< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/01/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: أن يكون الطواف على الجهة اليسرى
 كان البحث في أجزاء الطواف وكان الأول والثاني منها البدء والختام بالحجر الأسود إن السيد الماتن تبعاً لذلك تعرض لمسألة أخرى: لا يجب الوقوف في كل شوط و لا يجوز ما فعله الجهال من الوقوف و التقدم و التأخر بما يوجب الوهن على المذهب.
 والسبب في عدم لزوم التوقف في الأشواط أمام الحجر هو عدم الدليل عليه بل لا دليل على الجواز أو الاستحباب! ولعل ذلك يؤدي إلى الوهن بالمذهب من خلال استخفاف واستهزاء المخالفين فلا يجوز فعل ذلك.
 ونحن نقول: لا يجوز حتى وإن لم يوجب الوهن بالمذهب لأن ذلك بدعة أو شبه بدعة، بل حتى أن المخالف لو فعل ذلك أيضاً لا يجوز فإنه في البدعة لا يجب أن يقصد البدعة لتتحقق بل يكفي أن يكون ظاهر العمل بدعة.
 * * *
 أما الجزء الثالث من الطواف ـ وهو في الواقع شرط ـ فيقول عنه السيد الماتن: الثالث- الطواف على اليسار بأن تكون الكعبة المعظمة حال الطواف على يساره، و لا يجب أن يكون البيت في تمام الحالات محاذيا حقيقة للكتف فلو انحرف قليلا حين الوصول إلى حجر إسماعيل (عليه السلام) صح و إن تمايل البيت إلى خلفه و لكن كان الدور على المتعارف و كذا لو كان ذلك عند العبور عن زوايا البيت فإنه لا إشكال فيه بعد كون الدور على النحو المتعارف مما فعله سائر المسلمين.
 في هذه المسألة فرعان:
 الأول: وجوب كون البيت على الجانب الأيسر من الطائف.
 الثاني: كيف يكون البيت على الجانب الأيسر؟
 الأقوال في الفرع الأول وهو الوجوب:
 إن الحكم في هذا الفرع اجماعي، يقول النراقي في المستند: و منها جعل البیت علی یساره حال الطواف و هو مما نفی عنه الخلاف بل ادعی علیه الإجماع فی کلام جماعة بل هو اجماعي و هو الدلیل علیه.
 فقوله: وهو الدليل عليه، أي أن الإجماع دليل المسألة.
 وقال سيد الرياض: والطواف علی الیسار بالإجماع کما فی کلام جماعة.
 وقال صاحب الجواهر: و منها ان یطوف علی یساره بلا خلاف أجده فیه بل الإجماع علیه بقسمیه.
 الدليل:
 إن المسألة في هذا الفرع على أهميتها لم ترد رواية صريحة فيها ولعل السبب هو وضوحها بحيث لم نجد أحداً يجعل البيت على يمينه، وعليه أن الدليل الأول في ذلك هو سيرة المسلمين لأنك لا تجد أحداً يطوف حول الكعبة على عكس المعتاد وإن فعل ذلك أحد فأنهم يستنكرون ذلك عليه فلا يعدون ما فعله تركا للمستحب فحسب، وقد أسلفنا انه لو كانت السيرة بنحو لو خالفها أحد لا ستنكروا عليه ذلك وقبحوه ففي مثل ذلك تعد السيرة دالة على الوجوب.
 الروايات:
 نستطيع أن نتمسك على ذلك بالدلالات الالتزامية في الروايات:
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِذَا كُنْتَ فِي الطَّوَافِ السَّابِعِ فَائْتِ الْمُتَعَوَّذَ وَ هُوَ إِذَا قُمْتَ فِي دُبُرِ الْكَعْبَةِ حِذَاءَ الْبَابِ فَقُلِ اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُكَ وَ الْعَبْدُ عَبْدُكَ وَ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ اللَّهُمَّ مِنْ قِبَلِكَ الرَّوْحُ وَ الْفَرَجُ ثُمَّ اسْتَلِمِ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ ثُمَّ ائْتِ الْحَجَرَ فَاخْتِمْ بِهِ [1] .
 الشاهد في الرواية في ذيلها وهو ان الإنسان لو تحرك من الركن اليماني نحو الحجر الأسود فيقع البيت على جانب كتفه الأيسر، إن الرواية تشير إلى قضية استحبابية إلا أنها بالدلالة الالتزامية تدل على المدعى.
 عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِذَا فَرَغْتَ مِنْ طَوَافِكَ وَ بَلَغْتَ مُؤَخَّرَ الْكَعْبَةِ وَ هُوَ بِحِذَاءِ الْمُسْتَجَارِ دُونَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بِقَلِيلٍ فَابْسُطْ يَدَيْكَ عَلَى الْبَيْتِ ... ثُمَّ اسْتَلِمِ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ ثُمَّ ائْتِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ [2] .
 في هذه الرواية أتى بكلمة المستجار بدلاً عن المتعوذ وهو يدل على أن المراد واحد.
 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي سَمَّاكٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ ثُمَّ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ إِلَى أَنْ قَالَ فَإِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى مُؤَخَّرِ الْكَعْبَةِ وَ هُوَ الْمُسْتَجَارُ دُونَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بِقَلِيلٍ فِي الشَّوْطِ السَّابِعِ فَابْسُطْ يَدَيْكَ عَلَى الْأَرْضِ ... ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَ الرُّكْنَ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ وَ اخْتِمْ بِهِ الْحَدِيثَ [3] .
 والحاصلة في نهاية المطاف نقول انه نتمسك بالسيرة بدلاً عن الإجماع وهي أقوى من الإجماع هذا أولاً وثانياً أن الدلالة الالتزامية في الروايات التي ذكرت قوية وقد نتمكن من القول بأن الإجماع مدركي.
 وأما الفرع الثاني وهو كيفية كون البيت على الجانب الأيسر، فلم يرد في رواية من الروايات لزوم كون الكتف محاذياً للبيت وغاية ما يستفاد من الروايات هو أن تكون الحركة مخالفة لحركة عقربة الساعة اعني أن يكون الطواف من الركن اليماني باتجاه الحجر الأسود فلا يلزم أن يكون الكتف الأيسر محاذياً للبيت فما تفيده سيرة المسلمين والروايات التي مرت هو الطواف حول الكعبة من الجانب الأيمن نحو الجانب الأيسر لا أكثر ولا أقل!
 وللبحث صلة.
 
 


[1] الوسائل، ج 9، باب 26 من ابواب طواف، حدیث 1.
[2] الوسائل، ج 9، باب 26 من ابواب طواف، حدیث 2.
[3] الوسائل، ج 9، باب 26 من ابواب طواف، حدیث 9.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo