< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/04/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم قطع الطواف
 كان البحث في المسألة العشرين من مسائل الطواف وهي عن حكم من قطع الطواف مع فوت الموالاة.
 السيد الماتن قال بالاحتياط إذا ما كان قطع الطواف بعد النصف فيكمل طوافه ثم يعيده، قلنا إن مفهوم كلامه هو أنه إذا قطع الطواف قبل النصف فعليه الإعادة أيضاً.
 وقد عرضنا روايات الطائفة الأولى. والروايات تصرح بأنه إذا تجاوز النصف أو الشوط الرابع فيرجع ثم يتم الطواف والذي أتى به يكون صحيحاً.
 وهذه الروايات بعضها تحدثت بشكلٍ صريح عما بعد الشوط الرابع، والبعض الآخر تحدثت عن إنه إذا تجاوز الشوط الرابع فلا إعادة بمعنى إذا كان قبل النصف فعليه الإعادة.
 الطائفة الثانية:
 وهي طائفة الروايات المطلقة والتي تحكم بكمال ما أتى به، فإنها بإطلاقها تشمل ما قبل النصف وما بعده وظاهر هذه الروايات إن الإمام (عليه السلام) في مقام البيان، وهو لم يفصل بين ما قبل النصف وما بعده.
 مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) الرَّجُلُ يَأْتِي أَخَاهُ وَ هُوَ فِي الطَّوَافِ فَقَالَ يَخْرُجُ مَعَهُ فِي حَاجَتِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ وَ يَبْنِي عَلَى طَوَافِهِ [1] .
 الرواية في مورد قضاء حاجة المؤمن، وهي مطلقة، من دون تفصيل.
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ شِهَابٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ كَانَ فِي طَوَافِ الْفَرِيضَةِ فَأَدْرَكَتْهُ صَلَاةُ فَرِيضَةٍ قَالَ يَقْطَعُ الطَّوَافَ وَ يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ ثُمَّ يَعُودُ فَيُتِمُّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ طَوَافِهِ [2] .
 المراد من هشام، هشام بن سالم، لا هشام بن الحكم، وهو ثقة كما في كتب الرجال، والرواية في مورد صلاة الفريضة.
 عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ كَانَ فِي طَوَافِ النِّسَاءِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ قَالَ يُصَلِّي مَعَهُمُ الْفَرِيضَةَ فَإِذَا فَرَغَ بَنَى مِنْ حَيْثُ قَطَعَ [3] .
 في هذه الرواية لا خصوصية لطواف النساء، في بعض النسخ مكان طواف النساء ذكر طواف الفريضة. وتدل هذه الرواية على إن الصلاة مع أهل السنّة لا إشكال فيها وهي مبرئَ للذمة.
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ (إمام کاظم علیه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي الطَّوَافِ قَدْ طَافَ بَعْضَهُ وَبَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُهُ فَطَلَعَ الْفَجْرُ (الفجر الكاذب أو إن الفجر كان يلوح بالأفق) فَيَخْرُجُ مِنَ الطَّوَافِ إِلَى الْحِجْرِ (حجر إسماعيل) أَوْ إِلَى بَعْضِ الْمَسْجِدِ إِذَا كَانَ لَمْ يُوتِرْ فَيُوتِرُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُتِمُّ طَوَافَهُ أَفَتَرَى‌ ذَلِكَ أَفْضَلَ أَمْ يُتِمُّ الطَّوَافَ ثُمَّ يُوتِرُ وَإِنْ أَسْفَرَ بَعْضَ الْإِسْفَارِ قَالَ ابْدَأْ بِالْوَتْرِ وَاقْطَعِ الطَّوَافَ إِذَا خِفْتَ ذَلِكَ ثُمَّ أَتِمَّ الطَّوَافَ بَعْدُ [4] .
 الرواية في مورد صلاة الوتر، ومن الواضح إن من يريد أن يصلي صلاة الوتر مع مستحباتها فإن الموالاة تفوت لا محالة، رغم ذلك فإن الإمام (عليه السلام) حكم بالبناء بشكل مطلق.
 مع أن هذه النقطة كانت مسلمة في ارتكاز الراوي بأنه إذا أراد أن يصلي صلاة الوتر وأن يقطع الطواف فلا حاجة لإعادة الطواف، وهذا النقطة تقوي دلالة الرواية أكثر فأكثر.
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) الرَّجُلُ يُعْيِي فِي الطَّوَافِ (يتعب) أَلَهُ أَنْ يَسْتَرِيحَ قَالَ نَعَمْ يَسْتَرِيحُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَبْنِي عَلَى طَوَافِهِ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي سَعْيِهِ وَ جَمِيعِ مَنَاسِكِهِ [5] .
 الرواية في مورد الاستراحة. وما يرد عليها أنه يمكن أن لا تكون الاستراحة المقصودة بحد تفوت بها الموالاة نعم يمكن التمسك بإطلاق الرواية لتدخل بذلك حالة فوات الموالاة أيضاً.
 الطائفة الثالثة:
 وهي الروايات التي تصرح بالإعادة إذا كان القطع قبل النصف، ثلاث روايات منها في خصوص ثلاثة أشواط وفي مورد دخول الكعبة، وهذه الروايات هي عبارة عن صحيحة الحلبي ومرسلة ابن مسكان وصحيحة عمران الحلبي.
 والرواية الرابعة وهي التي لا ترتبط بدخول الكعبة:
 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي رَجُلٍ طَافَ شَوْطاً أَوْ شَوْطَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ مَعَ رَجُلٍ فِي حَاجَتِهِ قَالَ إِنْ كَانَ طَوَافَ نَافِلَةٍ بَنَى عَلَيْهِ وَ إِنْ كَانَ طَوَافَ فَرِيضَةٍ لَمْ يَبْنِ [6] .
 الرواية صحيحة، والإمام (عليه السلام) يصرح بأنه في طواف الفريضة لا يبني على ما مضي، ويعيد من جديد.
 نعم الرواية في قضاء حاجة المؤمن وهي تتحدث عما إذا كانت الأشواط أقل من النصف.
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِذَا طَافَ الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ اشْتَكَى (مریض) أَعَادَ الطَّوَافَ يَعْنِي الْفَرِيضَةَ [7] .
 الرواية صحيحة سنداً.
 الطائفة الرابعة:
 والروايات فيها تتحدث عن الإتمام حتى لو كان القطع قبل النصف (فهي تعارض الطائفة الثالثة).
 عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ مُظَاهِرٍ قَالَ ابْتَدَأْتُ فِي طَوَافِ الْفَرِيضَةِ فَطُفْتُ شَوْطاً وَاحِداً فَإِذَا إِنْسَانٌ قَدْ أَصَابَ أَنْفِي فَأَدْمَاهُ فَخَرَجْتُ فَغَسَلْتُهُ ثُمَّ جِئْتُ فَابْتَدَأْتُ الطَّوَافَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَقَالَ بِئْسَ مَا صَنَعْتَ كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَبْنِيَ عَلَى مَا طُفْتَ ثُمَّ قَالَ أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْ‌ءٌ [8] .
 إن الإمام (عليه السلام) في هذه الرواية يحكم بوجوب الإتمام، ثمّ يضيف أن لا إشكال في الإعادة ثانية.
 الجمع بين الروايات:
 يمكن حمل الروايات المطلقة على المقيدة، إنّ الروايات التي تتحدث من أنه لا إعادة بعد النصف أو تتحدث عن الإعادة قبل النصف هي روايات تقيد الروايات المطلقة.
 على هذا فإن الطائفة الأولى والثالثة تقيد إن الطائفة الثانية.
 بقيت الطائفة الرابعة التي تعارض الطائفة الأولى حتى في المفهوم، كما أنها تعارض الطائفة الثالثة كذلك.
 والجمع الدلالي كالآتي:
 يمكن الإتمام قبل النصف، والروايات التي تذكر وجوب الإعادة نحملها على الاستحباب.
 والطريق الآخر هو إن الروايات التي تفرق بين الأقل من النصف والأكثر منه كثيرة (روايات الطائفة الأولى والثالثة) وعليه نضع روايات الطائفة الرابعة جانباً.
 على هذا الأساس لا نعمل بالجمع الدلالي الذي ذكرناه سابقاً خصوصاً إن التفصيل بين قبل النصف وبعده يجري في أبواب الطواف الأخرى، والتفصيل المذكور أصبح معروفاً في المواضع أخرى.
 كما أن هذا التفصيل يجري في السعي أيضاً، ولا يمكن تركه بسهولة، وحمل كل هذه الروايات على الاستحباب.
 ومن هنا نحن خلافاً للسيد الماتن لا نقول بالاحتياط بل نقول: إذا فأتت الموالاة في الأكثر من النصف يتم، وفي الأقل من النصف يعيد.
 مع ذلك يمكن طرح إشكال، وهو أن الروايات المذكورة وردت في موارد خاصة، مثل الوتر، صلاة الجماعة، حاجة المؤمن، المرضى، المرأة الحائض، وأمثالها، ولا يمكن أن تسري للموارد الأخرى كما هو الحال القطع لا لغرضٍ معتد به حيث لا يجوز القطع.
 الجواب:
 إن العرف في هذه الموارد يتوجه إلى القدر الجامع، ولا يقول بأن لهذه الموارد خصوصية، فانه يضع هذه الخصوصيات جانباً، ويركز على فوات الموالاة في الطواف فقط.
 


[1] وسائل الشیعة، ج 9، باب 42 من ابواب طواف، حدیث 1.
[2] وسائل الشیعة، ج 9، باب 43 من ابواب طواف، حدیث 1.
[3] وسائل الشیعة، ج 9، باب 43 من أبواب طواف، حدیث 2.
[4] وسائل الشیعة، ج 9، باب 44 من أبواب طواف، حدیث 1.
[5] وسائل الشیعة، ج 9، باب 46 من أبواب طواف، حدیث 1.
[6] وسائل الشیعة، ج 9، باب 41 من أبواب طواف، حدیث 5.
[7] وسائل الشیعة، ج 9، باب 45 من أبواب طواف، حدیث 1.
[8] وسائل الشیعة، ج 9، باب 41 من أبواب طواف، حدیث 2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo