< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/12/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث الفقهي: حكم الموالاة في الطواف
 قد أثبتنا لزوم الموالاة في الطواف وأهم دليل أقمناه على ذلك هو روايات الاستثناء التي تقتضي وجوب الموالاة إلاّ أن يطرأ عذر أو ضرورة، إن هذا الاستثناء يقتضي أن الأصل في المسألة هو لزوم الموالاة.
 الدليل الثاني هو سيرة المسلمين الناشئة من التأسي بالمعصومين (عليهم السلام) ونستطيع القول أنها تبدلت إلى مفهوم شرعي بحيث عندما يطلق الطواف يتضمن الموالاة فيما يتضمن!
 بقي هنا أمور:
 الأول: ماذا نعني بكلمة الموالاة؟ إن الموالاة تعني التتابع العرفي بين الأشواط بحيث لا يقع فاصل ملفت بينها ومن هنا أن الفاصل اليسير لا يمنع من صدق الموالاة فلا يضر بها كمن يفقد الحذاء فيمكث قليلاً ليعثر عليه وكذلك إذا سقط القميص أو تدهورت صحته إن هذه الموارد لا تضر، إذاً الموالاة بمعنى التتابع العرفي دون العقلي فتصدق الموالاة حينذاك.
 نعم أن ما يأتي من الاستثناءات السبعة فإنها استثناءات من موضوع الموالاة دون الحكم فإن الشارع استثنا هذه الموارد مع أن فيها إلغاء الموالاة لمصلحة ما!
 الأمر الثاني: في الاستثناءات، وقد وردت متفرقة في ثنايا كلمات الفقهاء ولم نجد من استوفى البحث فيها بصورة مستقلة مع ذكر الأدلة سنحاول فيما يأتي معالجتها:
 الأول والثاني منها:
 كل من يتنجس ثوبه يستطيع أن يقطع الطواف ثم يطهِّر ثوبه فيعود ولكن في الطهارة الخبثية لا فرق بين الأربعة أشواط والأقل منها يعني حتى وإن جاء بشوط واحد ثم انتبه إلى النجاسة يستطيع أن يتطهر وأما في النجاسة الحدثية يشترط أن يكون قد تجاوز النصف ليتمكن من أن يأتي بما تبقى من الأشواط وإلا فعليه أن يستأنف!
 الثالث من الموارد:
 إذا مرض مرضاً لا يقدر معه إلى إتمام الطواف أو ضاق نفسه أو أصيب بحملة قلبية وما شابه ذلك فلو تجاوز النصف فعليه بعد ان يستعيد عافيته أن يأتي بما تبقى ولو لم يتجاوز النصف فعليه أن يستأنف بعد التعافي.
 والدليل على ذلك روايتان:
 محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحليي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال إذا طاف الرجل بالبيت ثلاثة أشواط ثم اشتكى أعاد الطواف يعني الفريضة [1] .
 وعن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب عن ابن رئاب عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن (عليه السلام) في رجل طاف الفريضة ثم اعتل لا يقدر معها على إتمام الطواف فقال إن كان طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط فقد تم طوافه وإن كان طاف ثلاثة أشواط ولا يقدر على الطواف فإن هذا مما غلب الله عليه فلا بأس بأن يؤخر الطواف يوما ويومين فإن خلته العلة عاد فطاف أسبوعا وإن طالت علته أمر من يطوف عنه أسبوعاً.. [2] .
 الرابع منها:
 إذا أقيمت صلاة الفريضة فيتمكن من قطع الطواف وبعد أدائها يأتي بما بقي ولم يرد تفصيل في هذا المورد وهنا روايتان صحيحتان:
 محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن شهاب عن هشام عن أبي عبدالله (عليه السلام) انه قال في رجل كان في طواف الفريضة فأدركته صلاة فريضة قال يقطع الطواف ويصلي الفريضة ثم يعود فيتم ما بقي عليه من طوافه [3] .
 عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبدالله بن المغيرة عن عبدالله بن سنان قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل كان في طواف النساء فأقيمت الصلاة قال يصلي معهم الفريضة فإذا فرغ بنى من حيث قطع [4] .
 وهناك رواية ثالثة لا نعلم لماذا أدرجها صاحب الوسائل في هذا الباب لأنها لا صلة لها بالبحث لأنها تتحدث عن صلاة الفريضة قبل الطواف في حين أن البحث في الصلاة أثناء الطواف وهي:
 عن حريز عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل قدم مكة في وقت العصر قال يبدأ بالعصر ثم يطوف [5] .
 الخامس:
 إن صلاة الوتر وهي جزء من صلاة الليل المندوبة فلو خاف أنه لو أتم الطواف يفوته وقت صلاة الوتر، ففي هذا الحال يستطيع أن يقطع الطواف ثم يتمه بعد الانتهاء من الصلاة، في هذا الاستثناء أيضاً لا فرق بين النصف وغيره في الإتيان بالأشواط، أو الرواية الدالة على ذلك رواية صحيحة وهي:
 محمد بن يعقوب عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبدالجبار عن صفوان بن يحيى عن عبدالرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم (الإمام موسى بن جعفر عليه السلام) قال سألته عن الرجل يكون في الطواف قد طاف بعضه وبقي عليه بعضه فطلع الفجر فيخرج من الطواف إلى الحجر (حجر إسماعيل) أو إلى بعض المسجد إذا كان لم يوتر فيوتر ثم يرجع فيتم طوافه أفترى ذلك أفضل أم يتم الطواف ثم يوتر وإن أسفر بعض الإسفار قال أبدا بالوتر وأقطع الطواف إذا خفت ذلك ثم أتم الطواف بعد [6] .
 الرواية هنا لا تُفصل بين الأربعة والأقل من الأربعة ولا بين صلاة الفريضة وصلاة النافلة!
 قد يقال أنه جواز القطع للوتر يكون في حال الطواف المستحب وإلا لا يقطع الطواف الواجب من أجل صلاة مستحبة!
 إلاّ أن الرواية مطلقة فتعم الواجب والمستحب وله نظير لأنك تعدل من الصلاة الواجبة إلى المستحبة من أجل اللحوق بصلاة الجماعة المستحبة وكذلك في ما نحن فيه!
 وللبحث صلة.


[1] الوسائل، ج 9، باب 45 من أبواب الطواف، حديث 1.
[2] الوسائل، ج 9، باب 45 من أبواب الطواف، حديث 2.
[3] الوسائل، ج 9، باب 43 من أبواب الطواف، حديث 1.
[4] الوسائل، ج 9، باب 43 من أبواب الطواف، حديث 2.
[5] الوسائل، ج 9، باب 43 من أبواب الطواف، حديث 3.
[6] الوسائل، ج 9، باب 44 من أبواب الطواف، حديث 1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo