< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/02/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: الالتزام بالطواف بين البيت والمقام
 كان البحث في الشرط الخامس من شروط الطواف وهو الطوف في المسافة بين الركن والمقام وقد نسب ذلك إلى المشهور ونحن أثبتنا خلاف ذلك، ولم تلتزم به المذاهب الإسلامية ولم يرد هذا الحكم إلاّ في رواية ضعيفة عالجناها في البحث السابق.
 وصل بنا البحث إلى الأمر الثالث وهو حكم الطواف من الطبقات العلوية، قلنا إن الطواف في الطابق الأول صحيح لأنه محاذٍ لأعلى الكعبة عرفاً فيصدق الطواف حول الكعبة.
 وأما في الطبقات الأخرى ففيه بحث. قد يقال إن البيت يمتد إلى أوج السماء فكما أن في الصلاة يصح التوجه نحو امتداد الكعبة فكذلك في الطواف.
 ويرد عليه:
 أنه قياس مع الفارق لأنه في الصلاة قرينة حيث أن القران يقول: وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [1] .
 يعني صلوا نحو البيت سواء كان الموضع نفعاً أو منخفضاً خصوصاً إن الكعبة واقعة في منحدر وحولها جبال قد أقيمت عليها بيوت كثيرة وأهلها في الصلاة يتوجهون شطر الكعبة منها وهذه قرينة على إن المراد من الشطر ليس هو البيت بالذات بل العمود الذي يمتد إلى عنان السماء أيضاً.
 وأما بالنسبة للطواف لا نمتلك مثل هذه القرينة ففي الكتاب العزيز: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتيقِ [2] .
 فالطواف يجب أن يكون بالبيت نفسه وأما امتداده في عنان السماء فلا يصدق عليه الطواف بالبيت، فلتعمم الحكم للطواف حول امتداد الكعبة نفتقر إلى قرينة وهي مفقودة في المقام، ولذلك لو أن المحرم طاف حول الكعبة بطائرة سبع مرات لا يقال عنه عرفاً إنه طاف بالبيت.
 يقول السيد الماتن في المسألة الثانية عشرة: لا يجوز جعل مقام إبراهيم داخلا في طوافه فلو أدخله بطل و لو أدخله في بعضه أعاد ذلك البعض والأحوط إعادة الطواف بعد إتمام دوره بإخراجه.
 من أفتى من الفقهاء بوجوب الالتزام بالفاصل بين الركن والمقام التزم بوجوب أن يكون الطواف خارج الحجر وداخل المقام.
 إلاّ إن صاحب الحدائق يقول: قد قطع الأصحاب (رضوان الله تعلی علیهم) بأنه یجب مراعاة قدر ما بین البیت و المقام من جمیع الجهات ثم صرحوا بأنه یجب أن تحسب المسافة من جهة الحجر من خارجه بان ینزل منزلة البیت و إن كان خارجا من البیت لوجوب إدخاله فی الطواف فلا یکون محسوبا من المسافة و احتمل شیخنا فی المسالک احتسابه منها علی الخروج بخروجه و إن لم یجز سلوكه [3] .
 وعليه أن في المسألة ثلاثة أقوال:
 1ـ أن يكون الطواف بين الركن والمقام بصورة دائرية حول الكعبة حتى خلف الحجر.
 2ـ ما ذهبنا إليه وهو عدم وجوب الالتزام بالتحديد في القول الأول.
 3ـ ما قال به صاحب الحدائق ونسبه إلى الأصحاب من أن يتكون المسافة التي يجب الطواف فيها حول الكعبة هي الدائرة التي تحد بالحجر والمقام.
 ولكن يرد عليه:
 لو كان مستند شيخ الحدائق هو رواية ياسين فإن الرواية تحد المساحة بجدار الكعبة لا خلف الحجر فكيف يصح قبول الرواية وعدم العمل بها؟!
 مضافاً إلى ذلك حتى لو قلنا بالحد من حجر إسماعيل إن ذلك لا يمكن العمل به لأن الحشود الموجودة في المسجد آنذاك لا يسعها فضاء المسجد بأكمله فكيف بهذا المسار المحدود. فلا يمكن الأخذ بما ذهب إليه صاحب الحدائق.


[1] سورة البقرة، آیة 144.
[2] سورة الحج، آیة 29.
[3] الحدائق، ج 13، ص 113.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo