< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/12/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 المحاضرة الأخلاقية
 قال الإمام الهادي (عليه السلام): النَّاسُ فِي الدُّنْيَا بِالْأَمْوَالِ وَ فِي الْآخِرَةِ بِالْأَعْمَالِ.
 إنَّ شخصية الإنسان في الدنيا قائمة على الثروة والمال وفي الآخرة على الأعمال.
 للأموال في الدنيا خمسة مشاكل:
 الأولى: أنها الأموال عادة لا تكتسب عادة بسهولة فيلزم أن يحتمل الإنسان معانات كثيرة للوصل إليها ولعله يضطر إلى اكتساب المحرمات لبلوغها بل أن البعض لأجل تحصيلها في فترة قياسية يهضم حقوق الآخرين وربما أذل نفسه لبلوغ هذا المأرب!
 الثانية: وهي حفظ هذه الأموال وحمايتها من الضياع والهدر.
 الثالثة: طريقة استعمال هذه الأموال واستهلاكها فكيف تستعمل لكي تصبح تجارته رابحة!
 الرابعة: هي مفارقة هذه الأموال عند الموت، فإنه يرى في لحظة واحدة أنه ينقطع عن أمواله التي كد في جمعها وتعب أشد التعب في توفيرها! وفي الخاتمة لا يعطى منها إلاّ قطعات من القماش!
 وفي الأعمال بدورها مشاكل أيضاً ولكنها من نوع آخر فإن فيها معاناة كما في المال ولكن كلما تشتد المعاناة يزداد الثواب كما على الإنسان أن يحفظ عمله فلا يخالطه الرياء وحب الشهرة والمن والأذى لكي يكون خالصاً لوجه الله.
 وهذا شيء لا يخلو من صعوبة وتعب.
 لو انه تمكن من أن يعالج هاتين المشكلتين فلا يعترض طريقه مشكلة أخرى تجعل أعماله في مهب الريح فيصبح مطمئناً واثقاً بما وعده الله سبحانه من أجر وثواب. إن هذه الرواية ترسم منظومة القيم الإسلامية فإن قوام هذه المنظومة هو العمل الصالح خلافاً لما عليه الإنسان في الوقت الراهن حيث يباهي بماله وثرائه وكذلك الدول في يوم الناس هذا! إن الدين الإسلامي يهتم بالمال شريطة أن يكون في سبيل العمل الصالح وأما الغاية المثلى هو العمل الإيجابي الصالح.
 أن الآية الكريمة تخاطب الناس من أمثال قارون فتقول لهم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى [1] .
 إن هذه الآية تعلم الإنسان أن يبغي المال لإصلاح أمر آخرته ويكتفي بما يسد به حاجة دنياه إلاً أن هؤلاء لا يصغون لمثل هذا النداء الرباني القيم ويصغون في أمر دنياهم وما من ذلك للخروج من سبيل.
 * * *
 عنوان البحث الفقهي: حكم الاختتان في الطواف للخنثى المشكل
 البحث في حكم الاختتان للخنثى المشكل، وقد مر أن هناك علامات لتمييز ما لو كان الخنثى ذكراً في واقعه أو أنثى فإن لم نستطع بفعل العلامات الكشف عن ذلك، عند ذلك فتارة يكون الحكم واضحاً كما في بحث الإرث مثلاً حيث يكون سهمها سهم بين السهمين أي يجمع ميراث المذكر والمؤنث ويدفع إليها النصف. وتارة لم يرد حكم خاص فعند ذلك نحن أمام ثلاثة خيارات:
 الأول: الاحتياط لأن ذلك من قبيل الشبهة المحصورة لأنها قد تكون في واقع أمرها مكلفة بتكاليف المرأة وقد تكون مكلفة بتكاليف الرجل فيدور أمرها بين الإتيان بأحكام الرجل والإتيان بإحكام المرأة ففي المحصلة النهائية يجب عليها أن تأتي بما يقتضيه الاحتياط. ولكن قد قلنا أن ذلك يؤدي إلى وقوعها في العسر والحرج طوال العمر! وقد أذعن البعض أن ذلك يؤدي بها إلى العسر والحرج.
 الثاني: أن تلجأ إلى القرعة لأنها لكل أمر مشكل فبفعل القرعة أما أن نلحقها بالمرأة أو الرجل والقرعة ليست بأمر بعيد!
 الثالث: لو لم تأخذ بالقرعة فتتخير لأن الأمر من قبيل دوران الأمر بين المحذورين ولا نستطيع أن نعمل بالاحتياط لأنه يؤدي إلى العسر والحرج، والتخيير هنا شرعي وعقلي غير أن هذا التخيير لو قلنا به يكون ابتدائياً فلو اختارت أن تكون امرأة مثلا فيجب عليها أن تعمل بأحكام المرأة ما دام عمرها!
 يلزم التنبيه انه في الزمن الراهن تجري عمليات جراحية فينكشف واقع الخنثى بأنها رجل أو امرأة، وهذا يطلق عليه اليوم تغيير الجهاز الجنسي وهو غير صائب لأن ذلك هو الكشف عن واقع الجنس لا جعل الرجل امرأة وجعل المرأة رجلاً.
 أجل أحياناً لا نستطيع أن نزيل الستار عن واقع الخنثى كما جاء في الرواية التي تقدمت حيث كانت تقول أنه كان للمرأة جهازان جنسيان كاملان فاولدت وولدت، عند ذلك يستطيع صاحب الاختصاص أن يستأصل أحد الجهازين.
 لابد من الإجابة على انه هل يلزم أن تلحق الخنثى بأحد الجنسين أم أن هناك جنس ثالث يغاير الجنسين الآخرين؟ المعروف بين الفقهاء انه لا يوجد أكثر من جنسين، وقد قلنا أن هذا الرأي يعارض الواقع لأنه يمكن أن يكون هناك صنف ثالث وأما الآيات والروايات التي حصرت الأمر في الجنسين الذكر والأنثى فلعل ذلك كان ناظراً للغالب. وعليه نحن نذهب أنه لا يجب عليها الا ما كان مشتركاً وأما غير المشتركات فنجري فيه البراءة ومنها الختان لأن الروايات تعني المذكر فحسب!
 وهناك قضية هامة وهي أن الشخص قد يكون في الظاهر ذكر ولكن من الناحية الروحية أنثى فيميل إلى الذكر بدلاً عن الأنثى وكذلك الأمر في هذا النوع من النساء.
 لهذه الظاهرة عينات مختلفة منها ما يطلق عليهم المثليون حيث الميل عندهم إلى الجنس المماثل شديد في بعض الأحيان تجرى عمليات جراحية لأحداث تغييرات في الجهاز التناسلي وهي غير واقعية طبعاً أي أنها لا تجعل الذكر أنثى ولا الأنثى ذكراً! يعملون ذلك لإشباع الغريزة الجنسية. إن هذا العمل حرام شرعاً ولحل المشكلة الجنسية عند هؤلاء لابد من حقن الهرمونات والعمل على المعالجة السايكلوجية ليكون سلوكهم الجنسي موافقاً لوضعهم التكويني.


[1] سورة البقرة، الآية: 264.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo