< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/02/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 المحاضرة الاخلاقية:
 عن الإمام الهادي (عليه السلام): اذْكُرْ حَسَرَاتِ التَّفْرِيطِ بِأَخْذِ تَقْدِيمِ الْحَزْمِ [1] .
 يعني فليكن إحضارك الحسرات سبباً للحزم في اختيار ما هو صالح وصحيح!
 إنّ الحياة على نوعين:
 حياة لا تهتم فيها إلاّ بالقضايا الآنية ولا تهتم بما تأول إليه الأمور.
 فمثلاً في القضايا الاجتماعية والسياسية لا نعالج إلاّ الأمور الراهنة وأما مستقبل الناس فنغض الطرف عنه!
 وهناك حياة أخرى لم تكن رهينة الحاضر بل تأخذ فيها بزمام الأمور لبناء مستقبل أفضل يعمه الرخاء والأمن والعدل. إن عجلة الحياة تدور وتمر بمنحدرات ومنعطفات خطيرة فعلى الإنسان أن يخطط للعبور من هذه المطبات الخطيرة التي تتعرض مسيرة الحياة!
 فعلى أبناء المجتمع أن تفكر بالأجيال القادمة وأن تحفظ لها ثرواتها لتعيش حياة رخية وسعيدة بعيدة عن الفقر والجوع والمرض!
 فكما قال الإمام الهادي (عليه السلام) يجب أن نفكر بعاقبة الأمور بوعي وبصيرة فإن الذي يزرع الإهمال لا يحصد إلاّ الندم والحسرة!
 * * *
 عنوان البحث الفقهي: الطواف في المسافة بين الركن والمقام
 كان البحث في الخامس من واجبات الطواف وهو الطواف بين البيت والمقام حسب رأي البعض. تقدم أن أكثر الفقهاء ومنهم المعاصرين قالوا بذلك وبما أن الحجر داخل في الطواف فيلزم أن يمر الطائفون من مسافة أكثر بقليل من ثلاثة أمتار!
 والقول الثاني في تحديد مسافة المطاف هو لصاحب الحدائق حيث تكون المسافة من الحجر لا من جدار البيت!
 والثالث: هو ما ذهبنا إليه وهو عدم لزوم الطواف في المسافة التي حددها المشهور بل يكفي ما يصدق عليه الطواف من أي نقطة من المسجد كانت كان.
 مستند المشهور هو رواية ياسين الضرير عن حريز عن محمد بن مسلم.
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى وَ غَيْرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يَاسِينَ الضَّرِيرِ عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِّ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ الَّذِي مَنْ خَرَجَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ طَائِفاً بِالْبَيْتِ قَالَ كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَ الْمَقَامِ وَ أَنْتُمُ الْيَوْمَ تَطُوفُونَ مَا بَيْنَ الْمَقَامِ وَ بَيْنَ الْبَيْتِ فَكَانَ الْحَدُّ مَوْضِعَ الْمَقَامِ الْيَوْمَ فَمَنْ جَازَهُ فَلَيْسَ بِطَائِفٍ وَ الْحَدُّ قَبْلَ الْيَوْمِ وَ الْيَوْمَ وَاحِدٌ قَدْرَ مَا بَيْنَ الْمَقَامِ وَ بَيْنَ الْبَيْتِ مِنْ نَوَاحِي الْبَيْتِ كُلِّهَا فَمَنْ طَافَ فَتَبَاعَدَ مِنْ نَوَاحِيهِ أَبْعَدَ مِنْ مِقْدَارِ ذَلِكَ كَانَ طَائِفاً بِغَيْرِ الْبَيْتِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَافَ بِالْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ طَافَ فِي غَيْرِ حَدٍّ وَ لَا طَوَافَ لَهُ [2] .
 إن الشاهد في هذه الرواية هو قوله: من نواحي البيت، والظاهر من الرواية هو وجوب الالتزام بالمسافة من كافة الجوانب.
 يبدو من عبارة شيخ الحدائق وأمثاله أنهم لم يأخذوا بهذا المقطع لأنهم رأوا أن الفاصل بعد الحجر ضيق فمن هنا قالوا بالتوسعة!
 وبعبارة: بما أن الحجر داخل في المطاف فاعتبروه في حكم البيت وان لم يكن من البيت ولذلك قاسوا المسافة من الحجر لا من جدار البيت.
 مهما كان نحن لا نرى مبرراً للالتزام بهذه المسافة عند الطواف لما قدمناه من الأدلة.
 بقي هنا شيء:
 ما هو الوجه في تسمية مقام إبراهيم بهذا الاسم؟
 وإن كان موضعه في عصر الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)؟
 قد ذكر لذلك أربع وجوه:
 الأول: إن المقام هو الحجر الذي وقف عليه نبي الله إبراهيم (عليه السلام) عند بناء الكعبة وكان إسماعيل يناوله مواد البناء ليرفع الجدار، إن هذا القول يفيد إن جدار الكعبة لم يكن مرتفعاً كثيراً وأن قامة النبي إبراهيم (عليه السلام) ليست طويلة كما يشهد لذلك أثر قدمه!
 الثاني: عندما أراد نبي الله إبراهيم أن يدعو الناس إلى الحج فوقف على هذا الحجر منادياً فأجابه الناس كما في الروايات.
 الثالث: أن إبراهيم توجه إلى مكة ليزور إسماعيل إلاّ أن إسماعيل لم يكن حاضراً فطلبت زوجته منه أن يغسل رأسه من غبار الطريق إلاّ أن إبراهيم لم يتمكن من النزول من مركبه لسبب ما فوضعت حجراً إلى جانب ثم إلى الجانب الآخر ليغسل جانبه في ذلك الحال!
 الرابع: أن الوجوه الثلاثة قد وقعت!
 وللبحث صلة.


[1] بحار الأنوار، ج 75، ص 370.
[2] الوسائل، ج 9، باب 28 من أبواب الطواف، حدیث 1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo