< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/12/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث الفقهي: حكم الستر في الطواف
 كان البحث في شرط ستر العورة عند الطواف، إن السيد الماتن أضاف على شرطية الساتر أن لا يكون غصبياً.
 الأقوال:
 تقدم أن الأقوال في المسألة مشوشة وما يستفاد منها أن شرطية ستر العورة لم يكن أمراً قطعياً وعليه لو أن شخصاً طاف عرياناً وإن كان غاصباً ولكن طوافه صحيح. المحقق الحلي لم يذكر الستر من شرائط الطواف وصاحب الجواهر ذاته بعد بحث شرط الختان ذكر شرط الستر مستقلاً.
 يقول المحقق النراقي في المستند: ومنها [أي من شرائط الطواف] ستر العورة وحكى اعتباره عن الشيخ ابن زهرة وعدة من كتب العلامة [1] .
 والشيخ في الخلاف: لا يجوز الطواف إلا على طهارة من حدث ونجس وستر العورة فإن أخل بشيء من ذلك لم يصح طوافه ولم يعتد به وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي وعامة أهل العلم [2] .
 ولم يذكر دليلاً على ما أفتى به!
 وقال صاحب الجواهر: إن الفاضل (العلامة) في القواعد والمحكى من جملة كتبه أوجب فيه ستر العورة كما عن الخلاف والغنية والاصباح [3] .
 وفي الحدائق: ويظهر من العلامة في المختلف التوقف في ذلك وقال في المدارك بعد نقل ذلك عنه: وهو جيد والمسألة محل تردد والواجب التمسك بمقتضى الأصل [4] .
 مراده من الأصل هو البراءة ثم يضيف أن الاحتياط في ذلك حسن.
 إذن المسألة لم تكن مسلمة بين الفقهاء.
 الأدلة:
 الأول: الحديث النبوي المشهور: الطواف بالبيت صلاة، إذا قبلنا الموازنة فجميع شرائط الصلاة يجب توفرها في الطواف إلا ما خرج بالدليل.
 ولكن قلنا لأكثر من مرة إن سند هذه الرواية محل بحث لأنها لم ترد في مصادر الأصحاب وإن وردت في مصادر الجمهور، إذن لا تصلح لأن تكون دليلاً مستقلاً وإنما هي مؤيد فحسب.
 الثاني: أن هذا الطواف قبيح في مذاق المتشرعة فأنهم لو رأوا طائفاً يطوف عرياناً يستقبحون فعله ولا يعتبرون ما أتى به عبادة ويشكون في تمشي قصد القربة منه.
 ونحن نستغرب مما ذهب إليه صاحب المدارك حيث يجري البراءة هنا ويحكم بصحة العمل.
 الثالث من الأدلة:
 في الباب 53 من أبواب الطواف من الوسائل وردت ثمانية روايات، الرواية الأولى عن علل الشرائع والثانية عن تفسير القمي والستة الباقية من تفسير العياشي حيث ان رواياته مراسيل ولذلك يقول صاحب الحدائق أنه لم ترد رواية عن هذا الباب في الكتب الأربعة ولذلك أن صاحب المدارك وجماعة من الفقهاء لم يعيروا اهتماماً بهذه الروايات! جميع هذه الروايات تقول أنه لا يطوفن في البيت عريان.
 قد ذكر المؤرخون والعامة والخاصة أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) كلف الإمام أمير المؤمنين أن يعلن في موسم الحج النقاط التالية:
 الأولى: نحن ملتزمون بالمعاهدة مع المشركين.
 الثانية: نمهل المشركين الذين لم تبرم معهم معاهدة أربعة أشهر وبعدها لم نرض ببقائهم في أرضنا.
 الثالثة: ابتداء من السنة الثانية لا يدخل البيت مشرك.
 الرابعة: لا يطوفن بالبيت عريان.
 فيما يلي شير إلى بعض هذه الروايات التي تحدثت عن هذا الأعلان:
 محمد بن علي بن الحسين في العلل عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن خلف بن حماد الأسدي عن أبي الحسن العبدي عن سليمان بن مهران عن الحكم بن مقسم عن ابن عباس في حديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث علياً (عليه السلام) ينادي لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان [5] .
 علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه عن محمد بن الفضل عن الرضا (عليه السلام) قال قال أمير المؤمنين (عليه السلام) إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرني عن الله أن لا يطوف بالبيت عريان ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام [6] .
 إن هاتين الروايتين مستندتان ولكن يلزم دراسة السند فيهما، والستة من الروايات التي وردت في تفسير العياشي مراسيل رويت عن الإمام علي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق (عليهم السلام).
 وعلى أي تقدير نحن لا نشكل على هذه الروايات سنداً، ولاسيما انه قد ورد في المستدرك [7] ، ثلاث أو أربع روايات، وأهل السنة أيضاً أوردوا روايات متشابهة وقد ورد في المصادر التاريخية موارد مشابهة، وعليه لا يمكن أن نضع جميع ذلك جانباً فيصلح لأن يكون دليلاً.
 وأما السبب في النهي عن الطواف عارياً هو انه في العصر الجاهلي كان تقليداً قائماً لو أن الطائف طاف في ثوب معين، لا يستطيع أن يلبسه ثانية، هذا التقليد أدى إلى ظهور مشاكل لهم بالأخص للفقراء الذين لا يملكون ملابس كافية ولذلك قرروا أن يطوفوا عراتا، ولم يذكر التاريخ أن عراتهم لم يستروا عوراتهم أيضاً إلا في بعض الموارد.
 ولذلك أن هذه الروايات تشير إلى أكثر من ستر العورة فلو أراد احد أن يطوف بشورت أو بيجاما فذلك لا يجوز، وعليه أن بعض أهل السنة يخرجون الكتف والصدر واليد وذلك لا ينسجم مع ظاهر الروايات، وتأسيساً على ما تقدم يجب على الطائف أن يغطي بدنه بحيث لا يصدق عليه أنه عريان.
 


[1] المستند، ج 12، ص 56.
[2] الخلاف، ج ، ص 322.
[3] الجواهر، ج 19، ص 275.
[4] الحدائق، ج 16، ص 92.
[5] الوسائل، باب 53، من أبواب الطواف، حديث 1.
[6] الوسائل، باب 53، من أبواب الطواف، حديث 2.
[7] ج 9، باب 37، من أبواب الطواف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo