< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/11/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: طواف المريض
 كان البحث في طواف المريض وهي المسألة الثالثة من مسائل الطواف قد أسلفنا أنه يجب الطواف به وإن لم يتمكن فتجب النيابة عنه.
 قلنا في القسم الأول من المسألة انه يجب الطواف به كما قلنا أن الروايات في ذلك على أربع طوائف، فطائفة صريحة في أن يخط رجلاه الأرض وقد أسلفنا أن ذلك يؤدي إلى العسر والحرج للحامل والمحمول ولذلك حملنا هذه الطائفة على أنه لا يجب ذلك على طوال فترة الطواف، هذا أولاً وثانياً أن هذا العمل مندوب ولم يفت أحد من الفقهاء في ذلك بالوجوب.
 وزد أن الراوي هو ربيع بن خثيم وفيه كلام لأنه مشترك بين اثنين أحدهما من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) ويعد من الزهاد الثمانية إلاّ أن ذلك لا يكفي لإثبات وثاقته، وهناك رواية للكشي عن علي بن محمد بن قتيبة تقول أن ربيع لم يحضر واقعة صفين فقال له الإمام أذهب إلى بعض الثغور فرابط هناك، فاتجه نحو خراسان.
 وفي رواية منسوبة إلى الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) تقول: ما استفدت من سفري الی طوس الا زیارة ربیع بن خثیم!.
 إن الراوي لهذه الرواية مجهول الحال مع احتمال أن الرواية مجعولة من الأساس.
 وفي هذه الرواية اشكال آخر من ناحية السند وهو أنه قبل ربيع عمر بن فضيل وهو من أصحاب الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) الإمام السابع من أئمة آل البيت (عليهم السلام) فلا يستطيع أن يروي عن ربيع وهو من أصحاب إمام علي مباشرة، ولعل ذلك يصلح لأن يكون قرينة على أن ربيع بن خثيم هو الذي كان من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) وبناءً على ذلك لا يمكن أن تكون الرواية عن الإمام الحسين (عليه السلام)، ومهما كان لم يتوفر دليل على وثاقة هذين الرجلين الذين عرفا باسم ربيع.
 الطائفة الثالثة: في الروايات التي وردت في تطويف المجنون والمغمى عليه.
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ الْمَرِيضُ الْمَغْلُوبُ وَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ يُرْمَى عَنْهُ وَ يُطَافُ بِهِ [1] .
 الرواية صحيحة سنداً وأما دلالة ففي الرمي تقول: يرمى عنه، ولكن في الطواف تقول يطاف به.
 حدیث 4: عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْأَسَدِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَرِيضَةً لَا تَعْقِلُ فَلْيُحْرَمْ عَنْهَا وَ يُتَّقَى عَلَيْهَا مَا يُتَّقَى عَلَى الْمُحْرِمِ وَ يُطَافُ بِهَا أَوْ يُطَافُ عَنْهَا وَ يُرْمَى عَنْهَا.
 فان قوله (عليه السلام): يطاف بها يحمل على ما لو كانت قادرة على ذلك ويطاف عنها ما لم تستطع أن تطوف بنفسها، فتقيد هذه الرواية بقرينة الروايات السابقة بأنه لو تمكنت يطاف بها.
 حدیث 5: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) فِي حَدِيثٍ قَالَ قُلْتُ الْمَرِيضُ الْمَغْلُوبُ يُطَافُ عَنْهُ قَالَ لَا وَ لَكِنْ يُطَافُ بِهِ.
 حدیث 9: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ... إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَرِيضَةً لَا تَعْقِلُ يُطَافُ بِهَا أَوْ يُطَافُ عَنْهَا.
 هنا سؤال يطرح نفسه وهو ان المغمى عليه والمجنون يسقط عنهما التكليف فكيف يكلفان بالطواف؟!
 قد يقال في الجواب أن باب الحج يختلف عن بقية الأبواب لأنه في الحج حتى الطفل الرضيع يمكن أن يطاف به وهو محرم في حين ليس هو بالغ ولا مميز.
 الطائفة الرابعة: تشير إلى حكم الكسير والشيخ العجوز.
 حدیث 6: عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ الْكَسِيرُ يُحْمَلُ فَيُطَافُ بِهِ [2] .
 الحديث صحيح سنداً وواضح دلالة.
 حدیث 6: ِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ الْكَسِيرُ يُحْمَلُ فَيُطَافُ بِهِ [3] .
 هذه الرواية أيضاً صحيحة سنداً وهي نفس الرواية السابقة إلاّ أنها تختلف في أن في تلك وردت كلمة الكسير وفي هذه كلمة الكبير إلاّ أن ذلك لا يضر لأنهما من جملة الذين لا يستطيعون الطواف بأنفسهم.
 ملاحظة:
 قد اشكلنا سابقاً بأنه طواف هذين هل هو طواف صحيح واختياري أم انه من طواف ذوي الاعذار؟ قد يقال انه طواف الأصحاء المختارين لأن الإنسان الصحيح السالم أيضاً يمكن جملة في الطواف وقد ورد ان الرسول طاف راكباً طبعاً أن الرسول كان يأخذ بزمام مركوبه إلا أن الذي يطاف به على كرسي المقعدين ليس كراكب الناقة مثلاً! ولكن نستطيع القول بأن هو الآخر يتحكم في المشي كالراكب على ناقة إلاّ أن يكون مغمى عليه، ومن هنا يعد طوفه طوفاً اختيارياً.
 الفرع الثاني: هناك حالات لا يستطيع المريض معها أن يطاف به أما لمرض شديد أو أنه لا يتمكن من أن يضبط نفسه من ناحية الطهارة فلعله يلوث المسار لو طيف به ففي هذه الحالة يطاف عنه نيابة!
 والدليل على هذا الفرع هو نفس الدليل على الفرع السابق أعني قاعدة الميسور وهي قاعدة عقلائية وشرعية وردت في الكتاب والسنة الشريفة فإن الآية تقول: فاتقوا الله ما استطعتم، والروايات التي وردت في الباب 49 الرواية 1، 3، 6، 7، بعض هذه الروايات مطلقة ولكنها تحمل على العاجز الذي لا يتمكن حتى أن يطاف به.
 هناك روايتان في الباب تستحقان التأمل والتدقيق:
 حدیث 2: ُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَرِيزٍ أَنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) رُخْصَةً فِي أَنْ يُطَافَ عَنِ الْمَرِيضِ وَ عَنِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَ يُرْمَى عَنْهُ.
 حدیث 8: عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ (عليه السلام) رُخْصَةً فِي الطَّوَافِ وَ الرَّمْيِ عَنْهُمَا.
 إذا كان المقصود من الرخصة هي الرخصة حال القدرة على الطواف فذلك لا يحتاج إلى رخصة إلاّ أن يقال أن المراد هي الرخصة لمن يشق عليه الطواف.
 باختصار:
 هل أن الرخصة هي لحال القدرة فان تمكن فيستحب أن يطوف وإلاّ فله أن يفعل ذلك؟ أم ان هذه الروايات تعني ان هنا الرخصة مطلقة يستطيع أن يذهب هو أو أن يتخذ نائباً.
 لو قلنا هكذا فيتبدل الاشكال في المسألة لأنه يلزم القول حينئذ أن المجانين والمغمى عليهم والمغلوب على عقولهم مرخصون بمعنى انه يسحب لهم أي يطوفوا هم أو يتخذوا نائباً يطوف عنهم.
 وللبحث صلة.


[1] وسائل ج 9 باب 47 من ابواب طواف.
[2] وسائل ج 9 باب 47 من ابواب طواف.
[3] وسائل ج 9 باب 49 من ابواب طواف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo