< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/11/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: المحاضرة الأخلاقية
 يقول الإمام علي الهادي (عليه السلام): مَنْ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فَلَا تَأْمَنْ شَرَّهُ [1] .
 إن الناس على صنفين:
 صنف يحترم نفسه ويعتز بها، إنَّ لهذا الصنف علائم، فإن أفراده لا يحتملون المن وإن كانت بهم حاجة، لا يطلبون حاجتهم من أحد ما استطاعوا، لا يخوضون فيما يضر بسمعتهم، يجتنبون الدخل الكبير في الأعمال الوضيعة حفاظاً لماء الوجه.
 أن في هذا الكلام درس جليل يعلمنا من أي إنسان نشعر بالخطر، فإن هذه الرواية تقول لنا أن نأخذ جانب الحيطة والحذر من التافهين والاباحيين لأن هؤلاء يقدمون على كل فعل مهما كان.
 إن هذه المسألة يمكن أن طرح على مستوى اوسع، مستوى الدول والأحزاب والبلدان، فأحياناً تجد دولاً لا تحترم نفسها فلحماية مصالحها تكذب، تبث الاشاعات، تهاجم وتثير الحروب، وتنكث العهود والوعود، إن اليوم في العالم المادي نجد أن هذه الأمور تحدث بكل سهولة، يجب أن نحذر من هذه الدول ونأخذ بجانب الحذر والاحتياط:
 لابد هنا من ابداء ملاحظة عن الفيلم المسيء للنبي الأكرم ففي هذه الفيلم المشين نسبت إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) وأصحابه اتهامات مختلفة مثل ممارسة العنف والنهب والاعتداء الجنسي والأبادة وإراقة الدماء وغيرها من الافتراءات.
 لو كان الإمام الراحل (رضوان الله عليه) حياً لحكم على منتج هذا الفيلم بما حكم به على سلمان رشدي.
 أضاف إلى ذلك أن هذا الفلم ضوء أخضر من قبل رجال السياسة والحكم في الغرب لتصدر عن هؤلاء أعمال مسيئة أخرى، هذا في حين انهم يرفضون حرية الرأي بهذا الشكل الواسع فمثلا لو أراد أحد أن يتحدث عن الهولوكاست يدينوه في محاكمهم.
 فعلى علماء الإسلام والساسة المسلمين أن يعملوا على سنِّ قوانين لكي يجرَّم في المحاكم الإسلامية من يقدم على هذه الأعمال المسيئة! ومن المثير للعجب هو صمت الوهابين في الحجاز اتجاه ذلك فلم ينبسوا بنبيه شفه، هل أنهم لا يؤمنون بالرسول (صلى الله عليه وآله) ولا يعدون الإساءة إلى الرسول شيئاً؟! هذا يدعوا إلى التفكر بشأنهم ملياً بأنه ما هي عقيدة هؤلاء القوم!
 في الحقيقة أن الأمريكيين بفعلتهم هذه زادوا في كراهية العالم الإسلامي لهم فجعلوا الأوضاع غير آمنة اليهم، وقد غلب الخوف والقلق على سفارائهم والمعروفين من رجالهم إن فعلتهم هذه عجيبة!!! هل أن العقل يسمح أن يقدم الإنسان على اساءة تعود بالضرر على أهلها؟!! بحيث يصبح العالم اليهم غير آمن؟!
 فأنهم مصاديق لقوله تعالى: يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْديهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنين‌. (الحشر، 2).
 ***
 عنوان البحث الفقهي:
 دار البحث حول طواف المريض وهي مسألة واسعة الابتلاء، قلنا انه لو لم يتمكن أن يطوف بنفسه فاليطوفوا به بأن يحملوه على الآلات المتوفرة وإن تعذر ذلك فلينيب عنه نائب.
 كان الدليل الأول هو قاعدة الميسور وقد مر الحديث عنها والدليل الثاني: روايات وردت في الباب 48 من أبواب الطواف، وهي على أربعة طوائف:
 الأولى: تصرح بأن المريض الذي لا يقوى على الطواف يجب أن يطاف به:
 حدیث 3: عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يُطَافُ بِهِ وَيُرْمَى عَنْهُ قَالَ فَقَالَ نَعَمْ إِذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ.
 الرواية صحيحة سنداً وأما دلالة فإن قوله: (يَسْتَطِيعُ) فإنه عام يشمل المريض قطعاً كما يشمل الشيخ والعاجز!
 حدیث 7: عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام) عَنِ الْمَرِيضِ يُطَافُ عَنْهُ بِالْكَعْبَةِ؟ قَالَ لَا وَ لَكِنْ يُطَافُ بِهِ.
 سند الرواية معتبر وأما الدلالة فالإمام يقول: لا يطاف عنه بل يطاف به.
 حدیث 8: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ قَالَ شَهِدْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) (امام حسین علیه السلام) وَ هُوَ يُطَافُ بِهِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فِي مَحْمِلٍ وَ هُوَ شَدِيدُ الْمَرَضِ فَكَانَ كُلَّمَا بَلَغَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ أَمَرَهُمْ فَوَضَعُوهُ بِالْأَرْضِ فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ كَوَّةِ الْمَحْمِلِ حَتَّى يَجُرَّهَا عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَقُولُ ارْفَعُونِي فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ مِرَاراً فِي كُلِّ شَوْطٍ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ هَذَا يَشُقُّ عَلَيْكَ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ فَقُلْتُ مَنَافِعَ الدُّنْيَا أَوْ مَنَافِعَ الْآخِرَةِ فَقَالَ الْكُلَّ.
 ان ربيع بن خثيم كان من أصحاب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان من الزهاد الثمانية، وقد ورد مدحه في كتب الرجال، وقد دار البحث أخيراً عن أنه هل هو الذي دفن في خواجة ربيع في مدينة مشهد المقدسة؟ البعض أحتمل انه لم يرغب في المشاركة في حرب صفين أو الجمل فاعتزل الحرب! لو كان كذلك فيشكل فيه الأمر! وإلا فكان أمره سهل إلى حد ما.
 إما دلالة فالشاهد في الرواية هو أن عمل الإمام الحسين (عليه السلام) دليل على جواز أن يطاف بالمريض! كما تدل الرواية على جواز التبرك أيضاً.
 حدیث 12: مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُفِيدُ فِي الْمُقْنِعَةِ قَالَ قَالَ (عليه السلام) الْعَلِيلُ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الطَّوَافَ بِنَفْسِهِ يُطَافُ بِهِ ...
 إن الرواية مرسلة والدلالة واضحة.
 الطائفة الثانية: الروايات التي تقول يطاف بالمريض بحيث يجر رجليه على الأرض.
 حدیث 2: عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) عَنِ الرَّجُلِ الْمَرِيضِ يَقْدَمُ مَكَّةَ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَ لَا بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ قَالَ يُطَافُ بِهِ مَحْمُولًا يَخُطُّ الْأَرْضَ بِرِجْلَيْهِ حَتَّى تَمَسَّ الْأَرْضُ قَدَمَيْهِ فِي الطَّوَافِ.
 دلالة الحديث واضحة والسند معتبر.
 حدیث 10: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) مَرِضَ فَأَمَرَ غِلْمَانَهُ أَنْ يَحْمِلُوهُ وَ يَطُوفُوا بِهِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخُطُّوا بِرِجْلَيْهِ الْأَرْضَ حَتَّى تَمَسَّ الْأَرْضَ قَدَمَاهُ فِي الطَّوَافِ.
 ما المراد من قوله تمس الأرض قدماه؟ هل ان المراد انه يحمل على الظهر وتلامس رجلاه الأرض إلى اتمام سبعة اشواط؟
 إن هذا العمل في زماننا غير ممكن وفي ذلك الزمان كان يؤدي إلى العسر والحرج للحامل وللمريض معاً.
 لعل المراد هو أن يعينه شخصان من شماله ومن يمينه فيمشي رويدا رويداً حتى يكمل الاشواط.
 ويمكن أن نجد محملاً لهذه الأحاديث وهو انه قد يكون المراد هو استحباب هذا العمل على قدر المستطاع وهو في زماننا متعسر وسيأتي البحث في باقي الطوائف ان شاء الله.


[1] بحار الانوار، ج 75، ص 365، حدیث 1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo