< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/04/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم الشك في الطواف بعد الانصراف
 البحث في المسألة الثانية والعشرين من مسائل الطواف وهي في حكم الذي يشك في الأجزاء أو الشرائط بعد الفراغ من الطواف.
 قلنا لا يجب في كلا الموردين الاعتناء بالشك، وقد ذكرنا ثلاثة أدلة لهذا المدعى.
 والدليل الثالث: هو الروايات الواردة في خصوص باب الطواف والشك في الطواف، وقد قرأنا في ثلاث روايات والآن نبدأ بالرواية الرابعة:
 عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ فَلَمْ يَدْرِ سِتَّةً طَافَ أَمْ سَبْعَةً قَالَ يَسْتَقْبِلُ قُلْتُ فَفَاتَهُ ذَلِكَ (يعني شك بعد الفراغ من العمل) قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ [1] .
 الرواية صحيحة، ورغم أنّها مضمرة ولم يذكر فيها اسم الإمام (عليه السلام)، ولكن من الواضح بأنه يروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أو الإمام الصادق (عليه السلام) مهما كان هناك في إحدى روايتي منصور بن حازم التي قرأناها بالأمس، مطلباً لا يمكن القبول به، والرواية.
 عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِنِّي طُفْتُ فَلَمْ أَدْرِ أَسِتَّةً طُفْتُ أَمْ سَبْعَةً فَطُفْتُ طَوَافاً آخَرَ فَقَالَ هَلَّا اسْتَأْنَفْتَ قُلْتُ طُفْتُ وَ ذَهَبْتُ قَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْ‌ءٌ [2] .
 في الرواية يقول الراوي أني شككت في الأثناء فهل طفت ستة أو سبعة وهو لم ينتهِ من عمله بعد، وهذا الشك يوجب البطلان، لأنه على هذه الحالة فقد زاد شوطاً. والإمام يقول كذلك: هلا استأنفت بعدها؟ يقول الراوي: طفت وخرجت من الطواف، فيرد عليه الإمام (عليه السلام) لا شيء عليك.
 فكيف يكون طوافه صحيحاً؟ ولماذا حكم الإمام بصحة طوافه؟
 نقول: الظاهر إن هذه الرواية هي نفس الرواية الثامنة المنقولة عن منصور بن حازم ولكن لم يرد فيها. فقرة فَطُفْتُ طَوَافاً آخَرَ.
 عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ طَافَ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ فَلَمْ يَدْرِ سِتَّةً طَافَ أَمْ سَبْعَةً قَالَ فَلْيُعِدْ طَوَافَهُ قُلْتُ فَفَاتَهُ قَالَ مَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئاً وَ الْإِعَادَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَ أَفْضَلُ [3] .
 بناء على هذا، يظهر إن الروايتين به رواية واحدة، والرواية الصحيحة هي هذه الرواية ولكن النساخ أو الرواة أضافوا إلى الرواية بالخطأ الجملة الثالثة فأصبحت الرواية بلا معنى.
 بقي هنا أمور:
 الأمر الأول: يظهر من الأصحاب وأقوالهم أن الشك بعد الفراغ من الطواف لا أهمية له، سواءً الشك في الزيادة أو النقيصة ولكن السيد الماتن فصل فإذا كان الشك في الزيادة وبعد الانصراف فلا يعتني بشكه، ولكن إذا كان الشك في النقيصة وبعد الانصراف فعليه بالاحتياط فيعود فيكمل أشواطه، ثم يعيد الطواف من جديد.
 في اعتقادنا إن السيد الماتن قد أشار إلى مطلبٍ مهم وهو إذا كان الشك بعد النصف فعليه أن يعود فيتم حتى ولو فاتت الموالاة. لذا فإن الانصراف من الطواف لا معنى له: لأن ملف الطواف مفتوح، ويمكن استدراكه.
 وبعبارة أخرى، لا يحصل الفراغ للشخص المذكور ولا تجري قاعدة الفراغ.
 إن قلت: إذا كان احتياط السيد الماتن ـ وهو وجوبي ـ ناظراً إلى تجاوز النصف، فكان يحسن من السيد الماتن أن يشير إلى ذلك فيقول: إن حكم ما قبل النصف ليس له نفس حكم ما بعده، ولكن لماذا السيد الماتن لم يذكر هذا التفصيل؟
 قلت: في العادة لا يقع الشك بأقل من أربعة لأنه لا يشك أحد أبعد الطواف بأنه طاف سبعاً أو أقل من أربع مهما كان أحد طرفي الاحتمال الإتمام، يعني يحتمل طواف سبعة أشواط، وإلا إذا تيقن أنه لم يأتٍ بسبعة أشواط فإنه ليس محلاً للبحث، فقول الإمام (عليه السلام) في الروايات: ما أرى عليه شيئاً، بمعنى أنه يحتمل إتمام السبعة أشواط.
 على هذا يرد على بيان السيد الماتن اشكالان، الأول: جاء في الروايات فاته ذلك بمعنى دخل في عملٍ آخر وقد حصل الفراغ، وأغلق ملف الطواف، فلا يمكن القول بأن ملف الطواف ما زال مفتوحاً، فالفراغ حاصل ولو بعد النصف.
 إلاّ إن العبارة المذكورة من عبارة الراوي، ولكن الإمام (عليه السلام) قبل كلامه، وقد حكم بصحة طوافه وعدم الاعتناء بشكه.
 لا يشكل إن هذه الرواية معارضة للرواية التي تقول إذا كان الشك يعد تجاوز النصف فليتم.
 لأنه يجاب: إن هذه الرواية أخص وهي تخصص تلك الرواية وتقول: بعد الانصراف من العمل لا يعتنى بالشك.
 الإشكال الثاني: إذا كان ملف الطواف ما زال مفتوحاً، فلماذا يفت السيد الماتن بإكمال الطواف، ولماذا احتاط بوجوب الإكمال ثم الإعادة من جديد؟
 فالحق مع المشهور، بأنه بعد الطواف لا يعتنى بالشك في الزيادة والنقيصة. فنحن لم نجد في كلمات الأصحاب من قال بالاحتياط في الشك في النقيصة.
 الأمر الثاني: كيف يحصل الفراغ من العمل؟
 فهل يحصل الفراغ بالدخول في عملٍ آخر مثل الدخول في صلاة الطواف أو الدخول في عمل غير عبادي مثل: الأكل وأمثالها، أو إن حصول الفراغ لا يشترط فيه الدخول في عملٍ بل يكفي الانتهاء منه وقصد الانصراف. مثلاً: بعد إتمام السبعة أشواط فيحصل الفراغ بقصد الانصراف، فقصد الانصراف هذا يؤدي إلى حصول الفراغ.
 أم لا يلزم حتى قصد الانصراف فيحصل الطواف بالانتهاء الطواف من الطواف وحصول الصورة الذهنية لذلك.
 نقول: هناك اختلاف كبير في باب قاعدة الفراغ والتجاوز في كيفية حصول الفراغ وهناك خمس نظريات لذلك:
 البعض يقول يلزم الدخول في الغير والبعض يقول: لا يلزم الدخول في الغير واللازم هو الفراغ من العمل.
 والبعض يقول: بالتفريق بين قاعدة التجاوز والفراغ (الذين يقولون إن قاعدة التجاوز تتعلق بالأجزاء وقاعدة الفراغ تتعلق بالشرائط) وفي التجاوز يشترط الدخول في الغير، ولكن في الفراغ لا يشترط الدخول في الغير.
 وهناك قولان يفرقان بين العبادات وغير العبادات.
 وقد بحثنا هذه البحوث بشكل تفصيلي في القواعد الفقهية.
 والذي استفدناه من الأدلة إن هو كفاية إنهاء العمل، وأنه لا يشترط الدخول في الغير.
 جاء في الروايات كل ما مضى من صلاتك وطهورك، أو (فاته)، وإذا كانت بعض الروايات قد ذكرت الدخول في الغير مثل لو شك في القراءة ودخل في الركوع، فإنه من باب بيان المصداق لا شرطية الدخول في الغير.
 خصوصاً إن إحدى الروايات قد ذكرت ما يشبه العلة وذلك في قوله (عليه السلام) هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك، وهذا التعليل ينصرف إلى إنهاء العمل، وعدم شرطية الدخول في عملٍ آخر.


[1] وسائل الشيعة، ج 9، باب 33 من أبواب الطواف، حديث 10.
[2] وسائل الشيعة، ج 9، باب 33 من أبواب الطواف، حديث 3.
[3] وسائل الشيعة، ج 9، باب 33 من أبواب الطواف، حديث 8.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo