< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/04/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 بحث اخلاقي
 بينا في الجلسة السابقة في البحث الأخلاقي الرواية الواردة عن الإمام الهادي (عليه السلام): إِذَا كَانَ زَمَانٌ الْعَدْلُ فِيهِ أَغْلَبُ مِنَ الْجَوْرِ فَحَرَامٌ أَنْ يَظُنَّ بِأَحَدٍ سُوءاً حَتَّى يَعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ وَ إِذَا كَانَ زَمَانٌ الْجَوْرُ أَغْلَبُ فِيهِ مِنَ الْعَدْلِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَظُنَّ بِأَحَدٍ خَيْراً مَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ مِنْه [1] .
 ما لم يعلم ذلك منه وفي تتمة قوله (عليه السلام) رواية أخرى قريبة المضمون من الرواية السابقة وقال (عليه السلام) للمتوكل في جواب كلام ـ لم يرد في الحديث الذي دار بين الإمام (عليه السلام) والمتوكل، ولكن ممكن أن يعلم من الحديث إن المتوكل سأل الإمام (عليه السلام) ـ : لماذا قلبك ليس صاف معناً؟
 وفي جوابه ذكر الإمام (عليه السلام) العبارة الموجودة في الرواية والذي يقول فيها: لَا تَطْلُبِ الصَّفَا مِمَّنْ كَدَرْتَ عَلَيْهِ (أسأت الظن به) وَ لَا الْوَفَاءَ لِمَنْ غَدَرْتَ وَ لَا النُّصْحَ مِمَّنْ صَرَفْتَ سُوءَ ظَنِّكَ إِلَيْهِ، ثم يضيف الإمام (عليه السلام) ذلك الكلام المشهور: فَإِنَّمَا قَلْبُ غَيْرِكَ كَقَلْبِكَ لَهُ [2] .
 ويشير الإمام (عليه السلام) في هذه العبارة إلى مسألة عالجها علمي النفس الاجتماع وهي إذا أردنا أن نجعل قلوب الناس معنا صافية، فيجب أولاً أن نسعى أن تكون قلوبنا مع الناس صافية.
 إذا كنا نتمنى السوء للناس فلا يمكن أن ننتظر من الناس أن يتمنوا لنا الخير.
 وبعبارة أكثر شفافية، إن إصلاح الناس يبدأ بإصلاح أنفسنا، يعني أولاً نصلح أنفسنا، ونصفي قلوبنا مع الناس، وبعدها نبدأ بإصلاح الناس ونسعى لنصفي قلوبهم معنا.
 يقترح أعداؤنا في بعض الأوقات التفاوض والتعاون معنا، ومع ذلك فهم يظهرون لنا العداوة، فكيف يمكن أن تصفو قلوبنا معهم؟ في هذه المواضع علينا أن نسيء الظن بهم، ولا يجب أن نثق بالمرونة الظاهرية التي يبدونها في أوقاتٍ خاصة من التفاوض وطلب التعاون.
 * * *
 عنوان البحث الفقهي: حكم قطع الطواف
 كان البحث في المسألة العشرين من الطواف، وقد أوضحنا أصل المسألة، والآن نشير إلى أمور:
 الأمر الأول: يقول صاحب المستند بحزم: في جميع الروايات التي أشارت إلى البناء على ما سبق يمكن تركه والإعادة من جديد يقول: هل یجزی الاستئناف حیث یحکم بالبناء، لا ینبغ الریب فیه لصدق الامتثال [3] .
 وهذا هو نفس المبنى الذي اتخذناه سابقاً وهو أنه إذا استأنف أحد الطواف فقد أمتثل أمر المولى.
 نعم، فإنه قد يخامره الشك فقط، فهل الذي أديته مانع أو لا؟ فتجري أصالة البراءة وعدم المانعية.
 على كل حال فإن أمر أداء سبعة أشواط إنما يسقط عند أداء كل الأشواط السبعة. والشارع في بعض الموارد أمر بالبناء على ما مضى للتسهيل على المكلفين ولكن يمكنه عدم العمل به.
 وعليه فالذي يأتي بأربعة أشواط فليس لهذه الأشواط الأربعة أمر مستقل، فهو بسهولة يمكنه الإعادة من جديد ويأتي بسبعة أشواط امتثالاً لأمر المولى.
 يدعي صاحب المدارك في مسألة البحث السابق بأن الأصحاب يقولون بالتفصيل بين الأربعة أشواط والأقل من الأربعة.
 قال صاحب الحدائق عند نقل كلامه: قال فی المدارك بعد الاستدلال علی ما ذکره المصنف من التفصیل: ان هذا الحکم مقطوع به فی کلمات الأصحاب [4] .
 وهذا نفس الأمر الذي توصلنا إليه وقلنا إن الروايات الدالة على التفصيل لها شهرة روائية، ويستفاد من كلام صاحب المدارك أن القول بالتفصيل له شهرة فتوائية علاوة على الشهرة الروائية.
 الأمر الثاني: لم يتعرض السيد الماتن إلى هذا الفرع. وهو إذا أراد أحد أن يبني على ما سبق (في الموارد التي يكون البناء فيها صحيحاً) فهل يجب أن يبدأ من الحجر الأسود أو يمكن أن يكمل من نفس المكان الذي قطع منه؟
 في هذا المورد ثلاثة أقوال:
 1ـ البدء من المكان الذي قطع منه.
 2ـ البدء من الحجر الأسود.
 3ـ التخيير.
 يشير صاحب المستند إلى هذا الأقوال الثلاثة فيقول: حیث ما یبنی، هل یبنی بموضع القطع او من الرکن (حجر الأسود) الأظهر الأول و منهم من قال بالتخییر (يظهر أن مراده صاحب الرياض) و احتاط فی التحریر و المنتهی بالثاني [5] .
 بعدها يضيف المحقق النراقي بأن هذا الاحتياط على خلاف الاحتياط لأنه يؤدي إلى الزيادة في الفريضة.
 نقول:
 جاء في عدة روايات أنه يضع علامة حيث يقطع ثم يبدأ من ذلك المكان.
 جاء في الرواية يعلّم موضع القطع [6] ، يعني يعلّم في باله موضع القطع.
 وجاء في ثلاث روايات من حيث ما قطع [7] .
 الأمر الثالث: هو ما ذهبنا إليه من التفصيل بين ما قبل الشوط الرابع وما بعده في طواف الفريضة وأما في طواف النافلة له أن يكمل من حيث قطع، ودليله الروايات الواردة في هذا الشأن.
 أضف إلى ذلك: الروايات المطلقة الكثيرة والتي تشير إلى البناء على ما سبق مطلقاً والتي تدل بدورها على المدعى، فإنها لا تخصص بالنسبة طواف النافلة، وأن خصصت بطواف الفريضة فقط، لأنه إذا كان قبل النصف في طواف الفريضة، فلا يمكنه البناء على ما مضى، وعليه أن يعيد من جديد وأما إذا كان بعد النصف فله أن يكمل.


[1] بحار الأنوار، ج 75.
[2] نفس المصدر.
[3] المستند، ج 12، ص 112.
[4] الحدائق، ج 16، ص 221.
[5] المستند، ج 12، ص 112.
[6] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب طواف، باب 85 روایة 1 و 2.
[7] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب طواف، باب 41 روایة 6 و 10 و باب 43، حدیث 2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo