< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/03/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: زيادة شوط سهواً في طواف الفريضة
 البحث في المسألة الثامنة عشرة من مسائل الطواف، وقد وصل بنا البحث إلى الفرع القائل بأنه إذا أتى شخص بشوطٍ زائد سهواً، فعلى فتوى المشهور والروايات الكثيرة، يجب عليه الإتيان بستة أشواط ليتم أربعة عشر شوطاً.
 بقي هنا أمور:
 الأمر الأول: هل الإتيان بستة أشواط واجب أو مستحب؟
 وبعبارةٍ أخرى، هل الواجب السبعة أشواط الأول أو السبعة أشواط الأُخر؟
 إذا قلنا: أن الزيادة واجبة فهذا يعني إن الواجب هو الأشواط السبعة الأُخر، وإذا قلنا بأن الزيادة مستحبة فيكون الواجب هو الأشواط السبعة الأول.
 الأقوال:
 هنا اختلاف في آراء الفقهاء في المسألة يقول صاحب الرياض: صريح هذه الرواية (رواية فقه الرضا (عليه السلام) وهي ليست في الوسائل، ولكن نقلها صاحب المستدرك) وظاهر بعض الصحاح المتقدمة كون الطواف الثاني الفريضة والأول النافلة كما عن والد الصدوق والاسكافي وهو ظاهر العبارة (عبارة متن الرياض هو مختصر النافع وكتاب الرياض شرح له).
 خلافاً للفاضل (العلامة) والشهيدين فجعلوا الثاني النافلة وجوزوا قطعه (يعني إذا كان الثاني مستحباً يمكن قطع الطواف وعدم الإتمام، وإذا كان واجباً فإنه لا يمكن قطع الطواف، بناءً على هذا فإننا لا نرى أهمية لقصد الوجوب والاستحباب.
 ولكن تظهر الثمرة من الوجوب والاستحباب في جواز القطع وعدم جوازه [1] .
 يقول صاحب المستند، ثم إنه هل يكون الفريضة هو الطواف الأول كما حكى عن الفاضل والشهيدين أو الثاني كما حُكي عن الصدوق (في الرياض أنها نقلت عن والد الصدوق) والاسكافي وهو ظاهر النافع، الأظهر الثاني وفاقاً لبعض من تأخر [2] .
 يقول صاحب الجواهر: ثم ان الفاضل و الشهیدان قد صرحوا باستحباب الاکمال الذی مقتضاه کون الثانی هو النافلة بل هو ظاهر المصنف (صاحب الشرائع) و غیره ممن عدّه فی ذکر المندوبات و حینئذ یجوز قطعه خلافا للمحکی عن الصدوق و ابنی الجنید و السعید من کون الثانی هو الفریضة [3] .
 الدليل:
 دليل القائلين بأن الطواف الأول هو الطواف الواجب.
 أولاً: إن هذا القول على مقتضى القاعدة لأن القاعدة تقول: إن الطواف كان بنية الوجوب، والعدول هو خلاف القاعدة، وزيادة شوط خطأ ليس دليلاً على إن يصبح الطواف الواجب مستحباً.
 خصوصاً إن زيادة شوط كان سهواً، ومن البعيد أن نقول إن الشوط الأول كان سهواً، والأشواط الستة الباقية كانت واجبة.
 وبعبارة أخرى: الإجماع قائم على أن الطوافين ليسا بواجبين، وبناءً عليه فإن أحد الطوافين واجب والآخر مستحب، وعلى حسب القاعدة والترتيب يجب أن يكون الأول واجباً والآخر مستحباً.
 ثانياً: دلالة الرواية.
 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلَاءٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ طَافَ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ ثَمَانِيَةَ أَشْوَاطٍ قَالَ يُضِيفُ إِلَيْهَا سِتَّةً [4] .
 هذه الرواية صحيحة، كما فيها ارتكاز لدى السائل بأنّ طواف الفريضة كان الطواف الأول.
 عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَلَاءٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا (عليه السلام) قَالَ إِنَّ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ (عليه السلام) إِذَا طَافَ الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ ثَمَانِيَةَ أَشْوَاطٍ الْفَرِيضَةَ فَاسْتَيْقَنَ ثَمَانِيَةً أَضَافَ إِلَيْهَا سِتّاً وَ كَذَلِكَ إِذَا اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ سَعَى ثَمَانِيَةً أَضَافَ إِلَيْهَا سِتّاً [5] .
 هذه الرواية صحيحة أيضاً، يصرح الإمام (عليه السلام) في هذه الرواية بأن الطواف الأول هو طواف الفريضة (على عكس الرواية السابقة التي ذكرت طواف الفريضة على لسان الراوي).
 مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) رَجُلٌ طَافَ بِالْبَيْتِ ثَمَانِيَةَ أَشْوَاطٍ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ قَالَ فَلْيَضُمَّ إِلَيْهَا سِتّاً ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ [6] .
 تستند هذه الرواية على ارتكاز الراوي كذلك.
 مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ فِي آخِرِ السَّرَائِرِ نَقْلًا مِنْ نَوَادِرِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْبَزَنْطِيِّ عَنْ جَمِيلٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (علیه السلام) عَمَّنْ طَافَ ثَمَانِيَةَ أَشْوَاطٍ وَ هُوَ يَرَى أَنَّهَا سَبْعَةٌ ... قَالَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لِلْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَإِذَا رَجَعَ مِنْ طَوَافِهِ بَيْنَهُمَا رَجَعَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لِلْأُسْبُوعِ الْآخَرِ [7] .
 ظاهر (الأسبوع الآخر) هو الطواف الثاني، وبناءً عليه تكون ركعتي طواف الفريضة متعلقة بالطواف الأول.
 أما القائلين بالقول الثاني أي طواف الفريضة هو الطواف الثاني:
 دليلهم الأول: ظهور الأمر في قوله (عليه السلام) (يضيف إليها) فإن ظاهرها الوجوب.
 الدليل الثاني: الاستدلال بالروايات.
 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ إِنَّ عَلِيّاً (عليه السلام) طَافَ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ ثَمَانِيَةً فَتَرَكَ سَبْعَةً وَ بَنَى عَلَى وَاحِدٍ وَ أَضَافَ إِلَيْهِ سِتّاً ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَهُمَا رَجَعَ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَرَكَ فِي الْمَقَامِ الْأَوَّلِ [8] .
 فَتَرَكَ سَبْعَةً وَ بَنَى عَلَى وَاحِدٍ (يعني ترك الأشواط السبعة وصرف النظر عنها كأنها لم تكن واجبة، وزاد شوطاً بعنوان أنها الطواف الواجب).
 فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَرَكَ فِي الْمَقَامِ الْأَوَّلِ يعني صلى الركعتين اللتين ترك في المقام الأول المتعلقة بالأشواط السبعة الأولى بعد السعي، وبناءً عليه فإن الركعتين اللتين أتى بهما بعد الأربعة عشر شوطاً هي الركعتين المتعلقتين بالطواف الثاني الواجب.
 والرواية صحيحة.
 قَالَ وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّ الْفَرِيضَةَ هِيَ الطَّوَافُ الثَّانِي وَ الرَّكْعَتَانِ الْأَوَّلَتَانِ لِطَوَافِ الْفَرِيضَةِ وَ الرَّكْعَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ وَ الطَّوَافُ الْأَوَّلُ تَطَوُّعٌ [9] .
 الرواية مرسلة، ويظهر أنها مأخوذة من روايات فقه الرضا (عليه السلام) التي سوف نشير إليها.
 عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سُئِلَ وَ أَنَا حَاضِرٌ عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ ثَمَانِيَةَ أَشْوَاطٍ ... ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَطَافَ بَيْنَهُمَا فَإِذَا فَرَغَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَاوَيْنِ فَكَانَ طَوَافَ نَافِلَةٍ وَ طَوَافَ فَرِيضَةٍ [10] .
 يظهر أنها كانت بالترتيب، الطواف الأول نافلة، والطواف الثاني فريضة.
 فِقْهُ الرِّضَا، (عليه السلام) فَإِنْ سَهَوْتَ فَطُفْتَ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ ثَمَانِيَةَ أَشْوَاطٍ فَزِدْ عَلَيْهَا سِتَّةَ أَشْوَاطٍ ... وَ اعْلَمْ أَنَّ الْفَرِيضَةَ هُوَ الطَّوَافُ الثَّانِي وَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ لِطَوَافِ الْفَرِيضَةِ وَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ لِلطَّوَافِ الْأَوَّلِ وَ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ تَطَوُّعٌ [11] .
 دلالة الرواية واضحة وسوف نبدي رأينا في إن شاء الله الجلسة القادمة كما أنها بقيت ثلاثة أمور يجب معالجتها وهي عبارة عن:
 الأمر الأول: هل تصلي صلاة الطواف بشكلٍ متصل أو واحد، بعد الطواف وأخرى بعد السعي؟ وأي من الركعتين يتعلق بالطواف الأول وأيهما الطواف الثاني؟
 الأمر الثاني: إذا زاد شخص بدلاً من شوطٍ شوطين أو ثلاثة، فهل تجري نفس الأحكام.
 الأمر الثالث: ما هو حكم من تعمد زيادة شوط؟


[1] الریاض، ج 7، ص 38.
[2] المستند، ج 12، ص 95.
[3] الجواهر، ج 19، ص 367.
[4] الوسائل، ج 9، أبواب طواف، باب 34، حدیث 8.
[5] الوسائل، ج 9، أبواب طواف، باب 34، حدیث 10.
[6] الوسائل، ج 9، أبواب طواف، باب 34، حدیث 13.
[7] الوسائل، ج 9، أبواب طواف، باب 34، حدیث 16.
[8] الوسائل، ج 9، أبواب طواف، باب 34، حدیث 7.
[9] الوسائل، ج 9، أبواب طواف، باب 34، حدیث 14.
[10] الوسائل، ج 9، أبواب طواف، باب 34، حدیث 15.
[11] المستدرك، باب 24، من أبواب طواف، حدیث 2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo