< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/03/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: زيادة شوط سهواً في الطواف
 البحث في المسألة الثامنة عشرة من الطواف، وهي إذا طاف شخص وزاد سهواً، فيجب إتمام أربعة عشر شوطاً، وطوافه ليس باطلاً.
 ووصلنا إلى دلالات الروايات وتحقيق الروايات المشهورة التي تقول بصحة طوافه.
 على كل حال وعلى أساس القاعدة يجب القول أن طوافه صحيحاً، ولا يجب أن يعتني بالشوط الزائد، وحتى لا يلزم أن يكمل الأربعة عشر شوطاً لأنه نشك في المانعية، وهنا تجري البراءة على كل حال، هناك روايات متعددة تحكم بوجوب إتمام الأربعة عشر شوطاً، هذه الروايات على خلاف القاعدة، ولكن يجب العمل بها لمطابقة النص.
 وعنه (موسى بن القاسم: ثقة ومن أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام)، عن عباس (مجهول ويحتمل أنه من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام) عن رفاعة (رفاعة بن شداد ويحتمل إنه من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: كان علي (عليه السلام) يقول: إِذَا طَافَ ثَمَانِيَةً فَلْيُتِمَّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قُلْتُ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَات؟ (ركعتين للأشواط السبعة الأول وركعتين للأشواط السبعة الآخر) قَالَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ [1] .
 الرواية المذكورة مرسلة، ويصرح صاحب جامع الرواة بذلك لأن بين رفاعة والإمام أشخاص متعددين سقطوا من السند.
 نعم، لكون الروايات في هذا الباب متضافرة، وعمل الأصحاب بها من قبل، لذلك لا يقع إشكال سندي في هذه الرواية.
 ونجد أن قول الإمام (عليه السلام): يصلي ركعتين، مبهم لأنه إذا جاء بالسبعة أشواط للطوافين، فإن الأمر واضح في احتياج كل طواف لركعتين مستقلتين.
 لهذا حاول البعض توجيه الأمر وقالوا: المراد ركعتين قبل السعي (وركعتين آخرتين بعد السعي)، ولكن لا يوجد شاهد وقرينة لصحة هذا التوجيه.
 وقال البعض بأن هذه الرواية تدل على ما ذهب إليه الشيخ الصدوق لأن في كلام الإمام علي (عليه السلام) ظهور بأن الركعتين لطواف الثاني، وكأن الشوط الأول باطل.
 نقول: ظاهر العبارة لا ينسجم مع هذا القول، لأن الإمام (عليه السلام) يقول: (فليتم أربعة عشر) وظاهر العبارة يشير إلى صحة الأربعة عشر شوطاً بناءً على هذا نحتمل أنه وقع سقطه في الرواية، وأن عبارة الإمام لم تذكر بشكلٍ كامل.
 مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) رَجُلٌ طَافَ بِالْبَيْتِ ثَمَانِيَةَ أَشْوَاطٍ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ قَالَ فَلْيَضُمَّ إِلَيْهَا سِتّاً ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ [2] .
 دلالة الرواية واضحة، وقد صرحت بوجوب صلاة ركعتين لكل طواف.
 عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سُئِلَ وَ أَنَا حَاضِرٌ عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ ثَمَانِيَةَ أَشْوَاطٍ فَقَالَ نَافِلَةً أَوْ فَرِيضَةً؟ فَقَالَ فَرِيضَةً فَقَالَ يُضِيفُ إِلَيْهَا سِتَّةً فَإِذَا فَرَغَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ (عليه السلام) ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَطَافَ بَيْنَهُمَا فَإِذَا فَرَغَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَاوَيْنِ [3] .
 الرواية ضعيفة بعلي بن أبي حمزة.
 في هذه الرواية تصريح بوجوب ركعتين عند مقام إبراهيم وركعتين اخريتين بعد السعي بين الصفا والمروة. ظاهر عبارته: فَكَانَ طَوَافَ نَافِلَةٍ وَ طَوَافَ فَرِيضَةٍ إن الطواف الأول نافلة، والطواف الثاني فريضة، بناءً على هذا فإن ركعتي الطواف عند المقام هو للطواف الثاني الذي هو طواف الفريضة، وركعتي الطواف الأخريتين بعد السعي هو للطواف الأول، وهذا شيء فيه شيء من العجب حيث جاء أولاً بصلاة الطواف الثاني، ثم جاء بصلاة الطواف الأول.
 مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ فِي آخِرِ السَّرَائِرِ نَقْلًا مِنْ نَوَادِرِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْبَزَنْطِيِّ عَنْ جَمِيلٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام)‌ عَمَّنْ طَافَ ثَمَانِيَةَ أَشْوَاطٍ وَ هُوَ يَرَى أَنَّهَا سَبْعَةٌ قَالَ فَقَالَ إِنَّ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ (عليه السلام)‌ أَنَّهُ إِذَا طَافَ ثَمَانِيَةَ أَشْوَاطٍ يَضُمُّ إِلَيْهَا سِتَّةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ يُصَلِّي الرَّكَعَاتِ بَعْدُ قَالَ وَ سُئِلَ عَنِ الرَّكَعَاتِ كَيْفَ يُصَلِّيهِنَّ أَوْ يَجْمَعُهُنَّ أَوْ مَا ذَا قَالَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لِلْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَإِذَا رَجَعَ مِنْ طَوَافِهِ بَيْنَهُمَا رَجَعَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لِلْأُسْبُوعِ الْآخَرِ [4] .
 كان كتاب نوادر البزنطي عند ابن ادريس، وسند هذه الرواية صحيح.
 الإمام (عليه السلام) ابتداءً قال يصلي الركعات بعد الأشواط الأربعة عشر، وإذا لم يسأله الراوي عن كيفية صلاة الركعات، لاكتفى الإمام (عليه السلام) بذكر الركعتين، ولكن بعدما سأله الراوي عن كيفية الصلاة، زاد الإمام (عليه السلام) بوجوب ركعتين أخريتين بعد السعي بنية الطواف الآخر.
 أما الروايات الدالة على مذهب الشيخ الصدوق القائل بالبطلان:
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ ثَمَانِيَةَ أَشْوَاطٍ الْمَفْرُوضَ قَالَ يُعِيدُ حَتَّى يُثْبِتَهُ [5] .
 بما أنه لم يعلم المقصود من أبي بصير في الرواية، يعبر عنها بخبر أبي بصير، فصحة سند الرواية لم تثبت.
 صرحت هذه الرواية بوجوب إعادة الطواف بشكلٍ صحيح.
 عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ فِي حَدِيثٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ فَإِنَّهُ طَافَ وَ هُوَ مُتَطَوِّعٌ ثَمَانِيَ مَرَّاتٍ وَ هُوَ نَاسٍ قَالَ فَلْيُتِمَّهُ طَوَافَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَأَمَّا الْفَرِيضَةَ فَلْيُعِدْ حَتَّى يُتِمَّ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ [6] .
 في هذه الرواية إشكال سندي، كالرواية السابقة صرحت الرواية بأنه إذا كان الطواف مستحباً فإنه يتمه إلى أربعة عشر شوطاً ثم يأتي بأربع ركعات لصلاة الطواف، ولكن إذا كان الطواف واجباً فإنه يترك الطواف ثم يعيده بشكلٍ صحيح (مثل صلاة الخمس ركعات).
 عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) (إمام رضا علیه السلام ) قَالَ الطَّوَافُ الْمَفْرُوضُ إِذَا زِدْتَ عَلَيْهِ مِثْلُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ إِذَا زِدْتَ عَلَيْهَا فَعَلَيْكَ الْإِعَادَةُ وَ كَذَلِكَ السَّعْيُ [7] .
 من القرائن يستفاد إن المقصود من عبدالله بن محمد الأسدي في سند الرواية هو عبدالله بن محمد الثقة، لم يصرح في كثير من الروايات بأن هل المراد من الزيادة هو الزيادة السهوية؟ لكن الأمر واضح بأن لا أحد يزيد شيئاً على طوافه، وغالباً يؤتى بهذه الزيادة سهواً.
 إلا إن الرواية الخامسة والتاسعة تدلان على أنهما توافقان رأي الشيخ الصدوق، وكنا قد مررنا عليها أثناء قراءتنا للروايات المشهور، ولكن بما إن هاتين الروايتين قد ذكرت صلاة الركعتين للطواف، فقد اعتبرت قرينة على بطلان الأشواط السبعة الأول.
 قلنا: إن روايات الركعتين فيها إبهام، وليست دليلاً على بطلان الأشواط السبعة الأخر.
 الجمع بين الروايات:
 هاتان الطائفتان من الروايات متعارضة، ولكن على هذا فإنه يقدم قول المشهور، لأنه يوافق الشهرة الروائية، ويوافق الشهرة الفتوائية أيضاً.
 يقول صاحب الرياض، الشهرة على القول الأول وصلت لحد قريب من الإجماع، حتى يمكن القول بالإجماع.
 وقد ذكر صاحب الجواهر ذلك أيضاً لذلك لا يؤخذ بكلام الشيخ الصدوق.
 ربما قالوا بذلك لأنهم من القائلين بالإجماع الدخولي، بمعنى أنه لو عرف المخالف للمسألة، فإن الإجماع يبقى سارياً.
 على كل حال فإنه لو وضعنا الإجماع جانباً، لا يمكن إنكار الشهرة.


[1] الوسائل، ج 9، باب 34، من أبواب طواف، حدیث 9 .
[2] الوسائل 9، باب 36، من أبواب الطواف الحديث 13.
[3] الوسائل 9، باب 36، من أبواب الطواف الحديث 15.
[4] الوسائل 9، باب 36، من أبواب الطواف الحديث 16.
[5] الوسائل 9، باب 36، من أبواب الطواف الحديث 1.
[6] الوسائل 9، باب 36، من أبواب الطواف الحديث 2.
[7] الوسائل 9، باب 36، من أبواب الطواف الحديث 11.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo