوية والأخبار الدالة على حكم العالم خالية عنها ويمكن اختصاص الجاهل بها بسبب تقصيره في التعلم فالأولوية في موضع النظر [3] .
 زد على انه من حج ولم يعلم أن الطواف واجب يعد مقصراً لا قاصراً على أقوى الاحتمالات.
 نقول: إن دعوى الأولوية ليست ببعيدة ولذلك تجب الكفارة على العامد أيضاً.
 وأما ما أورده صاحب الرياض على الأولوية فيلاحظ عليه:
 أما التشبه بالصيد فإن هذا التشبيه غير صحيح لأن الصيد مسألة خاصة قد ورد فيها نص فلا يصح قياس الطواف بها مضافاً إلى أن تكرار الكفارة في الصيد أمر يستتبع صعوبة وحرج.
 وأما ما قاله من أن الكفارة بسبب التقصير في تعلم حكم الطواف، فهو خلاف الواقع لأنه قد ورد في الحديث انه: من ترك الطواف جاهلاً فعليه بدنة، وظاهره هو الكفارة لترك الطواف لا التقصير في كسب العلم.
 وفي الموارد الاخرى التي ثبتت فيها الكفارة فان الكفارة كانت على العمل جهلاً لا على التقصير في تعلم حكم العمل.
 فإذا اعطينا المسألة بيد العرف فإنه يحكم بالأولوية ولذلك تجري الكفارة في الترك العمري للطواف.


[1] ج 12، ص 122.
[2] ج 7، ص 76.
[3] ج 2، ص 348.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo