< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/11/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: طواف المريض ولزوم الترتيب في أعمال الطواف
 تقدم البحث في طواف المريض، وقد استفدنا من الروايات التي أوردناها انه يصح الطواف بالمريض كما يصح الاستنابة لو تعذرت الاطافة ومن هنا قلنا أنه لا يترك الاحتياط في الاطافة ما استطاع وإلا فالتكليف هو الاستنابة عنه في الطواف.
 بقي هنا أمور:
 الأول: يجب توفر شروط الطواف مهما أمكن عند الاطافة كما قال السيد الماتن، مثلاً لو قلنا (ونحن لا نقول به) يجب أن يكون الطواف بين الركن والمقام ففي اطافة المريض يجب ذلك أيضاً، وهكذا لو قلنا أن النية واجبة فيلزم أن نطلب من المريض أن ينوي، كما يلزم أن يكون بدن المريض وثوبه طاهرين حد الامكان وكذلك الأمر في الشروط الأخرى وعليه لم يسقط شيء من شروط الطواف في حقه إلاّ الترجل في الطواف.
 الثاني: في حكم الاطافة بكرسي المقعدين ـ ويلجر ـ لا شك في جواز هذا الفعل، وفي وقتنا الراهن لا يسمحون بالاطافة بهذا الكرسي في الطابق الأرضي فلابد من تطويفه في الطبقات العليا، ولكن هل هذا جائز أم لا؟ وان كان الاحتياط هو التطويف في الطابق الأرضي إلاّ انه يجوز التطويف في الطبقات الأخرى بدليلين:
 الأول: هذا هو الميسور ولا مفر من ذلك فتجري قاعدة الميسور.
 الثاني: أن الطابق الأول يحاذي رأس البيت أيضاً ويصدق عليه الطواف بالبيت أيضاً فهو مبرئ للذمة ويكفي في ذلك الصدق العرفي ولا يلزم أن يكون هناك خطأ دقيقاً موازياً لرأس الكعبة فعند الصدق العرفي للطواف حول الكعبة لا تبقى ضرورة للنيابة عنه.
 وقد قلنا في السعي بين الصفى والمروة أن الطابق الأول ليس بين الجبلين بل هو فوق الجبلي فلا يجزي إلاّ عند الضرورة من باب قاعدة الميسور والسعي تحت الأرض جائز لأن السعي بين أصل الجبلين.
 الثالث: هل يصح عند حمل المريض أن ينوي المريض لنفسه والذي يطوف به لنفسه أيضاً فيكون طواف كل منهما صحيحاً؟ لا شك أن طواف كل منهما صحيح لأن شرائط الصحة متوفرة في كل منهما مع أن الحامل يطوف لنفسه ويطوف بالمحمول! وهذا من قبيل تعدد الدواعي المستقلة لأنه ينوي الطواف لنفسه وفي نفس الوقت يقصد اطافة المريض كما هو الحال عندما يطاف بالوليد الرضيع. أجل لو قلنا انه لا يريد الطواف لنفسه في الأساس ولكن ينوي الطواف لأنه يريد أن يطوف بالمريض عند ذلك لا يصح طوافه لأنه يخل بقصد القربة من خلال عمله هذا. وبناء على ذلك لا يستطيع النائب في الحج إلاّ أن يأتي بطواف واحد.
 المسألة الرابعة: لو سعى قبل الطواف فالأحوط إعادته بعده ولو قدم الصلاة عليه يجب إعادتها بعده!
 في هذه المسألة فرعان:
 الأول: يجب مراعاة الترتب بين السعي والطواف بان يقدم الطواف كما يجب الترتب بين الطواف وصلاة الطواف!
 الأقوال:
 إن المسألة من المسلمات بل أنها قد جرت عليها سيرة المسلمين لأنهم يطوفون أولاً ثم يصلون صلاة الطواف ثم يقومون بالسعي بين الصفا والمروة!
 ففي الحدائق: الظاهر انه لا خلاف بین الاصحاب رضوان الله علیهم فی وجوب ترتیب السعی علی الطواف فلو قدمه علیه وجب اعادتهما [1] .
 ينبغي القول انه إذا سبق السعي الطواف يلزم استئناف السعي فقط دون الطواف لأن الطواف صحيح فلا داعي لاستئنافه كما لو صليت العصر قبل الظهر فلا تحتاج إلى إعادة الظهر وإنما تأتي بصلاة العصر ثانية فحسب ولعل النسخة التي بأيدينا من الحدائق وقع فيها الخطأ.
 وفي الجواهر: بلا خلاف اجده فیه کما اعترف به غیر واحد بل الاجماع علیه بقسمیه [2] .
 الدليل:
 قد وردت روايات عديدة في لزوم الترتيب بين الطواف والسعي وذلك في الباب 63 من أبواب الطواف:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ بَدَأَ بِالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ قَالَ يَرْجِعُ فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ السَّعْيَ.
 حدیث 2: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ قَالَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَيَطُوفُ بَيْنَهُمَا.
 حدیث 3: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام)‌ رَجُلٌ طَافَ بِالْكَعْبَةِ ثُمَّ خَرَجَ فَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَبَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ إِذْ ذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ تَرَكَ مِنْ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ.
 النقطة التي يجب الانتباه إليها هو أن الاحكام تنصب على الموضوعات من دون الأخذ بنظر الاعتبار العلم والجهل، فعندما يقول المولى الدم نجس فإن الدم بنفسه وذاته نجس علمت بالحكم أو لم تعلم، وهكذا بالنسبة إلى الترتب بين الطواف والسعي فان ذات الطواف، واجبة التقدم من دون أي قيد أو شرط ومن هنا يجب لو قدم الحاج السعي على الطواف عن سهو أو نسيان أو جهل يجب أن يستأنفه بعد الطواف.
 وما يخص لزوم الترتب بين الطواف وصلاته فدليله:
 أولاً: سيرة المسلمين على مر السنين فإنهم دوماً يقدمون الطواف على الصلاة في حجهم.
 وثانياً: دلالة الروايات: ج 1 و2، ب 3، من أبواب الطواف: هذان الحديثان في مقام بيان أن النبي (صلى الله عليه وآله) الذي كان بصدد تعليم الحج للناس فانه (صلى الله عليه وآله) قدم الطواف على الصلاة!
 
 


[1] ج 16، ص 292.
[2] ج 19، ص 426.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo